تشاك هيغل في زيارة أخيرة لأفغانستان قبل أيام من مغادرته منصبه

تشاك هيغل في زيارة أخيرة لأفغانستان قبل أيام من مغادرته منصبه
TT

تشاك هيغل في زيارة أخيرة لأفغانستان قبل أيام من مغادرته منصبه

تشاك هيغل في زيارة أخيرة لأفغانستان قبل أيام من مغادرته منصبه

وصل وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل إلى كابل اليوم (السبت)، في زيارة لم يعلن عنها سلفا لأفغانستان، قبل أيام من مغادرته منصبه وانسحاب قوات حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة من هذا البلد، الذي عبر للصحافيين عن تفاؤله في مستقبله.
وقال هيغل اليوم إنه متفائل بمستقبل أفغانستان التي يزورها في نهاية وجود عسكري أميركي ودولي استمر 13 عاما وكان أطول نزاع في تاريخ الولايات المتحدة.
ويلتقي هيغل خلال زيارته المفاجئة التي لم يكشف عنها سلفا لأسباب أمنية، الرئيس الأفغاني أشرف غني ورئيس السلطة التنفيذية عبد الله عبد الله، وكذلك نظيره الأفغاني، والجنرال جون كامبل قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان.
وقال هيغل للصحافيين قبل هبوط طائرته إن أفغانستان «قطعت شوطا كبيرا» في العقد الماضي، مشيرا إلى أن الحكومة الأفغانية المنتخبة أخيرا وجيشها قادران على تحمل المسؤولية بعد انسحاب القوات الدولية في نهاية الشهر الحالي.
ورأى وزير الدفاع الأميركي الذي يعترف بأن متمردي طالبان سيبقون مشكلة، أن أفغانستان اتبعت المسار الصحيح.
وأضاف هيغل أن «الأفغان يعيشون اليوم بشكل أفضل مما كانوا عليه قبل 13 عاما»، مشددا على أنهم «يستطيعون تقرير مصيرهم وطريقتهم في تحقيق ذلك ووضع شروطهم. لم يحققوا ذلك بالكامل لكنهم قطعوا شوطا كبيرا».
ويفترض أن تنتهي المهمة القتالية للحلف الأطلسي في أفغانستان في 31 ديسمبر (كانون الأول).
لكن نحو 12 ألفا و500 جندي بينهم 9800 أميركي سيبقون على الأراضي الأفغانية، بهدف مساعدة الجيش الأفغاني وتأهيله في إطار مهمة يطلق عليها اسم «الدعم الحازم».
وكان عدد جنود الحلف الأطلسي يبلغ 130 ألفا في 2010 في أوج تدخل التحالف الدولي.
وصرح الرئيس الأميركي باراك أوباما في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن تشاك هيغل سيغادر منصبه.
وأعلن أوباما أمس تعيين أشتون كارتر وزيرا للدفاع. كارتر معروف بصراحته التي بإمكان الرئيس الاتكال عليها وعلى معرفته الدقيقة بأوضاع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، ويفترض أن يوافق مجلس الشيوخ الأميركي على هذا التعيين.
وكان هيغل (68 سنة) الذي قاتل في فيتنام ويعارض بشدة سياسة التدخل، الجمهوري الوحيد في حكومة أوباما، وقد تولى حقيبة الدفاع قبل سنتين.
وخلال عمله في الوزارة، كانت خطته تقضي بتأمين انسحاب الجنود الأميركيين من أفغانستان.
وكان الرئيس الأفغاني أشرف غني عبر الخميس عن أمله في ألا تعود بلاده أبدا بعد اليوم بحاجة إلى تدخل قوات قتالية أجنبية لضمان أمنها واستقرارها.
وقال غني في ختام مؤتمر للمانحين في لندن إن «الأفغان خلال تاريخهم الطويل لم يحتاجوا لدعم مسلح إلا خلال السنوات الـ30 الماضية. نأمل أن لا نعود أبدا بعد اليوم بحاجة إلى دعم مسلح مباشر».
وأكدت 59 دولة الخميس في ختام هذا الاجتماع دعمها للإصلاحات التي أعلن الرئيس الأفغاني عزمه على إجرائها، كما جددت الالتزامات المالية التي كانت قطعتها في 2012 إزاء كابل.
وبعد أن وجهت تحية إلى «أول انتقال ديمقراطي للسلطة» في تاريخ البلاد عبر انتخابات سبتمبر (أيلول)، أكدت هذه الدول المانحة أن مجمل الإصلاحات التي يعتزم غني إجراءها لتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي وتعزيز حقوق الإنسان هي إصلاحات «جديرة بالثقة».
وسعت الإدارة الأفغانية الجديدة إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الغرب من خلال مؤتمر المانحين الذي عقد في لندن الخميس، كما تحاول منذ فترة إحلال السلام في الداخل مع دنو موعد رحيل قوات الحلف الأطلسي من أفغانستان.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».