تعهدت الولايات المتحدة الأميركية بتقديم مزيد من الدعم لأفغانستان، وذلك في مبادرة منها لتعزيز الحوار بين حكومة كابول و«طالبان»، وهي أحد بنود الاتفاقية المبرمة بين الولايات المتحدة الأميركية والحركة المسلحة، التي وقعت بالدوحة في فبراير (شباط) الماضي. ووعد مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، في بيان صحافي أمس، بتقديم المساعدة في حال مضت الدولة التي مزقتها الحرب قُدماً في جهود السلام، من أجل مساعدة أفغانستان على تحقيق السلام والازدهار والاعتماد على الذات، بما في ذلك توسيع برامج التنمية الأميركية إلى المناطق التي كانت في السابق غير مخدومة، مؤكداً التزام بلاده بتقديم المساعدة الإنسانية للاستجابة لوباء «كوفيد-19»، والانضمام إلى مانحين آخرين في مؤتمر جنيف المقبل، لمناقشة أفضل السبل لدعم الشعب الأفغاني.
وتزامنت تصريحات بومبيو مع اجتماع مجلس شيوخ القبائل (لويا جيرجا) الذي يستمر لثلاثة أيام قد يتحدد خلالها مستقبل محادثات السلام في أفغانستان. فقد اجتمع ما لا يقل عن 3 آلاف زعيم من جميع طوائف المجتمع الأفغاني في «لويا جيرجا» للتشاور مع الرئيس أشرف غني بشأن إطلاق سراح 400 سجين من «طالبان» يوصفون بـ«الخطرين جداً». وقد حُكم على هؤلاء السجناء في جرائم قتل وتهريب للمخدرات وخطف، وجرائم كبرى أخرى، مثل تفجير السفارة الألمانية في عام 2017.
وستكون المشاورات حول مستقبل البلاد، وأيضاً المكاسب التي تحققت خلال الـ19 عاماً الماضية، على رأس القضايا التي سيتطرق إليها اجتماع «اللويا جيرجا». وقد تم إغلاق جميع الطرق المؤدية إلى موقع الاجتماع من قبل قوات الأمن.
بالإضافة إلى ذلك، تم إعلان يوم السبت عطلة رسمية في كابول. وسيجري المشاركون مشاورات حول طلب «طالبان» الإفراج عن 400 سجين من مقاتليها. وإذا تم منحهم الحرية، فستزول بذلك جميع الحواجز التي تحول دون الدخول في محادثات السلام المخطط لها بين الأطراف الأفغانية.
وما تبقى من سجناء الحركة المسلحة ما زال يشكل حجر عثرة للمفاوضات بين «طالبان» وحكومة الرئيس أشرف غني الذي قال إنه سيعرض مصير هؤلاء على المجلس لتقرير مصيرهم. وكانت حكومة غني قد أكدت أنها أفرجت عن 4600 سجين من «طالبان» مدرجين في قائمة مساجين «طالبان»، وذلك بضغط من واشنطن، فيما أعلنت «طالبان» عن إفراجها عن نحو ألف معتقل. ومع ذلك، يقاوم الرئيس الأفغاني بإطلاق سراح الـ400 شخص المتبقين في القائمة، زاعماً أنهم متورطون في جرائم خطيرة، بما في ذلك تفجير ضخم عام 2017 ضد السفارة الألمانية، وغيرها من الهجمات الدموية.
وأشاد بومبيو بالمشاركين في «اللويا جيرجا» الذي سيبحث مصير السجناء، معتبراً أن تلك الخطوة تعد العقبة الأخيرة أمام بدء المفاوضات بين الأفغان و«طالبان». وأفاد بومبيو بأن إطلاق سراح هؤلاء السجناء لا يحظى بشعبية، لكن هذا الإجراء الصعب سيؤدي إلى نتيجة مهمة لطالما سعى إليها الأفغان وأصدقاء الأفغان للحد من العنف، وإجراء المحادثات المباشرة التي تؤدي إلى اتفاق سلام وإنهاء الحرب.
وحث بومبيو الرئيس الأفغاني أشرف غني، والدكتور عبد الله عبد الله رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية، والقادة الأفغان الآخرين، بمن فيهم المشاركون في «اللويا جيرجا»، على الاستفادة من هذه الفرصة التاريخية من أجل سلام يفيد جميع الأفغان، ويسهم في الاستقرار الإقليمي والأمن العالمي، مشدداً على أن التهديدات الإرهابية في أفغانستان يجب ألا تشكل مرة أخرى تهديداً للولايات المتحدة وحلفائها، قائلاً: «نحن على استعداد للحفاظ على مساعدة أمنية كبيرة لشركائنا في الأمن الأفغاني لتحقيق هذا الهدف»، وأضاف: «في حين أن مستقبل أفغانستان يقرره الأفغان أنفسهم، فإننا ندعم بقوة الحفاظ على المكاسب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تحققت منذ عام 2001، والنهوض بها، وتشمل هذه المكاسب التطور الديمقراطي لأفغانستان، وحماية وتوسيع حقوق الإنسان لجميع الأفغان، بما في ذلك النساء والأطفال والأقليات، وما زلنا ملتزمين بتحسين الروابط الاقتصادية الإقليمية، ونؤكد دعم سلام مستدام وشراكة دائمة مع أفغانستان».
وكانت حركة طالبان قد أعلنت مطلع الأسبوع الماضي عن لقاء مفاجئ جمع قياداتها بوزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، عبر اتصال مرئي بينهما، وذلك لمناقشة عملية السلام، والتطورات فيما بينهما، بعد أن أبرم الطرفان اتفاقية سلام أنهت صراعاً دام 19 عاماً بين الطرفين. ونقل موقع «صوت أميركا» حينها بيان حركة طالبان الذي قالت فيه إن كبير مفاوضي الحركة الملا بارادار أخوند، نائب زعيم حركة طالبان، ومقره الدوحة، التقى مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي، في اتصال مرئي، مساء أول من أمس، وذلك لمناقشة حالة عملية السلام في أفغانستان.
وقال سهيل شاهين، المتحدث باسم «طالبان» في الدوحة، على صفحته في «تويتر»، إن المناقشات شملت قضية سجناء طالبان الذين تطالب الحكومة الأفغانية بإطلاق سراحهم، وتطورات عملية السلام مع الولايات المتحدة الأميركية.
وأوضح شاهين أن حركة طالبان تريد إطلاق سراح السجناء قبل انضمامهم إلى المحادثات مع المسؤولين الحكوميين والأفغان الآخرين التي ستكون الحوارات بينهم وبين حكومة كابل حول تسوية سياسية حملت عقوداً من الحرب. وأفاد بأن الجانبين تحدثا عن بدء المفاوضات بين الأفغان، والإفراج عن السجناء المتبقين، الذي قال عنه إنه ضروري «لبدء المفاوضات بين الأفغان».
واشنطن تتعهد تكثيف دعمها لأفغانستان
تأمل أن يزيل «مجلس شيوخ القبائل» الأفغانية آخر عقبة أمام مفاوضات السلام
واشنطن تتعهد تكثيف دعمها لأفغانستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة