البرج الأول من مركز التجارة العالمي يفتح أبوابه للعمل كرمز للصمود

البرج الأول من مركز التجارة العالمي يفتح أبوابه للعمل كرمز للصمود
TT

البرج الأول من مركز التجارة العالمي يفتح أبوابه للعمل كرمز للصمود

البرج الأول من مركز التجارة العالمي يفتح أبوابه للعمل كرمز للصمود

بعد مرور أكثر من 13 عاما على هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول) التي أسفرت عن دمار برجي التجارة العالميين وصل يوم الاثنين أول موظفين لأول مستأجر في المبنى، الذي شيد محل البناء المتهدم فيما يعد رمزا لقوة مدينة نيويورك الشامخ، ليباشروا أعمالهم لليوم الأول. ويقول جوردن بارويتز، الموظف في منظمة «ديرست» التي تولت مهمة تشييد البرج الأول من مبنى التجارة العالمي بالاشتراك مع هيئة موانئ نيويورك ونيوجيرسي: «إنه لمبنى جميل تاريخي، لكنه مبنى إداري ومتاح ليكون مقرا للأعمال».
على ارتفاع 1.776 قدما يقف المبنى محل البرج الشمالي الذي كان يوجد قبل هجمات الـ11 من سبتمبر. ولكن في حين حمل الصباح المشمس ليوم الأحد معه بشائر جو صيفي هادئ قبل أن تدمر أول طائرة البرج الأول من مركز التجارة العالمي، ويلوّن الدخان السماء الزرقاء بلونه الداكن، كان يوم الاثنين باردا عاصفا عند وصول العاملين بدار نشر «كوندي ناست» للمجلات. لقد مروا أسفل أسقف المدخل الشاهقة المزدانة بالرخام الأبيض الذي تم استخراجه من المحجر نفسه الذي استخرج منه رخام البرجين القديمين، ليظل هذا واحدا من تفاصيل كثيرة تذكرهم دوما بالصلة الحتمية التي تربك مكان العمل الجديد بذلك اليوم وبعهود التجديد التي قطعها المسؤولون المنتخبون وكذلك المواطنون العاديون على أنفسهم.
كان هناك أيضا شعور بالخوف أكده الممثل الكوميدي كريس روك في برنامج «ساترداي نايت لايف» قبل الافتتاح بأقل من 36 ساعة. وقال مشيرا إلى البرج الأول من مركز التجارة العالمي باسم برج الحرية: «ينبغي أن يغيروا الاسم من برج الحرية إلى البرج الذي لا ينبغي الذهاب إليه أبدا، لأنني لن أذهب إليه أبدا. ولن أضطر تحت أي ظرف من الظروف إلى دخول هذا المبنى». وقال فيجاي رامشاريتار، أحد العاملين في «كوندي ناست» (25 عام) والذي يشغل مكتبه الطابق الواحد والعشرين: «أتفهم الخوف الذي يعبر عنه»، مؤكدا في الوقت نفسه تصميمه على الذهاب إلى العمل قائلا: «إذا عشت في حالة من الخوف، لن تفعل أي شيء في حياتك». واعتبر المبنى «مصدر إلهام» مشيرا إلى أنه من الرائع أن يكون لدى المرء محل هناك.
وقالت مارغو كوبل البالغة من العمر 42 عاما وتعمل في قسم التسويق لدى «كوندي ناست» إن والدتها أخبرتها كم كانت متوترة قليلا عندما علمت بالمكان الذي ستتوجه إليه. وتحدثنا مارغو قائلة: «لقد أخبرتها أن هذا على الأرجح هو أكثر المباني أمانا في نيويورك». وتوقف تشارلز تاونسيند، الرئيس التنفيذي لـ«كوندي ناست»، بسيارته «مرسيدس بينز ليموزين» أمام المدخل الجنوبي بينما دخل مساعدوه. ولو كانوا قد جاءوا بسيارات يقودها سائقون لم يكونوا ليستطيعوا دخول شارع فيسي، حيث تم تشييد حوامل معدنية قابلة للإغلاق على الرصيف لتمنع المرور. لقد كانوا هناك صباح يوم الاثنين حين تم نشر ضباط الشرطة في محيط المبنى. كان على العاملين الذين دخلوا من بوابة شارع فيسي تقديم بطاقات الهوية، وكذلك تقديمها مرة ثانية عند وصولهم إلى الأبواب الدوارة التي تؤدي إلى المصاعد.
