البيئة في مجلات الشهر: هل العالم مستعد للوباء التالي؟

البيئة في مجلات الشهر: هل العالم مستعد للوباء التالي؟
TT

البيئة في مجلات الشهر: هل العالم مستعد للوباء التالي؟

البيئة في مجلات الشهر: هل العالم مستعد للوباء التالي؟

فرضت جائحة كورونا نفسها على جميع إصدارات الأعداد الجديدة من المجلات العلمية في مطلع شهر يوليو (تموز)، إلى جانب أثر التغيُّر المناخي على الطبيعة والبشر. وفي أكثر من مجلة، كان النقاش حول ضعف الاستعدادات حول العالم لمواجهة هذه الأزمة رغم كثرة التحذيرات باحتمال حصولها منذ سنوات عدة.
- «ناشيونال جيوغرافيك»
ضمّ العدد الجديد من ناشيونال جيوغرافيك (National Geographic) تقريراً عن جائحة كورونا، إلى جانب تغطية خاصة عن هضبة التبت والمخاطر البيئية التي تتعرض لها. ففي الموضوع الأول، ناقشت المجلة ضعف الاستعداد لفيروس كورونا رغم التحذيرات المسبقة عن مخاطر ظهور فيروسات ناشئة. وتنسُب المجلة هذا الخلل في جانب منه إلى أن الجائحات، باستثناء مرض فقدان المناعة المكتسبة، كانت تظهر وتبقى بمجملها في مناطق نائية. وفي الموضوع الثاني، عرضت المجلة تخلّي سكّان ولاية «لداخ» الهندية عن أراضيهم تحت وطأة تغيُّر المناخ وما ينتج عنه من جفاف يرتبط بتراجع الهطولات المطرية ونضوب الموارد المائية.
- «نيو ساينتِست»
استمرت المقالات حول جائحة «كورونا» في تصدّر أغلفة الإصدارات الأخيرة لمجلة نيو ساينتِست (New Scientist). ومن بينها مقال بعنوان «كيف نوقف الوباء التالي؟» تناوَل سُبل الاستفادة من قصص النجاح السابقة، والمصادر المحتملة للتهديد الفيروسي التالي، والمخاطر الصحية التي يجب التصدي لها بجدية. وناقشت المجلة في مقال آخر التزايد المطّرد في ظاهرة البرق حول العالم سنة بعد سنة. ورغم محدودية المعلومات المتوفرة، يُقدَّر أن البرق يتسبب في وفاة 24 ألف شخص سنوياً وإصابة عشرة أضعاف هذا الرقم، كما يتسبب في موت 190 مليون شجرة سنوياً وإلحاق الضرر بنصف مليار شجرة أخرى. ويربط علماء بين زيادة تكرار ظاهرة البرق وارتفاع درجة حرارة الكوكب نتيجة تغيُّر المناخ، فيما يشكّك آخرون بصحة هذه الفرضية.
- «ساينتفك أميركان»
تناولت مجلة ساينتفك أميركان (Scientific American) ما وصفته بأضخم تجربة نفسية يمرّ بها العالم بفعل جائحة كورونا. وكان الإغلاق العام تسبب في وضع نحو ثلث سكان الأرض طوعاً في منازلهم، أي أن 2.6 مليار شخص واجهوا في مرحلة ما مشاكل عاطفية ومالية نتيجة التهديد بانتشار الجائحة. ويدرس باحثون آثار العزلة الجماعية والخوف والحزن وأشكال التمييز والفقر التي تجعل الأوبئة أكثر تدميراً، ويستكشفون خسائر الصحة العقلية الناتجة عن الأزمة وكيفية تحسين التكيُّف والصمود أثناء الكارثة.
- «ديسكفر»
