الحكومة السودانية تتعهد توفير الأمن لدارفور بعد احتجاجات

اتفاق على تكوين قوات مشتركة لجمع السلاح ووقف بطش الميليشيات

متظاهر يحمل لافتة مؤيدة لـ«اعتصام نيرتتي» في دارفور خلال مظاهرة في الخرطوم السبت الماضي (إ.ب.أ)
متظاهر يحمل لافتة مؤيدة لـ«اعتصام نيرتتي» في دارفور خلال مظاهرة في الخرطوم السبت الماضي (إ.ب.أ)
TT

الحكومة السودانية تتعهد توفير الأمن لدارفور بعد احتجاجات

متظاهر يحمل لافتة مؤيدة لـ«اعتصام نيرتتي» في دارفور خلال مظاهرة في الخرطوم السبت الماضي (إ.ب.أ)
متظاهر يحمل لافتة مؤيدة لـ«اعتصام نيرتتي» في دارفور خلال مظاهرة في الخرطوم السبت الماضي (إ.ب.أ)

تعهدت الحكومة السودانية لمعتصمين في منطقة بولاية وسط دارفور بتلبية مطالبهم المتمثلة في توفير الأمن للسكان المحليين وتأمين الموسم الزراعي من بطش الميليشيات المسلحة، وذلك بعد أكثر من أسبوع على احتجاج آلاف السكان في منطقة نيرتتي الخصيبة والواقعة على سفوح جبل مرة (ألف كيلومتر من العاصمة الخرطوم) الذين يطالبون بتوفير الأمن للسكان المحليين.
وأرسلت الحكومة وفداً وزارياً يضم أيضاً عناصر المجلس السيادي، اجتمع مع المعتصمين وتعهد لهم بتلبية مطالبهم. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا»، أمس، عن رئيس الوفد محمد حسن التعايشي قوله إنه تم التوافق مع لجنة الاعتصام، وجرى اتفاق على تكوين قوة مشتركة من الجيش و«الدعم السريع» والشرطة، تعمل على جمع السلاح وحسم الانفلات الأمني وتأمين الموسم الزراعي. واتفق الوفد أيضاً على تنظيم «التعدين الأهلي للذهب»، تحت إشراف «الشركة السودانية للموارد المعدنية»، ودعم مبادرة التعايش السلمي بمنطقة غرب جبل مرة، وإنشاء محكمة عامة في نيرتتي، ونيابة عامة لتعزيز سيادة حكم القانون، فيما تم التوافق على إنشاء مفوضية للأراضي في دارفور تنظم ملكية الأراضي و«الحواكير»، ومنع القطع الجائر للأشجار، وحماية البيئة، وتنفيذ مشروعات تنموية في المنطقة ضمن برنامج تنمية وإعادة إعمار دارفور، وفقاً لمفاوضات السلام الجارية في عاصمة جنوب السودان جوبا.
وحظي اعتصام مواطني نيرتتي بتضامن شعبي واسع، وهو ما دفع برئيس الوزراء عبد الله حمدوك، إلى القول عبر صحفته في «فيسبوك» إن «مطالب أهلنا في نيرتتي بولاية وسط دارفور، عادلة ومستحقة». ووجه حمدوك وفداً رسمياً لزيارة نيرتتي والالتقاء مع المعتصمين وتحقيق مطالبهم. وأثنى حمدوك على «الشكل الحضاري» لاعتصام سكان نيرتتي.
وقال المتحدث الرسمي باسم المعتصمين، آدم داود، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المواطنين نظموا احتجاجات شعبية للمطالبة بتوفير الحماية الأمنية لهم من هجمات الميليشيات، والقتل الممنهج واستهداف النشطاء في المنطقة، بيد أن الميليشيات قتلت امرأة وعسكرياً في أحد معسكرات النازحين الأحد الماضي، مما جعل المواطنين يعتصمون حول مكاتب الإدارة المحلية في المنطقة».
وتعد نيرتتي واحدة من المدن السياحية المهمة في منطقة جبل مرة، ويبلغ عدد سكانها نحو 120 ألفاً، ويعتمدون في عيشهم على الزراعة والرعي على ضفاف الأودية والسهول والمدرجات المتحدرة من جبل مرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».