قوات «الوفاق» تواصل التحشيد... وتحذير أممي من «كارثة إنسانية» في ليبيا

دعوات لمسيرات شعبية للمطالبة بانتخابات رئاسية وبرلمانية

TT

قوات «الوفاق» تواصل التحشيد... وتحذير أممي من «كارثة إنسانية» في ليبيا

وسط تحذيرات أممية من كارثة إنسانية محتملة، واصلت قوات حكومة الوفاق الليبية، التي يترأسها فائز السراج، تحشيدها العسكري قرب مدينة سرت الاستراتيجية، معلنة انتهاء وصول الدعم اللوجيستي اللازم، في انتظار تلقيها تعليمات للتقدم صوب المدينة، الخاضعة حاليا لسيطرة الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر.
وقالت الأمم المتحدة على لسان نائب المتحدث باسم أمينها العام إنها «لا تزال قلقة بشأن كارثة إنسانية محتملة في ليبيا، إذا ما أدى التصعيد والتعبئة الحاليان حول مدينة سرت إلى عمليات عسكرية»، مشيرا إلى أن ذلك «سيعرض حياة أكثر من 125 ألف شخص في سرت وحولها لخطر كبير».
ومع ذلك، قال العميد عبد الهادي دراة، الناطق باسم غرفة عمليات سرت والجفرة، التابعة لحكومة الوفاق في تصريحات لوسائل إعلام تركية، إن الدعم العسكري واللوجيستي اللازم وصل إلى قواتها، وتحت سيطرتها، بعد التحاق مزيد من القوات من طرابلس والوطية وترهونة بالغرفة، مشيرا إلى أن قواته تركت المجال أمام القادة السياسيين «لعل الحل السياسي يأتي على أيديهم».
ونشرت أمس وزارة الدفاع التركية صورا قالت إنها لتدريب 171 طالبا ليبيا في الأكاديمية العسكرية التركية، مشيرة إلى أن التدريب الذي بدأ في العشرين من الشهر الماضي بمركز مكافحة التدريب وممارسة الإرهاب (إسبرطة) مستمر بنجاح، على حد قولها.
وكانت الوزارة التركية قد ادعت مساء أول من أمس في بيان لها أن الوجود التركي في ليبيا جاء ضمن الاتفاقيات الثنائيّة الموقّعة وفقاً للقانون الدولي، وبدعوة من حكومة الوفاق. مؤكدة أن أنقرة «ستواصل بعزم وتصميم تقديمها الدعم الاستشاري والمساعدات والتدريب العسكري لليبيا».
إلى ذلك، قال خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة الموالي لحكومة الوفاق، إنه تلقى دعوة للقيام بزيارة رسمية إلى تركيا خلال اتصال هاتفي مساء أول من أمس مع رئيس مجلس الأمة التركي، مصطفى شَنطوب، لبحث مجريات الأوضاع في ليبيا.
ميدانيا، اعتبر «لواء الصمود»، إحدى الميليشيات المسلحة التي تنتمي إلى مدينة مصراتة (غرب)، والمتحالفة مع قوات حكومة الوفاق، أن الهدف من القتال إلى جانبها هو تحكيم الشريعة في ليبيا، ورفض العمل بالقوانين الغربية التي تعارض الإسلام في البلاد.
ونقلت وكالة «نوفا» الإيطالية للأنباء في نسختها العربية عن أحمد بن عمران، القيادي في «لواء الصمود»، الذي يتزعمه المطلوب محليا ودوليا صلاح بادي بتهمة ارتكاب جرائم حرب، أن الوضع في طرابلس وغرب ليبيا «تغير الآن بعد أن انتهى مشروع حفتر في غرب ليبيا»، مؤكدا أن قواتهم عادت بفضل التحالف مع كتائب إسلامية أخرى إلى المشهد بقوة، و«أصبحت تسيطر على مواقع حساسة لن تفرط فيها أو تتنازل عن مكاسبها، أو تخون تضحيات الشهداء»، على حد تعبيره.
من جهة أخرى، أعلنت مصلحة المطارات التابعة لحكومة الوفاق إيقاف الرحلات الجوية من مطار مصراتة بسبب حريق تعرضت له محطة الركاب، واستئنافها من مطار معيتيقة. مشيرة في بيان لها أمس إلى إيقاف تقديم جميع الخدمات لشركات الطيران التجارية من مطار مصراتة الدولي إلى إشعار آخر. وقالت المصلحة إنه سيتم استئناف رحلات شركات الطيران التجارية المغادرة مجدداً من مطار معيتيقة الدولي، ابتداء من صباح يوم الأحد المقبل، نظرا لأعمال الصيانة الجاري تنفيذها حالياً بالمطار، والتي تعيق العملية التشغيلية في الوقت الحالي.
ودمر الحريق الذي اندلع في مطار مصراتة، مساء أول من أمس، صالة المغادرة، وقال متحدث باسم المطار إنها احترقت بالكامل، مبرزا أن الجهات المختصة لم تتمكن من السيطرة على الحريق فوراً، ما تسبب في امتداده لكل الأقسام واحتراقها كاملة، ليخرج المطار بذلك عن الخدمة.وألمحت وسائل إعلام محلية ليبية إلى مسؤولية أحمد معيتيق، نائب السراج، عن الحادث. مشيرة إلى أنه وجه الأسبوع الماضي رسالة للسراج تتعلق بتعديل عقد صيانة الصالة بقيمة 57 مليون دينار ليبي لإنجاز محطة ركاب متكاملة، بدلا من أعمال الصيانة الجزئية.
في سياق آخر، دعا حراك «رشحناك»، الداعم لسيف الإسلام النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي، أنصاره إلى المشاركة في مسيرات شعبية في العشرين من الشهر الحالي، للمطالبة بعقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، باعتبارها مفتاح الحل في ليبيا، ودعم نجل القذافي قائدا للمصالحة الوطنية الشاملة، وإحياء مشروع ليبيا الغد.
وحث الحراك في بيان له مساء أول من أمس على التظاهر تحت شعار «يدا بيد من أجل ليبيا الغد»، بمناسبة اليوم الوطني للشباب الليبي في جميع ساحات وميادين البلاد. وقال طاهر الشهيبؤي، رئيس اتحاد القبائل الليبية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن الاتحاد الذي يستعد للاحتفال بهذه المناسبة دعا الجماهير الشعبية في ليبيا للخروج في مسيرات حاشدة مؤيدة لنجل القذافي في كل مدن ليبيا، والمطالبة بعقد انتخابات رئاسية مبكرة، والإعلان عن ترشيحه من قبل القبائل الليبية للرئاسة، والخروج بالبلاد إلى بر الأمان.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.