إلى جانب تغطيتها الخاصة لجائحة كورونا، لفتت مجلة ديسكفر (Discover) الأنظار إلى الازدياد الكبير في أعداد المصابين بحمى الضنك. وكانت الفترة بين مطلع سنة 2019 وحتى شهر أكتوبر (تشرين الأول) سجلت إصابة أكثر من 91 ألف شخص بحمى الضنك، وهو رقم يعادل ضعفي مجموع الإصابات بالمرض ذاته خلال العقدين السابقين. ويمثّل تغيُّر المناخ والتنافس الاقتصادي ظرفاً ملائماً لزيادة عدد الإصابات على نحو واسع، ويتوقع أن يتعرض 60 في المائة من سكان العالم في ثمانينات هذا القرن لخطر الإصابة بهذا المرض الفيروسي الذي ينقله البعوض.
- «هاو إت ووركس»
عرضت مجلة هاو إت ووركس (How It Works) الحياة في الغابات المطيرة، التي تُعتبر موطناً أصلياً لنحو 40 إلى 75 في المائة من الأنواع الحية، وتوجد فيها ملايين أنواع النباتات والحشرات والأحياء الدقيقة غير المستكشفة بعد. وفي هذه الغابات، تضم قطعة الأرض التي تعادل في مساحتها ملعب كرة قدم نحو 480 نوعاً من الأشجار، مما يسمح بظهور أنماط من الحياة على مستويات مختلفة، تبدأ من التربة وتنتهي على ذرى الأشجار. وإلى جانب تنوعها الحيوي اللافت، تنتج الغابات المطيرة 28 في المائة من أكسجين العالم، رغم أن مساحتها تعادل 6 %فقط من مساحة الأرض اليابسة.
- «بي بي سي ساينس فوكَس»
أجرت مجلة بي بي سي ساينس فوكَس (BBC Science Focus) حواراً مع كيلي رينولدز، أستاذ الصحة العامة والعلوم البيئية في جامعة أريزونا الأميركية، حول العودة التدريجية للموظفين إلى مكاتبهم والعمل من المنزل بسبب جائحة كورونا. وراجعت المجلة سلامة الإجراءات التي يقوم بها أصحاب العمل للحدّ من انتشار العدوى، عبر تغيير كيفية وضع المكاتب، وإضافة القواطع، وفرض مسافات تباعد، وتخصيص حيّز للتعقيم. ووفقاً للدكتور رينولدز، يمكن لشخص مريض واحد أن يتسبب بتلويث نصف سطوح المكاتب وينقل العدوى لنصف زملائه في غضون أربع ساعات فقط.
- «نيتشر»
ناقشت مجلة نيتشر (Nature) تبعات تأجيل قمة المناخ، التي كانت مقررة هذه السنة في مدينة غلاسكو، إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 بعد انتشار فيروس كورونا. وتخلُص المجلة إلى أن تأجيل القمة ليس مبرراً لتأجيل العمل المناخي، علما بأنه توجد إشارات حول توجه دول لزيادة استثماراتها في البنى التحتية الخضراء والطاقة المتجددة. وترى المجلة في تأجيل محادثات المناخ فائدة وحيدة تتمثل في احتمال مراجعة الولايات المتحدة لموقفها من تغيُّر المناخ استناداً إلى نتائج الانتخابات الرئاسية نهاية هذه السنة.
- «كناديان جيوغرافيك»
استعرضت مجلة كناديان جيوغرافيك (Canadian Geographic) منافع «الحلول المناخية الطبيعية» ودورها في إقلال الانبعاثات واحتجاز الكربون. وتنطوي الحلول المناخية الطبيعية على مجموعة من الممارسات، مثل زيادة الغطاء الشجري في المدن لتحسين امتصاص الكربون من الجو، وإدارة الأراضي الرطبة وتحسين الجريان فيها للإقلال من انبعاث الكربون، وزيادة تخزين الكربون في التربة عبر زراعة نباتات التغطية والحد من حراثة الأراضي. ويمكن لهذه الممارسات إنقاص غازات الدفيئة في الجو بمعدل 30 في المائة بحول 2030، بجانب منافع أخرى مثل تخفيف مخاطر الفيضانات والحرائق وحماية موائل الأنواع الحية وتحسين نوعية الهواء.


