عودة التصعيد إلى شمال غربي سوريا

موسكو وأنقرة استأنفتا الدوريات المشتركة على طريق حلب ـ اللاذقية

TT

عودة التصعيد إلى شمال غربي سوريا

استأنفت القوات التركية والروسية الدوريات المشتركة على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4) بعد حوالي 3 أسابيع من توقفها بسبب رفض الجانب الروسي المشاركة فيها قبل أن تقوم القوات التركية بتأمين مسار الدوريات.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن القصف الصاروخي من قبل قوات النظام «تجدد على مناطق في بلدات وقرى ضمن جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، ومناطق أخرى في تل واسط وقسطون والزيارة بسهل الغاب شمال غربي حماة، عقب انتهاء الدورية المشتركة بين الروس والأتراك، في حين قصفت الفصائل وهيئة تحرير الشام، مواقع لقوات النظام في معرة النعمان جنوب إدلب، ومعسكر جورين بريف حماة الغربي». وجاء تسيير الدورية وسط تصاعد التوتر والقصف والاستهدافات المتبادلة بين القوات التركية وفصائل المعارضة السورية المسلحة من جانب وقوات النظام والمجموعات الموالية لها من جانب آخر، في محاور إدلب الجنوبية والشرقية.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس (الأربعاء)، إن القوات التركية والروسية سيرت دورية انطلقت من قرية ترنبة في ريف سراقب شرق إدلب ووصلت إلى عين حور، وهي آخر نقطة تسيطر عليها فصائل المعارضة، بمشاركة عناصر برية وجوية من الجانبين.
واستكملت الدورية المسار المحدد في اتفاق موسكو لوقف إطلاق النار في إدلب الموقع بين روسيا وتركيا في 5 مارس (آذار) الماضي، الذي بموجبه بدأ تسيير الدوريات المشتركة في 15 من الشهر ذاته. وسيرت القوات التركية في 29 يوليو (تموز) الماضي، دورية منفردة على الطريق «إم 4» بعد رفض القوات الروسية، مرتين، تسييرها قبل أن تلتزم تركيا بتنفيذ تعهداتها بموجب اتفاق موسكو بتأمين مسار الدوريات، وذلك بعد أن تعرضت دورية سابقة لتفجير عبوة ناسفة ما أسفر عن إصابة 3 جنود روس وعدد آخر من الجنود الأتراك.
وقبل انطلاق الدورية، قصفت قوات النظام، صباح أمس، مناطق في قرية دوير الأكراد بريف حماة الشمالي الغربي، ومناطق في بلدات وقرى جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.
وانتشرت قوات تركية بأعداد كبيرة على طول مسار الدورية المشتركة قبل انطلاقها وقامت بتمشيط وتأمين مسارها.
وتجدد القصف الصاروخي من قبل قوات النظام على مناطق في بلدات وقرى ضمن جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، ومناطق أخرى في تل واسط وقسطون والزيارة بسهل الغاب شمال غربي حماة، عقب انتهاء الدورية المشتركة التركية الروسية.
وقصفت الفصائل السورية وهيئة تحرير الشام، مواقع لقوات النظام في معرة النعمان جنوب إدلب، ومعسكر جورين بريف حماة الغربي، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. كما قصفت القوات التركية تمركزاً لقوات النظام في مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، الليلة قبل الماضية.
وقصفت قوات النظام قرية مجدليا ومحيطها شرق مدينة أريحا، ما تسبب بنشوب حرائق في الأحراش قرب طريق «إم 4» وقصفت أيضاً بلدة النيرب ومحيطها قرب الطريق ذاته، ما أدى إلى إصابة امرأة بجروح.
من جهته، قال الناشط الميداني بكار حميدي إن مجموعة من السيارات العسكرية وعددها 8 سيارات مصفحة تابعة للقوات التركية والروسية سيرت صباح الأربعاء دورية عسكرية مشتركة على طول الطريق الدولي، كانت قد انطلقت الدورية من نقطة الترنبة بمنطقة سراقب والنيرب شرقي إدلب وواصلت الدورية مسيرها ذهاباً وإياباً، وصولاً إلى منطقة عين حور بالقرب من الحدود الإدارية لمحافظة اللاذقية غرب سوريا. وتزامن تسيير الدورية المشتركة مع تحليق مكثف للطيران الحربي الروسي وطائرات استطلاع حلقت في أجواء محافظة إدلب.
وأشار إلى أن الدورية سيرت عقب تصعيد عسكري من قبل قوات النظام تمثل بالقصف المدفعي والصاروخي استهدف مناطق البارة وكنصفرة في جبل الزاوية وبلدة النيرب جنوب وشرق إدلب، ما دفع فصائل المعارضة إلى استهداف مواقع عسكرية تابعة لقوات النظام بصاروخ موجه أدى إلى إصابة مجموعة من عناصر الأخيرة. وفي الأثناء استهدفت القوات التركية بقذائف المدفعية نقاطا عسكرية لقوات النظام والميليشيات الإيرانية في مدينة سراقب رداً على الخروقات والقصف الذي طال بلدات النيرب والبارة بريف إدلب.
ويأتي تسيير الدوريات الروسية والتركية ضمن إطار اتفاق موسكو المبرم في 5 مارس (آذار) الماضي، بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وجاء الاتفاق على خلفية المستجدات التي وقعت في إدلب، على إثر تصعيد شهدته المنطقة وبلغ ذروته بمقتل 33 جنديا تركيا في 27 فبراير (شباط) الماضي، جراء قصف جوي لقوات النظام السوري على منطقة «خفض التصعيد». أطلقت على أثره القوات التركية عملية «درع الربيع» ضد قوات النظام السوري في إدلب.
من ناحية أخرى، شنت القوات التركية والفصائل الموالية لها قصفا صاروخيا، أمس، استهدف قريتي كورس حسن وخربة البقر، الخاضعين لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وقوات النظام في ريف مدينة تل أبيض شمالي الرقة، في منطقة شرق الفرات. كما سمع دوي انفجار عنيف بعد منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء في محيط مدينة رأس العين الواقعة ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها فيما يعرف بمنطقة عملية «نبع السلام» في شرق الفرات.
وشهدت قرى ضمن مناطق «نبع السلام» في ريف الحسكة، اقتتالاً داخلياً بين مكونات الفصائل الموالية لتركيا، بسبب خلافها على توزيع المسروقات من منازل وممتلكات المواطنين في رأس العين وتل تمر، بحسب المرصد.
وسيرت الشرطة العسكرية الروسية، أمس، دورية منفردة مؤلفة من 8 مركبات قدمت من مدينة القامشلي وجابت قرى في ريف القحطانية بريف الحسكة، أقصى شمال شرقي سوريا قرب الحدود التركية، دون مشاركة القوات التركية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.