نفاد «مرحلي» للأدوية من السوق اللبنانية... ومخاوف من التهريب

ثلث الصيدليات مهدد بالإقفال

وزير الصحة حمد حسن مجتمعاً مع مجلس نقابة الصيادلة نهاية يونيو الماضي (الوكالة الوطنية)
وزير الصحة حمد حسن مجتمعاً مع مجلس نقابة الصيادلة نهاية يونيو الماضي (الوكالة الوطنية)
TT

نفاد «مرحلي» للأدوية من السوق اللبنانية... ومخاوف من التهريب

وزير الصحة حمد حسن مجتمعاً مع مجلس نقابة الصيادلة نهاية يونيو الماضي (الوكالة الوطنية)
وزير الصحة حمد حسن مجتمعاً مع مجلس نقابة الصيادلة نهاية يونيو الماضي (الوكالة الوطنية)

شكا عدد من اللبنانيين من نفاد أدوية معينة، منها أدوية الأمراض المزمنة، من الصيدليات وفقدانها من الأسواق، ما أحدث حالاً من الذعر والخوف، لا سيّما في بلد أصبح فيه انقطاع أو فقدان أي سلعة أو خدمة أساسية مثل الخبز والمازوت والكهرباء، أمراً طبيعياً وممكناً في أي لحظة.
نقيب الصيادلة غسان الأمين طمأن المواطنين بأن لبنان غير متجه إلى أزمة دواء «فلا هو مهدد بفقدان الدواء ولا بارتفاع سعره»، وذلك ما دام مصرف لبنان مستمراً بدعم 85% من الفاتورة الدوائية على أساس سعر الصرف الرسمي (1500 ليرة للدولار وفي السوق السوداء يلامس 8000 ليرة)، مؤكداً أن «استمرار توافر الدواء مرتبط باستمرار دعم استيراده».
وفي حين لم ينفِ الأمين تكرّر فقدان بعض الأدوية من الصيدليات لفترة تتراوح بين 10 و15 يوماً، أوضح في حديث إلى «الشرق الأوسط» أنّ ذلك يعود لأسباب عدّة أبرزها «آلية مصرف لبنان المتبعة في فتح اعتماد للمستورد»، شارحاً أنّ هذه الآلية «تأخذ وقتاً طويلاً يتراوح في بعض الأحيان بين شهر وشهرين، ما يؤخر المستورد عن دفع المال للشركة الموردة التي تقوم ببيع الدواء إلى جهة أخرى، فيضطر المستورد انتظار تصنيع كمية جديدة».
وشرح الأمين أنّ «وكيل الأدوية عادةً ما يطلب الدواء قبل عام وعلى دفعات محددة بتواريخ معينة، وعندما يتأخر عن الدفع بسبب تأخر الاعتماد يقوم المصدّر ببيع الدواء، وهذا يؤخّر وصوله إلى لبنان وبالتالي يصبح الدواء غير متوفر لمدة قصيرة».
ومن الأسباب الأخرى التي أسهمت مؤخراً بفقدان الدواء «لجوء بعض المواطنين إلى تخزين الدواء في البيوت خوفاً من انقطاعه»، الأمر الذي «رفع استهلاك الدواء بشكل كبير وأسهم في نفاده من الصيدليات»، حسبما يرى الأمين.
أما السبب الثالث لنفاد الدواء والذي يتوقع نقيب الصيادلة أن «يتفاقم مع الوقت، فهو التهريب»، إذ يؤكد الأمين أنّه بعد ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء «أصبح سعر الدواء في لبنان، والذي يباع بالليرة اللبنانية، الأرخص في المنطقة» وهذا يعني ارتفاع إمكانية تهريبه.
وفي هذا الإطار يوضح أنّ «تأثير هذا العامل محدود حالياً وذلك لأنّ تهريب الدواء عادةً ما يكون عبر المطار وليس المعابر البرية نظراً لأنه يحتاج إلى برادات وطريقة توضيب معينة»، لذلك فإنّ «التخوف الجدي من التهريب سيبدأ مع عودة حركة الطيران إلى طبيعتها».
وفيما خصّ التخوف من ارتفاع سعر الدواء، أكّد الأمين أنه «لا يوجد دواء غير مدعوم» وأنّ سعره لن يرتفع بل على العكس ممكن أن ينخفض، موضحاً أنّ ما ارتفع سعره هو فقط المتممات الغذائية وبعض المنتجات التي تُباع في الصيدليات والتي لا تصنَّف أدوية، وهي غير مدعومة، فارتفعت أسعارها مع ارتفاع سعر الصرف».
الخطر على القطاع برمّته: وإذا كان دواء المواطن حتى اللحظة بعيداً عن الخطر، فإن الخطر الأكبر يتهدد قطاع الصيدلة برمّته، إذ حذر الأمين من كارثة قد تصيب القطاع في حال عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة من الدولة.
وأكّد الأمين أنّ هناك 200 صيدلية أُغلقت مؤخراً، متوقعاً أن يصل العدد إلى 1000 من أصل 3000 خلال عام، وذلك لأن معظم أصحاب الصيدليات باتوا غير قادرين على الاستمرار.
وانطلاقاً من هذا الواقع، شدّد الأمين على ضرورة الإسراع باعتماد «الجنريك» والسماح للصيدلي بأن ينصح المريض بدواء أرخص والمبادرة بسلة تحفيزات للصيادلة، هذا فضلاً عن ضرورة وضع خطة وطنية للصناعة الدوائية الوطنية بحيث يصبح 70% من الأدوية مصنّعاً محلياً وبسعر ينافس الدواء المستورد، الأمر الذي يسهم بدوره في تخفيف الفاتورة الدوائية على الدولة والتي تبلغ ملياراً و400 ألف، 85% منها يدعمها المصرف.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».