مقالات ذات صلة

فيضانات منطقة المتوسط... تغير المناخ بات هنا

بيئة سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا إسبانيا 31 أكتوبر 2024 (رويترز)

فيضانات منطقة المتوسط... تغير المناخ بات هنا

زادت ظاهرة التغيّر المناخي نسبة حدوث فيضانات في منطقة البحر المتوسط، حيث تلعب الجغرافيا والنمو السكاني دوراً في مفاقمة الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
علوم 5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

دعاوى مشروعة للدول الفقيرة وأخرى ارتدادية من الشركات والسياسيين

جيسيكا هولينغر (واشنطن)
بيئة أنثى «الحوت القاتل» الشهيرة «أوركا» أنجبت مجدداً

«أوركا» تنجب مجدداً... والعلماء قلقون

قالت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية إن أنثى الحوت القاتل (التي يُطلق عليها اسم أوركا)، التي اشتهرت بحملها صغيرها نافقاً لأكثر من 1000 ميل في عام 2018 قد أنجبت أنثى

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المَعْلم الشهير كان يميّز الطريق (مواقع التواصل)

«تخريب رهيب» للفيل البرتقالي الضخم و«الآيس كريم» بإنجلترا

أُزيل فيل برتقالي ضخم كان مثبتاً على جانب طريق رئيسي بمقاطعة ديفون بجنوب غرب إنجلترا، بعد تخريبه، وفق ما نقلت «بي بي سي» عن مالكي المَعْلم الشهير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)

فيضانات منطقة المتوسط... تغير المناخ بات هنا

سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا إسبانيا 31 أكتوبر 2024 (رويترز)
سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا إسبانيا 31 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

فيضانات منطقة المتوسط... تغير المناخ بات هنا

سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا إسبانيا 31 أكتوبر 2024 (رويترز)
سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا إسبانيا 31 أكتوبر 2024 (رويترز)

هطول الأمطار الغزيرة ولفترات قصيرة أمر طبيعي في منطقة البحر المتوسط، ولكنه، مثل العديد من الظواهر المناخية المتطرفة في السنوات الأخيرة، لم يعد هطول الأمطار في المنطقة تقليدياً بالضرورة، وذلك لما تسبّبه مؤخراً متأثرة بتغيّر المناخ.

في الخريف، أحدثت الفيضانات القاتلة دماراً على طول قوس ممتد من إسبانيا إلى البلقان، ومن المغرب إلى ليبيا. قُتل أكثر من 200 شخص في فالنسيا الإسبانية في أكتوبر (تشرين الأول)، بعد فترة وجيزة من الطوفان الذي أغرق أوروبا بخمسة أضعاف معدل هطول الأمطار الشهري العادي في أسبوع واحد.

يقول العلماء إن تغير المناخ لا يزيد فقط من قوة العواصف المدمرة في البحر المتوسط، ​​​​ولكن أيضاً من تواترها، ويتوقعون أن يزداد الأمر سوءاً، وفق تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

آثار السيول التي ضربت مدينة بنغازي الليبية نتيجة «إعصار دانيال» الذي ضرب البلاد 11 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

كانت المناطق الساحلية في حوض البحر المتوسط ​​​​دائماً عرضة لهطول أمطار غزيرة، وخاصة في الأماكن التي توجد بها جبال بالقرب من البحر. لكن الأمر أصبح أسوأ مع ازدياد فترات هطول الأمطار الشديدة، مقارنة بعقود من الزمان فقط. في بعض المناطق، بدأت الكارثة تبدو وكأنها الوضع الطبيعي الجديد.

وقال ليوني كافيشيا، وهو عالم في المركز الأوروبي المتوسطي لتغير المناخ، إن شدة هذه الظواهر المتطرفة من المرجح أن تزداد في العقود المقبلة. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن منطقة البحر المتوسط ​​ترتفع درجة حرارتها بالفعل بنسبة 20 في المائة أسرع من المتوسط ​​العالمي. فمع ارتفاع درجة حرارة الهواء، ترتفع قدرته على الاحتفاظ بالمياه.

تشير النماذج المناخية إلى أنه رغم تكثيف أحداث هطول الأمطار الغزيرة في منطقة البحر المتوسط، فإن متوسط ​​هطول الأمطار في هذه المنطقة سينخفض بشكل عام. بعبارة أخرى، ستكون المناطق الجافة أكثر جفافاً، رغم أن الأمطار الغزيرة عندما تأتي ستكون أكثر شدة.

