«سد النهضة»: مصر تتحدث عن تطابق مع السودان في الجوانب القانونية

المفاوضات تتواصل حتى 11 يوليو... ووفد الخرطوم قدم إحاطة كاملة إلى فريق الخبراء الأفريقي

قالت القاهرة إنها «قدمت مقترحاً يحقق هدف إثيوبيا» مشيرة إلى «استمرار المفاوضات حتى يوم 11 يوليو الجاري» (أ.ف.ب)
قالت القاهرة إنها «قدمت مقترحاً يحقق هدف إثيوبيا» مشيرة إلى «استمرار المفاوضات حتى يوم 11 يوليو الجاري» (أ.ف.ب)
TT

«سد النهضة»: مصر تتحدث عن تطابق مع السودان في الجوانب القانونية

قالت القاهرة إنها «قدمت مقترحاً يحقق هدف إثيوبيا» مشيرة إلى «استمرار المفاوضات حتى يوم 11 يوليو الجاري» (أ.ف.ب)
قالت القاهرة إنها «قدمت مقترحاً يحقق هدف إثيوبيا» مشيرة إلى «استمرار المفاوضات حتى يوم 11 يوليو الجاري» (أ.ف.ب)

تحدثت مصر عن «تطابق مع السودان بشأن الجوانب القانونية المتعلقة بـ(سد النهضة) الإثيوبي». وقال الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري في مصر، إن «هناك تطابقاً تقريباً في وجهتي النظر المصرية والسودانية حول الأمور القانونية المتعلقة بالسد»؛ لكنه أشار في الوقت ذاته إلى «وجود خلافات في الأمور الفنية، لأن ما يهم السودان، هو مُختلف عما يهم مصر»، موضحاً أن «السودان يهمه في الأساس سلامة وأمان السد، وتأثيراته الاجتماعية والبيئية، وكذا التغيير في كمية المياه التي قد تسبب مشكلة في السودان». فيما تواصلت أمس لقاءات المراقبين مع وزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا عبر «الفيديو كونفرنس» لحسم «الخلافات».
وقالت القاهرة إنها «قدمت مقترحاً يحقق هدف إثيوبيا»، مشيرة إلى «استمرار المفاوضات حتى يوم 11 يوليو (تموز) الجاري». فيما قدم وفد السودان في مفاوضات سد النهضة، إحاطة كاملة للمراقبين وفريق الخبراء الأفريقي بمقترحاته التي تقدم بها في جولات التفاوض السابقة لتجاوز الخلافات في الجوانب القانونية والفنية، التي يمكن أن توصل لاتفاق قبل ملء السد، في غضون ذلك تتواصل جولات التفاوض بين الدول الثلاث. وقالت وزارة الري السودانية، في بيان، إن «وفدها المفاوض قدم إجابات عن العديد من الأسئلة والاستفسارات التي طرحها المراقبون».
وكشف وزير الري السوداني، ياسر عباس، عن تقدم محدود في المسائل القانونية المختلف حولها في اجتماع (الجمعة) الماضي، لكنه لم يكشف عنها. ومنح الاتحاد الأفريقي وفود الدول الثلاث مهلة أسبوعين لمواصلة التفاوض، التي توقفت في 17 من يونيو (حزيران) الماضي، وحال لم يتم توافق ربما يقترح تمديد المفاوضات أو الرجوع لرؤساء وزراء الدول الثلاث. وقال عباس: «نأمل أن نصل لاتفاق في القريب العاجل»، مشيراً إلى أن وجود المراقبين يساهم في تقريب الشقة بين الأطراف الثلاثة.
وأحالت القاهرة قضية «سد النهضة» إلى مجلس الأمن، بعد أن فشلت المحادثات الثلاثية، بين مصر وإثيوبيا والسودان في منتصف يونيو الماضي، للتوصل لاتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار، ويتم بناؤه قرب حدود إثيوبيا مع السودان. وتعول أديس أبابا على السد كثيراً للنمو عبر توليد الطاقة الكهربائية، وهو ما تعتبره مصر تهديداً «وجودياً» إذا لم يتم الاتفاق بشأن قواعد سلامته وآليات تخزين المياه خلفه وضمان تدفق كميات مناسبة من مياه النيل التي تعتمد عليها بشكل شبه كلي. واستكملت أمس الجولة الرابعة من المفاوضات بين الأطراف الثلاثة برعاية جنوب أفريقيا، وبحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا وممثلي مكتب الاتحاد الأفريقي ومفوضية الاتحاد الأفريقي، والخبراء القانونيين من مكتب الاتحاد الأفريقي، في مسعى للتوافق بشأن تشغيل وملء السد.
وعقد الفريق المصري في المفاوضات أول من أمس اجتماعه الثنائي مع المراقبين والخبراء، من أجل استعراض الموقف المصري إزاء ملء وتشغيل السد؛ وذلك في إطار محاولة تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث. وأكد وزير الري المصري خلال تصريحات متلفزة للقناة الأولى بالتلفزيون الرسمي في مصر، الليلة قبل الماضية، أن «مصر قدمت مقترحاً فنياً لتوليد 85 في المائة من الكهرباء التي من المقرر أن يولدها السد». فيما قال محمد السباعى، المتحدث باسم وزارة الري، أمس، إن «المقترح المصري حول السد عادل وشامل ومستدام بإمكانه تحقيق التنمية والحفاظ على الموارد المائية»، مشيراً إلى أنه «بالإمكان الوصول إلى اتفاق بشأن (سد النهضة) يضمن عدم تغول طرف على الأطراف الأخرى، على حد قوله».
وأفصح وزير الري السوداني، عن النقاط في المسائل الفنية التي لم تحسم بعد، وتتمثل في التغير اليومي حال زاد منسوب المياه في سد النهضة، وأثر ذلك على تشغيل سد (الرصيرص) السوداني، بجانب متوسط طريقة تشغيل سد النهضة وفق القواعد الدولية المعروفة عن كل سد.
وقال عباس في مقابلة مع تلفزيون (سودان بكرة): «من القضايا الأخرى المهمة في الجوانب الفنية والتي لم تحسم بعد، كيفية التعامل إذا حدث جفاف لعدة سنوات متواصلة، وأدى إلى ضعف الإيرادات، يمكن أن ينخفض منسوب المياه في سد النهضة، وهو ما يحتاج إلى تنسيق حول كيفية ملء سد النهضة والسد العالي في نفس الوقت». وأكد أن أهداف السودان الأساسية في التفاوض حماية مصالحه، وتأمين سلامة السدود السودانية أثناء تشغيل سد النهضة.
من جهته، قال وزير الري المصري إن «المفاوضات ما زالت جارية حتى 11 يوليو الجاري، و(لو في ربع في المائة أمل، نحن وراءه لآخر مدى سوف نتفاوض)، وإنه من المبكر، الحديث حول ما سيتم من إجراءات حال فشل المفاوضات»، مؤكداً أن «مصر لديها رغبة سياسية للوصول إلى اتفاق حول السد، آملاً في أن تمتلك إثيوبيا نفس تلك الإرادة»، مضيفاً أن «أي كمية مياه سيتم ملء (سد النهضة) بها ستقل من نسبة المياه الخارجة من حدود إثيوبيا باتجاه مصر، وهو ما يتسبب في حدوث جفاف صناعي نتيجة حجز المياه في السد»، لافتاً إلى أنه «لو صاحب هذا الجفاف الصناعي جفاف طبيعي، فستحدث أزمة كبيرة لمصر، لذا تسعى مصر للوصول لاتفاق حول (فترات الجفاف)».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.