عشائر الأنبار تتوحد ضد «داعش».. وتختلف حول إدارة المحافظة والتسليح الخارجي

قيادي في تحالف القوى لـ («الشرق الأوسط»): لا ثقل لمن يعتزم الذهاب إلى إيران

عناصر أمن ينتشرون في إحدى مناطق الرمادي (رويترز)
عناصر أمن ينتشرون في إحدى مناطق الرمادي (رويترز)
TT

عشائر الأنبار تتوحد ضد «داعش».. وتختلف حول إدارة المحافظة والتسليح الخارجي

عناصر أمن ينتشرون في إحدى مناطق الرمادي (رويترز)
عناصر أمن ينتشرون في إحدى مناطق الرمادي (رويترز)

نفى وزير الصناعة العراقي السابق محمد ناصر الكربولي، القيادي الحالي في تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان)، أن يكون هناك فراغ حكومي داخل محافظة الأنبار، في وقت أكدت فيه عشائر البونمر التي تقاتل تنظيم داعش في قضاء هيت منذ نحو شهرين أنها لن تستطيع مواصلة القتال أكثر من خمسة أيام أخرى.
وقال الكربولي، النائب عن محافظة الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المظاهرات التي جرت أمام مبنى المحافظة (أمس) تستهدف بالدرجة الأولى رئيس مجلس المحافظة صباح كرحوت وليس المحافظ أحمد الدليمي المصاب منذ أكثر من ثلاثة شهور». وأضاف الكربولي أن «هذه المظاهرات لا أجد أن هناك مبررا، لها إلا إذا كانت لأغراض أخرى، لأن المحافظة لم تشهد أي فراغ إداري، حيث يوجد هناك أكثر من نائب للمحافظ يديرون المحافظة التي تواجه الإرهاب منذ سنوات، واليوم تواجه (داعش) منذ نحو سنة، ولا يمكن أن يتم ذلك من دون إدارة وتنسيق مع مختلف الجهات السياسية والعشائرية داخل المحافظة وخارجها».
وتابع الكربولي «أما على صعيد مجلس المحافظة فإن هناك أربعة أعضاء من أعضاء المجلس يداومون في المجلس لفترة من الزمن ومن ثم يجري استبدالهم بأربعة آخرين، وبالتالي فإن الأمور الإدارية وغيرها تسير بشكل طبيعي»، مشيرا إلى أن «الهدف من هذه المظاهرات إعلامي ولا شيء آخر».
في سياق ذلك، وفي الوقت الذي بدأت تظهر فيه على السطح الخلافات الخاصة بشغور منصب محافظ الأنبار أحمد الدليمي، فإنه وطبقا لما أعلنه نائب محافظ الأنبار مصطفى العرسان «مدد المحافظ إجازته لشهر إضافي لحين تماثله للشفاء الكامل من جروحه التي أصيب بها خلال معارك تطهير حديثة». وقال العرسان في تصريح أمس إن محافظ الأنبار «لا يزال راقدا في المستشفى لتلقي العلاج، وتم تجديد إجازته لشهر إضافي إلى حين تماثله للشفاء الكامل».
وردا على سؤال بشأن ما يشار عن خلافات بين عشائر الأنبار بخصوص ملف التسليح والذهاب إلى واشنطن وإيران، قال الكربولي إن «قضية التسليح هي مسؤولية الحكومة لكنها للأسف لم تقم بواجبها بما يلبي حاجة العشائر إلى السلاح ورغبتها في مقاتلة (داعش)، لكن أن يدفع تقصير الحكومة إلى البحث عن السلاح في أمكنة أخرى فإن هذا يحمل دوافع أخرى لا صلة لها بمقاتلة (داعش)». وبشأن ذهاب وفد عشائري إلى واشنطن لأغراض التسليح، قال الكربولي «لم يذهب أحد من عشائر الأنبار إلى واشنطن، ومن ذهب فإنه لا يمثل إلا نفسه». وفي ما يتعلق بإعلان بعض شيوخ الأنبار الذهاب إلى إيران لأغراض التسلح، قال الكربولي إن «من أعلن عن ذلك هم ليسوا شيوخ الأنبار، وإنما بعض قادة الصحوات، مثل حميد الهايس ووسام الحردان، وهؤلاء لا ثقل لهم بين العشائر في الأنبار، وأعود لأقول إن الحكومة يجب أن تتحمل مسؤوليتها حيال هذه المسألة، وأن تقوم بواجبها تجاه العشائر المتحمسة لمقاتلة (داعش)».
في السياق نفسه، أكد شيخ عشيرة البونمر في الأنبار، نعيم الكعود، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «السلاح الموجود لدينا الآن لمقاتلة داعش لا يكفينا إلا لمدة خمسة أيام، بعدها لن يكون بمقدورنا مقاتلة هذا التنظيم الذي يملك الأسلحة الحديثة». وأضاف الكعود «إنني بعثت برسالة إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي بهذا الخصوص وأبلغته بحقيقة الأمر، وطلبت منه إما الإسراع بتسليحنا أو السماح لنا بشراء الأسلحة على نفقتنا وتسجيلها من قبل الدولة ذمة علينا، لأننا في النهاية لا نريد أن نكون ميليشيات». وحول الوفود العشائرية السنية التي ذهبت إلى واشنطن والتي تروم الذهاب إلى إيران لأغراض التسليح، قال الكعود إن «عشائر الأنبار خصوصا التي تقاتل على الأرض هي وشيوخها لم تذهب إلى واشنطن، ولن تذهب إلى إيران، لأننا نرى أن التسليح هو من مسؤولية الدولة والحكومة وليس جهات خارجية». وأشار إلى أن «الوفد الذي ذهب إلى واشنطن وفد حزبي وليس عشائريا، أما من يريد الذهاب إلى إيران فهم قادة الصحوات، ولا علاقة لشيوخ الأنبار وعشائرها بمثل هذه الأمور، بل إننا نناشد الحكومة مساعدتنا لأنها تتحمل المسؤولية وليس أي طرف خارجي».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.