عاهل المغرب يشكل لجنة للتحقيق في تدبير ملف أسعار المحروقات

وهبي عدَّ القرار «حكيماً وجريئاً ودستورياً»

TT

عاهل المغرب يشكل لجنة للتحقيق في تدبير ملف أسعار المحروقات

بينما كان منتظراً أن يصدر «مجلس المنافسة» في المغرب (مؤسسة دستورية تراقب حرية الأسعار والمنافسة) قراراً حول وضعية المنافسة في قطاع المحروقات، إثر اتهامات للشركات العاملة في هذا المجال بالتواطؤ لرفع الأسعار بعد تحرير الحكومة للسوق، أعلن بيان للديوان الملكي الليلة قبل الماضية، عن قرار الملك محمد السادس تشكيل لجنة تضم رئيسَي مجلسي البرلمان (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، ورئيس المحكمة الدستورية، ورئيس المجلس الأعلى للحسابات، ومحافظ بنك المغرب المركزي، ورئيس «الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها»، بينما كلف الأمين العام للحكومة مهمة تنسيق عمل اللجنة التي ستعمل على إعداد «تقرير مفصل عن تدبير مجلس المنافسة لهذا الموضوع في أقرب أجل، وترفعه للملك».
واعتبر بيان الديوان الملكي أن تدبير المجلس لهذا الملف اتسم بـ«الارتباك» بعدما توصل بنسختين متناقضتين تتعلقان بعقوبات ضد الشركات المعنية، مشيراً إلى أن الملك محمد السادس يتمسك «بشدة باستقلالية ومصداقية المؤسسات»، ويعد «ضامناً لحسن سير عملها»، ولهذا أمر بتشكيل لجنة متخصصة «تتكلف إجراء التحقيقات الضرورية لتوضيح الوضعية».
وجاء قرار تشكيل اللجنة بعدما توصل الملك محمد السادس الخميس الماضي بمذكرة من رئيس مجلس المنافسة، تتعلق بقرار المجلس حول «التواطؤات المحتملة لشركات المحروقات وتجمع النفطيين بالمغرب». وفي هذه المذكرة، رفع رئيس المجلس إلى العاهل المغربي محتوى «القرار المعتمد من طرف الجلسة العامة لمجلس المنافسة، بموافقة 12 صوتاً ومعارضة صوت واحد»، وتضمن القرار فرض غرامة مالية بنسبة 9 في المائة من رقم المعاملات السنوي المحقق بالمغرب بالنسبة للموزعين الثلاثة الرائدين، وبمبلغ أقل بالنسبة لبقية الشركات.
وأشار بيان الديوان الملكي إلى أن الملك محمد السادس توصل أيضاً أول من أمس بمذكرة ثانية من رئيس مجلس المنافسة، تهم الموضوع ذاته، والتي يطلع من خلالها المعني بالأمر الملك محمد السادس على «قيمة الغرامات المفروضة» على الموزعين، خلال الجلسة العامة ليوم 27 يوليو (تموز). وتم هذه المرة تحديد النسبة في حدود 8 في المائة من رقم المعاملات السنوي دون تمييز بين الشركات، ودون أي إشارة إلى توزيع الأصوات.
من جهة أخرى، توصل العاهل المغربي أيضاً بورقة صادرة عن عديد من أعضاء مجلس المنافسة، يتهمون فيها رئيس المجلس بارتكاب «تجاوزات مسطرية» مست «جودة ونزاهة القرار الذي اتخذه المجلس». وسجل الموقعون على الورقة مجموعة من التحفظات، تتمثل في التواصل الذي أضر ببحث القضية ومصداقية المجلس، واللجوء الإجباري إلى التصويت قبل إغلاق باب المناقشة، وانتهاك المادة 39 من القانون، المتعلقة بحرية الأسعار والمنافسة، وغموض الإجراء الخاص بالتحقيق، والذي تميز بتقاسم انتقائي للوثائق، وعدم تلبية ملتمسات الأعضاء، بهدف إجراء بحث متوازن للحجج المقدمة من طرف الشركات. كما أشاروا إلى سلوك رئيس المجلس الذي يوحي بأنه يتصرف بناء على تعليمات، أو وفق أجندة شخصية.
وأمام هذه الوضعية جاء قرار تشكيل لجنة تحقيق.
وكان مجلس المنافسة قد باشر إجراء تحقيقات حول مدى احترام المنافسة في سوق المحروقات، بعد قرار الحكومة رفع الدعم عن المواد البترولية نهاية سنة 2015، واعتماد حرية الأسعار والمنافسة، ووجهت اتهامات لشركات المحروقات بالتواطؤ ورفع الأسعار، وتشكلت لجنة برلمانية بهذا الشأن أعدت تقريراً خلص إلى تورط الشركات في المس بالمنافسة، وتحقيق أرباح كبيرة على حساب المواطن، قبل أن يتدخل مجلس المنافسة ليبحث في الموضوع. وكان مقرراً أن يصدر تقريراً في الموضوع يتضمن عقوبات على شركات المحروقات، وتسربت للصحافة المغربية بعض تفاصيل التقرير، منها «وجود اتفاق بين شركات المحروقات» وتولي هذه الشركات المنضوية تحت لواء جمعية تحمل اسم «تجمع النفطيين المغاربة»، جمع وتبادل المعلومات، وهو ما يتنافى مع قانون حرية الأسعار.
وثمن عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض، عالياً، قرار الملك محمد السادس تشكيل لجنة متخصصة لإجراء التحقيقات الضرورية في القرار الأخير لمجلس المنافسة حول موضوع المحروقات، معتبراً أن «هذا القرار الحكيم والجريء للعاهل المغربي، هو قرار دستوري، يستند على مقتضيات الدستور، لا سيما الفصل 42 منه الذي ينص على أن الملك هو رئيس الدولة، والحكم الأسمى بين المؤسسات، والساهر على احترام الدستور، وعلى حسن سير المؤسسات الدستورية».
وأكد وهبي أن الخطوة غير المسبوقة التي قام بها الملك محمد السادس، لا تحمي استقلالية مؤسسات الحكامة الجيدة والتقنين فقط؛ بل من شأنها ترسيخ هذه الاستقلالية أثناء الممارسة كذلك، ومن ثم تحقيق الغايات الدستورية الكبرى من إحداث هذه المؤسسات التي على عاتقها مسؤوليات كبرى. وأوضح وهبي أن القرار الملكي غير المسبوق هو كذلك تفعيل للمقتضى الدستوري «ربط المسؤولية بالمحاسبة» على مستوى مؤسسات الحكامة، وفيه احترام دقيق لتوازي الشكليات.
وخلص وهبي إلى أن القرار الملكي يعد إشارة واضحة إلى انشغال ملك البلاد الكبير، وحرصه الدقيق على تتبع القضايا والملفات التي لها انعكاس مباشر على حياة المواطنين والمواطنات.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.