الحكومة السودانية تواجه عدداً من الاعتصامات في الأقاليم

شعار الحراك السوداني يظهر على سور أحد الأحياء الفقيرة في الخرطوم (رويترز)
شعار الحراك السوداني يظهر على سور أحد الأحياء الفقيرة في الخرطوم (رويترز)
TT

الحكومة السودانية تواجه عدداً من الاعتصامات في الأقاليم

شعار الحراك السوداني يظهر على سور أحد الأحياء الفقيرة في الخرطوم (رويترز)
شعار الحراك السوداني يظهر على سور أحد الأحياء الفقيرة في الخرطوم (رويترز)

من منطقة «نيرتتي»، بالقرب من جبل مرة في ولاية وسط دارفور (غرب السودان)، تمددت الاعتصامات إلى منطقتي «فتابرنو» و«كبكاية» في شمال الإقليم، فيما انتظم اعتصام آخر في ضاحية سوبا، جنوب العاصمة الخرطوم. وفي الوقت ذاته، تتأهب ولايات في شرق البلاد لاعتصامات مماثلة؛ تختلف مطالب المواطنين من منطقة لأخرى، لكن الاعتصام واحد.
ودخل اعتصام أهالي «نيرتتي» أمس يومه الخامس عشر، وتتجسد مطالبهم في حفظ الأمن، ونزع سلاح الميليشيات، وتأمين الموسم الزراعي، وإقالة مسؤولين في الأجهزة النظامية، إلى جانب مطالب بإصلاحات في الخدمة المدنية.
وقد زارهم، الأسبوع الماضي، وفد من الحكومة الانتقالية، وأعلن استجابته لكل مطالب المواطنين، إلا أن الأهالي قرروا مواصلة الاعتصام حتى يلمسون تحقيق مطالبهم كاملة على الأرض.
وشهدت «نيرتتي» في عهد الرئيس المعزول عمر البشير أحداث عنف واغتيالات للمواطنين نتيجة للحرب التي اندلعت في الإقليم منذ عام 2003. ورغم انحسار العنف بدرجة كبيرة بعد سقوط البشير، فإن بعض الأحداث المتفرقة ما تزال تثير القلق من عودة الصراع مرة أخرى، خاصة التي يكون طرفاها المجموعات السكانية في تلك المناطق.
وكانت الحكومة قد توصلت مع اللجنة التي تمثل أهالي «نيرتتي» لاتفاق يقضي بتكوين قوة مشتركة من الجيش وقوات الدعم السريع والشرطة لجمع السلاح، وحسم التفلتات الأمنية، وتأمين الموسم الزراعي، وإنشاء محكمة في المنطقة.
وجرب السودانيون الاعتصام في مواجهة النظام المعزول، بعد وصولهم إلى محيط القيادة العامة للجيش بالخرطوم، في 6 من أبريل (نيسان) 2019. وشكل الاعتصام ضغطاً كبيراً على الجيش الذي تدخل وعزل الرئيس البشير من الحكم.
واستمر اعتصام القيادة السلمي لقرابة الشهرين قبل فضه بالقوة المسلحة، مما خلف عشرات القتلى والجرحى والمفقودين، في الثالث من يونيو (حزيران) 2019، لكن الحراك الشعبي السلمي تواصل بمظاهرات سلمية في كل مدن البلاد، أجبرت قيادة الجيش على الرضوخ لتحقيق مطالب الشارع السوداني بتشكيل حكومة مدنية في البلاد.
ومن «نيرتتي»، انتقلت فكرة الاعتصام إلى منطقتي فتابرنو وكبكابية بولاية شمال دارفور، وتتصدر مطالب المعتصمين هناك تحسين الأوضاع الأمنية، بجمع السلاح من المجموعات المتفلتة التي تهدد حياة المدنيين بالقتل والخطف، وتحمل الحكومة مسؤولية وقف الانتهاكات المستمرة في تلك المناطق.
ويختلف المراقبون حول فكرة «الاعتصامات» المنتشرة، إذ يرى بعضهم أنها ظاهرة إيجابية، وأسلوب سلمي لتحقيق المطالب، بينما يرى آخرون أنها تربك عمل الحكومة، وتحول دون تحقيق أهداف الثورة، وتشغلها بملاحقتها.
ويرى الخبير في شأن دارفور، منتصر إبراهيم، أن مطالب المواطنين في الاعتصامات التي تشهدها مناطق دارفور، وتتلخص في توفير الأمن والخدمات الضرورية التي يحتاجون إليها، تعد مطالب مشروعة مهمة، ومن واجب الحكومة الاستجابة لها، لأنها تساعد في حفظ الأمن والاستقرار بالإقليم.
ويذهب إبراهيم إلى أن تنظيم اعتصام في المناطق التي تقع في وسط البلاد، حيث توجد السلطة المركزية، وتماسك الجبهة الداخلية، يعزز من المسار السلمي لمطالب المعتصمين، ويقلل من خطورته، بخلاف الاعتصامات التي تنظم في مناطق تشهد انقسامات في الجبهة الداخلية، وغياب آليات الدولة، وضعف دور المجتمع المدني، وهي معطيات تزيد من مخاطر استغلاله من جهات تعمل على استمرار الاضطراب الأمني في دارفور.
وينتقد إبراهيم مطالب بعضهم بإخراج من يسمون بالمستوطنين الجدد، من خلال استخدام وسيلة الاعتصام، ويرى أنها قد تؤدي إلى انقسامات في المجتمع يمكن أن يتم استثمارها من بعض الأطراف التي تريد أن تعيد المنطقة إلى الصراع المسلح الذي تغلغل في الإقليم بسبب سياسات النظام المعزول بخلق الصراع بين المجموعات السكانية.
وفي ضاحية سوبا، الواقعة جنوب العاصمة الخرطوم، حيث لا يزال الاعتصام مستمراً لأكثر من أسبوع، يطالب المواطنون بتوصيل الكهرباء ومياه الشرب للمنطقة التي ظلت تعاني من انعدام تلك الخدمات لأكثر من 4 عقود.
ويقول المحلل السياسي عبد الله رزق إن الاعتصامات والمظاهرات السلمية ممارسة ديمقراطية ظلت غائبة لأكثر من 3 عقود. وبعد سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير، انفتح الناس بشغف وبتطرف لتأكيد حقهم في ممارستها، بصفتها شكلاً من أشكال التعبير والاحتجاج السلمي.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.