باريس تدعو إلى عدم انتظار مفاجآت من زيارة وزير خارجيتها إلى بيروت

TT

باريس تدعو إلى عدم انتظار مفاجآت من زيارة وزير خارجيتها إلى بيروت

في زيارته الرسمية الأولى التي يقوم بها إلى لبنان «باستثناء مشاركته في مأتم البطريرك نصر الله صفير في 2019»، لن يحمل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أي مفاجآت في جعبته يتطلع إليها اللبنانيون. وباريس كانت تخطط لأن تتزامن الزيارة مع بدء الحكومة اللبنانية بإطلاق الإصلاحات التي تنتظرها الأسرة الدولية لمساعدة لبنان. لكن بما أن الأمور لم تحصل بهذا الشكل، فإن محادثات اليومين التي سيجريها جان إيف لودريان مع الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب ووزير الخارجية ناصيف حتي والبطريرك بشارة الراعي ستوفر الفرصة لينقل إليهم رسائل «مباشرة» ويقول لهم إن باريس «غير قادرة على مساعدة لبنان اليوم في غياب إصلاحات سريعة وملموسة». وفهم من المصادر الفرنسية الرسمية أن لودريان سيكون «صارما» وسيدخل مع رئيسي الحكومة والمجلس النيابي في تفاصيل الإصلاحات المطلوبة منذ مؤتمر «سيدر» الذي استضافته باريس قبل عامين. كما سينقل رسالة دعم وتضامن للبنانيين عبر توفير مساعدات إنسانية وأخرى تربوية للمدارس الفرنكوفونية.
وترى باريس أن هناك نوعين من الإصلاحات أولهما يمكن أن يتم «سريعا» وآخر «بنيوية» على المدى البعيد وكلها أمور ضرورية من أجل «ترميم الثقة» في الداخل والخارج بما فيها الجهات الدائنة ودفع المحادثات مع صندوق النقد الدولي إلى الأمام. وبحسب باريس فلا دعم ينتظر من الخارج من غير هذه الإصلاحات.
ولن يلتقي لودريان ممثلين عن القوى السياسية لا من الأكثرية ولا المعارضة لكنه سيجتمع في السفارة مع ممثلين عن المجتمع المدني ويزور مؤسسة «عامل» في الضاحية ومدرسة فرنكوفونية.
وفيما خص ملف التجديد لقوات «اليونيفيل»، تعترف باريس أن المفاوضات لتجديد انتدابها هذه المرة «شاقة» نوعا ما بسبب بسبب التشدد الأميركي. إلا أن باريس ستعمل على ألا يحصل تغيير في انتدابها وهي لا تريدها أن تعمل تحت الفصل السابع، بل أن تبقى تحت الفصل السادس. وترفض باريس أن تقوم هذه القوات بعمليات دهم وتفتيش مباشرة، بل تريد أن تبقى رافدة للجيش اللبناني لا أن تحل محله. وأكثر من ذلك، فإنها تجد أن هناك «تناقضا» بين طلب توسيع انتدابها وطلب تقليص إمكانياتها ووسائلها وتمويلها. كما أن باريس لا ترى حاجة لتزويد «اليونيفيل» بأسلحة ومعدات جديدة. وتؤكد أنها «تتواصل» مع الطرف الأميركي حول لبنان وهي لا تنفي احتمال معارضته دعم صندوق النقد للبنان. لكن الرسالة التي تركز عليها فرنسا يمكن اختصارها كالتالي: «لا شيك على بياض» للبنان وبالمقابل نقول: لا تنسوا لبنان ولا تعتبروا أنه قضية خاسرة. وهذه الرسالة تنقلها الدبلوماسية الفرنسية إلى واشنطن، ولكن أيضا إلى كل الأطراف المعنية بلبنان بما فيها الأطراف الخليجية.
وترى باريس أن دعوة البطريرك الراعي لحياد لبنان هي لـ«النأي بالنفس»، وهي تعني احترام استقلال البلاد وسيطرة الدولة على كامل أراضيها ونشر الجيش اللبناني في الجنوب وكلها مواقف تتبناها فرنسا وتنتظرها من لبنان منذ زمن بعيد.
ومن المنتظر أن ينقل الوزير الفرنسي دعمه لمواقف الراعي عند اجتماعه به.
في الماضي، كان لبنان أحد المواضيع الرئيسية في الحوار الفرنسي - الإيراني. بيد أن الوضع اليوم يبدو أنه تغير إذ إن باريس تقول إنه لا شيء خاصا يمكن أن يقال حول هذا الملف الذي يعتبر الجميع أن له امتدادات إيرانية نظرا للعلاقات العضوية بين طهران و«حزب الله». وليس سرا أن باريس تتواصل مع هذا الحزب بعدة طرق. لكن لودريان أراد شيئا آخر ربما لتجنب أي إحراج فيما تتصاعد الضغوط على بلدان الاتحاد الأوروبي لاعتبار «حزب الله» بكامله وليس جناحه العسكري وحده تنظيما إرهابيا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».