دور الجغرافيا

فجغرافيا البحر المتوسط عرضة خصيصاً للفيضانات المفاجئة. الجبال والبحر المغلق ومجاري الأنهار الجافة حول البحر المتوسط ​​تجعل المنطقة معرضة بشكل خاص للفيضانات المفاجئة.

تظل معظم المجاري المائية في المنطقة جافة إلى حد ما لفترات طويلة من العام. وعندما تأتي الأمطار الغزيرة، تتركز المياه بسرعة في مجاري الأنهار شديدة الانحدار، ويمكن أن ترتفع عدة أمتار في غضون ساعات قليلة، كما قال فرانشيسكو دوتوري، أستاذ مشارك في علم المياه في كلية الدراسات العليا بجامعة بافيا بإيطاليا.

إن البحر المتوسط ​​يسخن بسرعة أكبر من المسطحات المائية الأخرى، ويرجع هذا جزئياً إلى كونه بحراً مغلقاً عملياً. وهذا يجعله مصدراً قوياً للرطوبة التي يمكن للرياح أن تحملها إلى الداخل، فتغذي أنظمة هطول الأمطار، غالباً فوق المناطق الساحلية التي يتركز فيها معظم سكان البحر المتوسط.

وتلعب كذلك التيارات الجوية القوية للتيار النفاث القطبي دوراً في طقس المنطقة. فمع تقلّب التيارات، تتشكل موجات شمال - جنوب فترسل الهواء الدافئ إلى الشمال، وترسل الهواء البارد إلى الجنوب. وفي بعض الأحيان، عندما ينفصل جزء من التيار النفاث، فإنه يشكل منخفضاً جوياً، وقد يستمر هذا المنخفض لأيام، مما يتسبب في عدم الاستقرار عندما يلتقي بالهواء الدافئ في البحر المتوسط. وهذا ما حدث في سبتمبر (أيلول)، عندما نشأت العاصفة بوريس كأحد أنظمة الضغط الجوي المنخفض، واستمرت في التسبب في دمار بوسط وجنوب أوروبا، حيث قتلت 24 شخصاً على الأقل.

وكان منخفض جوي آخر هو الذي تسبب في الفيضانات بعد فترة وجيزة في فالنسيا بإسبانيا، حيث تُوفي المئات.

وفي عام 2023، تسبب انخفاض في درجات الحرارة فوق اليونان في إطلاق العاصفة «دانيال»، (عُرف باسم «إعصار دانيال»)، التي اشتدت قوتها مع عبورها البحر المتوسط ​​إلى ليبيا، ما أسفر عن مقتل 13200 شخص في ليبيا بعد انهيار سدين.

النمو السكاني

ويعني النمو السكاني في منطقة المتوسط أن المزيد من الناس معرّضون للخطر على مدى العقود الأخيرة، فقد أصبحت معظم المناطق الساحلية ومناطق السهول الفيضية في منطقة البحر المتوسط ​​أيضاً حضرية بكثافة، مما يترك مساحة صغيرة للممرات المائية. ولا تؤدي هذه التغييرات إلى تضخيم خطر الفيضانات فحسب، بل تضع كذلك المزيد من الناس في طريق الأذى.

أشخاص يسيرون في شوارع غمرتها المياه في فالنسيا بإسبانيا جراء الفيضانات التي ضربت المنطقة أكتوبر 2024 (أ.ب)

أصبحت الفيضانات أقل فتكاً بشكل عام بفضل التحسينات في هياكل الحماية من الفيضانات وأنظمة الإنذار المبكر. لكن الخبير دوتوري، الذي ساعد في تطوير نظام التوعية بالفيضانات الأوروبي، قال إن المزيد من المنازل والممتلكات يتعرض للضرر بسبب التنمية الحضرية والنمو السكاني.

لقد تضاعف عدد سكان دول البحر المتوسط ​​​​أكثر من الضعف منذ ستينات القرن العشرين. واليوم، يقيم نحو 250 مليون شخص في دول البحر المتوسط ​​​​في أحواض الأنهار، حيث تكون الفيضانات أكثر احتمالية.