أعلنت «الوكالة التونسية للتبغ والوقيد»، ومصنع التبغ بالقيروان (مؤسستان حكوميتان) يوم أمس تعديل بعض أسعار البيع للعموم، تشمل السجائر ومواد أخرى تختص بها الدولة، وهو ما خلّف موجة من الغضب الشعبي، خاصة في أوساط المدخنين، وطرح تساؤلات كثيرة حول جدوى هذه الزيادة، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه جلّ المواطنين بسبب تداعيات جائحة «كوفيد 19». وأيضاً في ظل مطالب المعارضة بمحاصرة التهريب والتجارة الموازية، ومقاومة التهرب الضريبي، ومكافحة كل أنواع الفساد.
وتراوحت الزيادة المعلن عنها بين 8 و12 في المائة، وشملت 5 أصناف من المنتجات التي تحتكر الحكومة إنتاجها وترويجها. علماً بأن الأسواق التونسية غالباً ما تعاني من المضاربة والاحتكار في مجال السجائر بأنواعها، ما يؤدي إلى انقطاع التزود بها، وارتفاع أسعارها، ويدفع المواطنين للجوء إلى السوق السوداء للحصول عليها.
ومن المنتظر أن تؤثر هذه الزيادة على القدرة الشرائية للتونسيين، إذ إن دراسة صادرة سنة 2009 عن المنظمة العالمية للصحة بيّنت أن 65 في المائة من التونسيين الذين تتجاوز أعمارهم 25 عاماً هم فئة من المدخنين.
وفي هذا الشأن، قال سعد بومخلة، الخبير الاقتصادي التونسي، إن السجائر وبعض الأنشطة الاقتصادية التي تستحوذ عليها الدولة تدر على خزينة البلاد كثيراً من الموارد المالية، ولذلك فهي غير مستعدة للتفويت فيها، أو إدخال رأس المال الخاص في مشروعات تصنيعها وإنتاجها، على حد تعبيره.
وبشأن الزيادة الحالية، اعتبر بومخلة أن تأثيرها الاقتصادي سيكون مهماً وواضحاً على عدد من الأنشطة التجارية. غير أنها لن تكون موضوع جدل بين السياسيين، سواء من الائتلاف الحكومي أو المعارضة، بسبب النظرة التي ينظر بها المواطنون للتدخين بصفة عامة، إذ إن جلّ المواطنين يعتبرونه نوعاً من «الترف الاجتماعي»، وليس مادة مهمة، مثل المواد الأساسية والغذائية، التي تحظى بدعم الدولة، والتي لا تجازف الحكومات المتعاقبة بتعديلها دون نقاشات موسعة مع الأطراف الاجتماعية.
وتستقبل تونس نحو 300 مليون علبة تدخين مهربة إلى أسواقها المحلية، تأتي أساساً من الجزائر وليبيا المجاورتين، وهو ما يسبب خسائر فادحة لخزينة الدولة، قدّرت ما بين 500 و700 مليون دينار تونسي سنوي، خاصة أن السجائر المهربة تلقى إقبالاً كبيراً من التونسيين بسبب انخفاض أسعارها، مقارنة مع العلامات المحلية.
وكانت وزارة التجارة التونسية، قد كثفت إثر ورود شكايات من المدخنين وصغار تجار السجائر حول اختفاء السجائر ذات العلامة المحلية، من حملات المراقبة الاقتصادية، وبلغ حجم المخالفات المسجلة منذ بداية السنة الحالية إلى غاية يوم 24 يونيو (حزيران) الماضي، نحو 2348 مخالفة، وتم حجز 230 ألف علبة تبغ مجهولة المصدر خلال الفترة نفسها. كما كشف تقرير نشرته وزارة أملاك الدولة التونسية في يونيو الماضي، عن ملفات فساد أكدت أنها أحالتها إلى القضاء.
تونس ترفع منسوب الغضب الشعبي بزيادات في الأسعار مثيرة للجدل
تونس ترفع منسوب الغضب الشعبي بزيادات في الأسعار مثيرة للجدل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة