لبنان «بيئة حاضنة» للسلاح المتفلت وآخر ضحاياه طفلان

لبنان الذي يشهد موجة احتجاجات ضد الحكومة والأوضاع الاقتصادية المتدهورة يُعتبر الثاني عربياً في حجم السلاح المتوفر في أيدي مواطنيه بعد اليمن (إ.ب.أ)
لبنان الذي يشهد موجة احتجاجات ضد الحكومة والأوضاع الاقتصادية المتدهورة يُعتبر الثاني عربياً في حجم السلاح المتوفر في أيدي مواطنيه بعد اليمن (إ.ب.أ)
TT

لبنان «بيئة حاضنة» للسلاح المتفلت وآخر ضحاياه طفلان

لبنان الذي يشهد موجة احتجاجات ضد الحكومة والأوضاع الاقتصادية المتدهورة يُعتبر الثاني عربياً في حجم السلاح المتوفر في أيدي مواطنيه بعد اليمن (إ.ب.أ)
لبنان الذي يشهد موجة احتجاجات ضد الحكومة والأوضاع الاقتصادية المتدهورة يُعتبر الثاني عربياً في حجم السلاح المتوفر في أيدي مواطنيه بعد اليمن (إ.ب.أ)

مرة جديدة تعود ظاهرة السلاح المتفلت إلى الواجهة في لبنان، وهذه المرة من باب دم طفلين قُتلا باستخدام عشوائي للسلاح.
ففي يوم واحد، الجمعة الماضي، توفي في طرابلس (شمال) الطفل طلال ربيع إبراهيم (8 سنوات) إثر إصابته بطلق ناري في رأسه، بعدما أقدم أحدهم على إطلاق النار بشكل عشوائي في محلة الميناء، بينما توفي طفل آخر لم يتخطَّ بعد الـ6 سنوات إثر إشكال مسلح وقع بين شابين في الهرمل (شرق).
وعلى الرغم من أن الرصاص الطائش كان سبب موت الطفل ربيع، فإن هذا الأمر لم يمنع من إطلاق الرصاص حزناً خلال تشييعه، الأمر الذي دفع عدداً كبيراً من اللبنانيين إلى المطالبة بضرورة إيجاد حل سريع للسلاح المتفلت بين الناس.
وظاهرة السلاح المتفلت في لبنان ليست جديدة، ولها أسبابها المتجذرة، حسبما يرى رئيس حركة «السلام الدائم» فادي أبي علام الذي يقول إن موضوع ضبط السلاح في أي مجتمع «يرتبط بثلاثة عوامل، هي: العادات والتقاليد، والوضع الأمني، والقوانين»، وهذه العوامل الثلاثة «مصابة بخلل كبير في لبنان» ما يجعله «بيئة حاضنة» لتفلت السلاح، ومن ثم ارتفاع ضحاياه.
ويشرح أبي علام في حديث مع «الشرق الأوسط» أنه على صعيد العادات والتقاليد «لا تزال مناطق لبنانية تربط بين مفهوم الرجولة وامتلاك السلاح»، فضلاً عن «التباهي باستعماله في شتى المناسبات كجزء متأصل من طقوس هذه المناسبات»، تماماً كما حصل في تشييع أطفال كان الرصاص نفسه سبب موتهم. أما فيما يخص العامل الثاني، أي الوضع الأمني، فيرى أبي علام أن «عدم استقرار الأمن في لبنان خلال السنوات الماضية، ومن ثم الحديث عن الإرهاب والأحداث الكبرى في عرسال، وغيرها من الهزات الأمنية التي ترافقت مع عجز الدولة في بعض الأحيان عن ضبط الأمن، أشعر الناس بالخوف، ودفعهم إلى البحث عن أمن ذاتي عبر حيازة السلاح». ويضيف أن السلاح الفردي وغير المنضبط كان موجوداً في لبنان قبل الحرب الأهلية (عام 1975) وخلالها وبعدها، إلا أنه سجل قفزة في الفترة الممتدة بين عامي 2007 و2017 من أقل من 700 ألف قطعة سلاح إلى مليون و925 ألف قطعة سلاح.
ويحتل لبنان، بحسب منظمة «Small Arms Survey»، المركز الثاني عربياً في عدد الأسلحة الفردية والبنادق بمختلف أشكالها التي يحملها مواطنو الدول خارج غطاء العمل العسكري أو الأمني، بغض النظر عن هدف حامليها. وجاء لبنان بعد اليمن بمعدل 31.9 بندقية لكل 100 لبناني، واحتل المركز 11 عالمياً.
أما على صعيد القوانين، فيتحدث أبي علام عن أمرين أساسيين: الأول يتعلق بشروط حيازة السلاح، والثاني بالعقوبات في حال استخدام هذا السلاح بشكل عشوائي. ويرى أن لبنان «أقدم على خطوة مهمة منذ ثلاثة أعوام تقريباً؛ حين جرم إطلاق العيارات النارية بالهواء حتى لو لم يؤدِّ ذلك إلى أذية أي أحد»، فضلاً عن «إقرار عقوبة الحبس والغرامة معاً، وربط الغرامة بالحد الأدنى للأجور». وينص القانون الرقم 71 بتاريخ 27/10/2016 على معاقبة «كل من أقدم لأي سبب كان على إطلاق عيارات نارية في الهواء، من سلاح حربي مرخص أو غير مرخص، بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبغرامة من ثمانية أضعاف إلى عشرة أضعاف الحد الأدنى الرسمي للأجور. ويصادر السلاح في جميع الأحوال، ويمنع الجاني من الاستحصال على رخصة أسلحة مدى الحياة».
وإذا كانت هذه المادة رادعة بشكل مقبول، بحسب ما يرى أبي علام، فإن الخلل الأساسي يقع في قوانين حيازة الأسلحة التي تجعل امتلاك السلاح «سهلاً لأي شخص، من دون الأخذ بعين الاعتبار الأهلية النفسية أو العقلية له».
وفي حين تحدث أبي علام عن «عشوائية إعطاء الرخص ومضمونها»، أوضح أن «المادة 24 من قانون حيازة الأسلحة والذخائر، تنص على إعطاء ترخيص للمسدسات، أما المادة 25 فتنص على ترخيص أسلحة حربية للمدنيين، وهذا استثناء في هذا المادة مرده إلى حال الاضطراب الأمني»، إلا أن ما يحصل «هو تحول الاستثناء إلى قاعدة».
والحادثتان الأخيرتان اللتان أوديتا بحياة الطفلين، أُضيفتا إلى عدد كبير من الحوادث التي باتت خبراً يومياً منذ بداية العام الحالي، وذلك بالتزامن مع سوء الأوضاع الاقتصادية. إذ ارتفعت جرائم القتل في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020 بنسبة 82.2 في المائة، مقارنة بالفترة عينها من عام 2019، بينما ارتفعت حوادث سرقة السيارات بنسبة 58.6 في المائة، وعمليات السلب بنسبة 150 في المائة.
وفي هذا الإطار يحذر أبي علام من الاستهتار بظاهرة السلاح المتفلت بحجة الأزمات المتلاحقة التي تصيب اللبنانيين؛ لأن موضوع السلاح متداخل مع كل الأزمات «فكلما ازدادت الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والصحية على المواطن، زادت الانفعالات والتوجه نحو العنف. وعندما يكون السلاح موجوداً تسهل الجريمة»، ولذلك قد تكون الأمور «متجهة نحو الأسوأ خلال الأشهر المقبلة»، بحسب رأيه.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.