التحقيق مع نائب البشير في «مجزرة ضباط رمضان»

استجواب بكري صالح حول دوره في تصفية 29 شخصاً خلال انقلاب 1990

صورة لبكري حسن صالح في 2 مارس 2017 (أ.ف.ب)
صورة لبكري حسن صالح في 2 مارس 2017 (أ.ف.ب)
TT

التحقيق مع نائب البشير في «مجزرة ضباط رمضان»

صورة لبكري حسن صالح في 2 مارس 2017 (أ.ف.ب)
صورة لبكري حسن صالح في 2 مارس 2017 (أ.ف.ب)

واصلت النيابة العامة السودانية تحقيقاتها في قضية تصفية 29 ضابطاً (الشهيرة بمجزرة ضباط رمضان) عام 1990 حيث استجوبت لجنة التحقيق الخاصة، بكري حسن صالح، النائب الأول الأسبق للرئيس المعزول عمر البشير، على دوره في الجريمة.
وذكرت مصادر بلجنة التحقيق لـ«الشرق الأوسط»، أن صالح، الذي شغل منصب النائب الأول للبشير، ورئيس الوزراء، وكان من الفاعلين في انقلاب يونيو (حزيران) 1990 مثُل أمام لجنة التحقيق الخاصة المشكلة بقرار من النائب العام، أمس، واستجوبته على دوره في تصفية 29 ضابطاً، تم قتلهم رمياً بالرصاص، ودفنهم في مقبرة جماعية ما تزال مجهولة.
وأعلن النائب العام، تاج السر الحبر، الشهر الماضي، سماع شهادات أكثر من 30 شخصاً، وأن التحقيقات التي أجرتها النيابة وصلت مرحلة تحديد المسؤولية الجنائية وشارفت على توجيه «تهم جنائية». ويواجه نحو 30 من أعضاء المجلس العسكري الانتقالي برئاسة البشير، وعدد من قيادات حزب الجبهة الإسلامية بزعامة الترابي، اتهامات بالقتل خارج القانون، وبتصفية خصومهم العسكريين، فيما يعرف بجريمة تصفية ضباط حركة رمضان 1990 العسكرية. وحقّقت اللجنة، أول من أمس، مع البشير، في ذات القضية، بيد أن الرجل لزم الصمت ورفض التعاون مع لجنة التحقيق، وذلك بعد أشهر من الحكم عليه بالسجن عامين بتهمة «الثراء الحرام والتعامل غير المشروع بالنقد الأجنبي»، فيما تنتظره محاكمات أخرى، بينها قضية «ضباط رمضان»، وتدبير انقلاب الإنقاذ، وهي اتهامات تصل عقوبتها إلى الإعدام، فضلاً عن محكمة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم تصفية عرقية، تتهمه بها المحكمة الجنائية الدولية، التي تطالب الحكومة السودانية بتسلميه.
وأعلن القضاء السوداني أنه سيبدأ محاكمة عمر البشير، والعشرات من قادة حكمه وقادة الجبهة الإسلامية، المتهمين بالانقلاب على النظام الديمقراطي في 1989. والتي تأخرت بسبب جائحة كورونا، وينتظر أن تراعى فيها الاشتراطات الصحية.
ويقبع العشرات من أنصار نظام البشير، في السجن منذ إسقاط حكمهم في 11 أبريل (نيسان) 2019. وأبرزهم البشير نفسه، ونائبه الأول الأسبق علي عثمان محمد طه، ونائبه الأول بكري حسن صالح، ووزير داخليته عبد الرحيم محمد حسين، ومساعده في حزب المؤتمر الوطني المحلول أحمد هارون، و3 منهم مطلوبون لمحكمة الجنايات الدولية، بالإضافة إلى نائب الترابي ورئيس حزب المؤتمر الشعبي علي الحاج محمد.
وفي ليلة 28 رمضان 1990 فشل تحرك قامت به مجموعة من الضباط، ذوي ميول قومية، للانقلاب على نظام الإسلاميين واستعادة الديمقراطية، وألقت حكومة البشير القبض عليهم، وأجرت لهم محاكمة عسكرية سريعة، أمرت بإعدامهم ودفنهم خلال ساعات. وتشكلت محاكم عسكرية أصدرت أحكاماً صورية وسريعة بالإعدام، شملت خصوصاً عضو مجلس قيادة الثورة وقتها عقيد إبراهيم شمس الدين، والعقيد بابكر الخنجر، وأبلغت لجنة الأمن التي كان ضمن أعضائها بكري حسن صالح ونافع علي نافع، فوافقت على أحكام الإعدام والطرد من الخدمة والإعدام رمياً بالرصاص. وبعد أن صادق البشير على أحكام الإعدام، نفذت إعدامات وحشية بحقهم على شكل مجموعات، وأطلق عليهم النار من الخلف، ودفنهم قبل التأكد من وفاتهم في مقبرة ما تزال مجهولة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».