وقال أوستين باركر، الذي يعمل في شركة تركيب الوسائط البصرية والسمعية والتي استعانت بها شركة «كوندي ناست»، إن الإجراءات والنظم الأمنية كانت تحيط بالعاملين من جميع الجهات، موضحا أنه تم إخطاره بمخارج الهروب. وأضاف قائلا: «في البداية يسألونك ماذا تفعل هنا، ثم تبدأ في فهم المكان وتقدير تاريخه». وكانت لحظة الوصول إلى الشركة لحظة استثنائية، وإن مرت بطريقة عادية للغاية، حيث دخل العاملون المبنى واستقلوا المصاعد متوجهين نحو الطوابق التي توجد بها مكاتبهم، ولم يتم قصّ شريط افتتاح، ولم تعزف أي فرقة الموسيقى، ولم يلق أي من المسؤولين المنتخبين أي خطاب. ومن أسباب ذلك انشغال المحافظ أندرو كومو بمواعيد في أماكن أخرى.
والعاملون هم من تطلق عليهم الشركة موظفين بالشركة أي إنهم لا يعملون لدى مجلة محددة من مجلاتها، حيث يعمل البعض في قسم الموارد البشرية، بينما يعمل البعض الآخر في المحاسبة. هل تسأل عن التألق؟ سيأتي لاحقا مثلما ستتألق كل من «فوغ» و«فانيتي فير» و«ذا نيويوركور» والمجلات الأخرى التابعة لـ«كوندي ناست». وقد جاء هذا كثمرة لـ13 عاما من الخلافات الشعبية غير العادية على المعماريين والتصميمات، والمناورات السياسية، والمشاحنات البيروقراطية، وأعمال البناء المعقدة. يوم الاثنين سيكون قد مرّ 4.802 يوم على هجمات الـ11 من سبتمبر، وعند الساعة الثامنة وست وأربعين دقيقة بالتحديد، وهو توقيت ضرب أول طائرة للواجهة الشمالية من البرج الشمالي عام 2001، ستكون قد مرت 115.224 ساعة. بالنسبة إلى كثيرين في لوار مانهاتن كان يوم الاثنين يوم إعلان إعادة دمج موقع مركز التجارة في نسيج المدينة. على مستوى الرصيف، ظلت المساحة المحيطة به خارج حدود المكان لفترة طويلة مما جعل البرج الأول من مركز التجارة العالمي بعيدا ومنزويا بشكل ما رغم مرور آلاف من العاملين بجانبه في طريقهم إلى عملهم في المباني القريبة من ويست ستريت والتي كان يطلق عليها قبل الـ11 من سبتمبر المركز المالي العالمي وبات يطلق عليها الآن بوركفيلد بليس. وبدأ بناء البرج الأول من مركز التجارة العالمي عام 2006 بأرقام ضخمة، حيث تحتوي الطبقة الخارجية التي يكتسي بها المبنى على زجاج يكفي لتغطية 20 ملعبا لكرة القدم. ويكافئ الصلب، الذي استخدم في تشييد المبنى، الصلب الذي يستخدم في صناعة 20 ألف سيارة، أما الخرسانة فتكفي لبناء رصيف سمكه 4 بوصات يمتد من نيويورك إلى شيكاغو. ويقع المبنى الجديد بالقرب من النصب التذكاري لضحايا الهجمات.
وهناك أيضا متحف يضم نموذجا ضخما لبرجي التجارة في واجهة زجاجية يتطلع إليها السائحون. أما بركة السباحة الشمالية الذي يصل عمق المياه فيها إلى 30 قدما فلا تزال في موقعها القريب ومحاطة بأسماء الضحايا. مع ذلك هناك مؤشرات تدل على عودة لوار مانهاتن إلى الحياة مثل اللافتة المعلقة على مبنى والتي تروج لشقق سكنية في الطوابق العليا من فندق فخم. وتستأجر «كوندي ناست»، التي قالت في تصريح إنها «فخورة بمشاركتها في هذه اللحظة المهمة من تجديد المدينة»، 24 طابقا في البرج الأول من مركز التجارة العالمي.
وكان الـ175 موظفا الذين انتقلوا للعمل في المبنى يوم الاثنين هم الدفعة الأولى من العاملين في الشركة. وإذا كان اليوم الأول في المقر الجديد يتعلق بأسئلة يومية معتادة مثل هل الطريق إلى العمل أطول أم أقصر، أو منصة عمل القهوة القريبة جيدة أم لا، فقد رأى العاملون في «كوندي ناست» أمرا مألوفا في طريقهم إلى العمل، حيث يقع بالقرب من المداخل متجر لبيع المجلات والتي من بينها مجلات «كوندي ناست». كذلك يبيع المتجر المشروبات الغازية والوجبات الخفيفة ويمكنهم مقابل 24.99 دولار ابتياع نموذج مصغر لمبناهم الجديد ليضعوه على مكاتبهم فيذكرهم بالمكان الذي يجلسون فيه.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».