تحذيرات من صراع عربي ـ كردي شرق الفرات

تحذيرات من صراع عربي ـ كردي شرق الفرات
TT

تحذيرات من صراع عربي ـ كردي شرق الفرات

تحذيرات من صراع عربي ـ كردي شرق الفرات

استنكرت «الإدارة الذاتية لشمال وشرق» سوريا اغتيال الشيخ امشطر جدعان الهفل وإصابة زعيم قبيلة «العكيدات» العربية الشيخ إبراهيم جدعان الهفل، وأدانت الحادثة ووصفتها بـ«العمل الإرهابي الجبان»، وحذر مسؤول بارز في «قوات سوريا الديمقراطية» من خطر انزلاق المنطقة إلى صراع عربي - كردي وضرب التعايش المشترك، واتهم خلايا تنظيم «داعش» المتشدد بتنفيذ عمليات الاغتيال التي طالت 3 من شيوخ العشائر العربية خلال الأسبوع الماضي.
وقال رئيس الإدارة الذاتية عبد حامد المهباش: «نتقدم بخالص العزاء لأهلنا من عشيرة العكيدات الأصيلة باستشهاد الشيخ امطشر جدعان الهفل، وتمنياتنا بالشفاء العاجل للشيخ إبراهيم الهفل شيخ العشيرة»، وأضاف: «ندين ونستنكر هذا العمل الإرهابي الجبان، الذي يبتغى من ورائه خلق الفتنة بين المكونات، وسارعت بعض الجهات المعادية لمشروعنا إلى لصق الاتهام بالإدارة وقواتها العسكرية».
واغتال مسلحون مجهولون الشيخ امشطر جدعان الهفل وسائقه دعار الخلف قبل 3 أيام، وتعرض إبراهيم جدعان الهفل شيخ مشايخ «العكيدات» للإصابة، بعد استهداف موكبهم عند أطراف قرية الحوايج بريف دير الزور الشرقي، وطالت عمليات الاغتيال خلال الأسبوع الماضي؛ الشيخ علي الويس مختار قرية الدحلة بريف دير الزور شيخ عشيرة «بو رحمة - قبيلة البكارة»، والمتحدث باسم قبيلة «العكيدات» الشيخ سليمان الكسار.
وشدد المهباش على أن قوات الأمن الداخلي في دير الزور بدأت التحقيقات، وأنها «لن تهدأ حتى تلقي القبض على الجناة، ومعرفة الجهات التي تقف خلف اغتيال شيوخ العشائر، وتسليمهم للعدالة ومحاسبتهم بأسرع وقت ممكن، وسنعمل على سد الثغرات الأمنية ومواجهة الجهات التي تحاول المساس باستقرار المنطقة»، وأشار إلى أن هذا «العمل الإرهابي هو استهداف لجميع مكونات شمال وشرق سوريا، ومحاولة يائسة وجبانة لضرب أسلوب التعايش المشترك وأخوة الشعوب، لخلق الفتنة وزعزعة الأمن».
وساد الهدوء بلدات الشحيل وذيبان والحوايج بريف دير الزور، بعد ساعات من خروج مظاهرات مناوئة لاغتيال الشيخ امطشر الهفل، وقطع المشاركون الطرقات واستهدفوا نقاطاً عسكرية تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي أعلنت الحظر الجزئي على بلدة الشحيل، كما بدأت حملة أمنية واسعة، وقالت في بيان أمس: «تم تنفيذ مجموعة من العمليات الخاصة استهدفت الخلايا، واعتقلت (القوات) أعداداً من الإرهابيين والمشتبه بهم، وأصيب عدد منهم أثناء محاولتهم التصدي لقواتنا». وكشفت القوات أن اثنين من عناصرها قتلا أثناء الحملة.
وحذر مصطفى بالي، المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، من خطر انزلاق المنطقة إلى صراع عربي - كردي، وقال: «مؤخراً نفذت قواتنا جملة من العمليات وحملات التمشيط استهدفت خلايا (داعش) وألحقت بهم ضربات موجعة»، واتهم التنظيم بتنفيذ العمليات التي طالت شخصيات عشائرية معروفة من أبناء المنطقة، لافتاً إلى أن «(داعش) بعد فشله في مخططاته الإجرامية، يلجأ اليوم لإحداث فتنة كردية - عربية بين مكونات المنطقة}.
وإحداث شرخ بين المكونات المتعايشة منذ مئات السنين، وضرب الاستقرار والأمان ومحاولة إعادة الفوضى للمنطقة»، وكشف بالي عن أن كثيراً من الجهات والأطراف تسعى إلى الاستفادة من التوترات بغية تحقيق أهدافها على حساب دماء أبناء المنطقة، وزاد: «تحاول استغلال مشاعر وعواطف الناس لتحويل الأنظار عن إرهاب التنظيم، وتحريض الناس ضد الإدارة الذاتية وقواتها العسكرية، ونحن مصممون أكثر على تنفيذ عملياتنا وتفكيك خلايا (داعش) والقضاء عليها بشكل كامل».



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».