«معركة باريس»: ثلاث نساء يتنافسن للفوز برئاسة البلدية

جميعهن متحدرات من عائلات أجنبية

من اليسار إلى اليمين: رشيدة داتي، آن هيدالغو، أنياس بوزين (أ.ف.ب)
من اليسار إلى اليمين: رشيدة داتي، آن هيدالغو، أنياس بوزين (أ.ف.ب)
TT

«معركة باريس»: ثلاث نساء يتنافسن للفوز برئاسة البلدية

من اليسار إلى اليمين: رشيدة داتي، آن هيدالغو، أنياس بوزين (أ.ف.ب)
من اليسار إلى اليمين: رشيدة داتي، آن هيدالغو، أنياس بوزين (أ.ف.ب)

يعود قسم كبير من الفرنسيين اليوم إلى صناديق الاقتراع، في الجولة الثانية من الانتخابات المحلية التي أُجلت ثلاثة أشهر بسبب تفشي وباء «كوفيد - 19». ووسط توقعات بأن تعاني الدورة الثانية مما عانت منه الأولى، أي امتناع نسبة كبيرة من الناخبين عن أداء الواجب الانتخابي، بسبب الخوف المستمر من العدوى، فإن الأنظار تتركز على عدد من المدن الرئيسية كالعاصمة باريس ومرسيليا وليون وليل وتولوز وبوردو، وأيضاً مدينة لو هافر، حيث رئيس الحكومة إدوار فيليب الذي يتواجه مع خصم شيوعي عنيد. ومصير فيليب رئيساً للحكومة مرتبط جزئياً بمصير الانتخاب، خصوصاً أن الرئيس إيمانويل ماكرون يتأهب لإجراء تعديل حكومي واسع للعامين المتبقيين له في قصر الإليزيه.
وبما أن الانتخابات محلية الطابع، فإن لكل معركة خصوصيتها. إلا أن باريس ترتدي طابعاً استثنائياً. فبلدية العاصمة لها بعد محلي ودولي على السواء. فبرنامج كل زيارة دولة لرئيس أو ملك أو أمير يتضمن لقاء رئيس البلدية. وتتمتع البلدية بميزانية تصل إلى 5.209 مليار يورو، وباستثمارات سنوية تزيد على 1.5 مليار يورو. وتعد بلدية باريس من كبريات الجهات الموظفة، إذ يبلغ عديد موظفيها (لعام 2019) 50.5 ألف موظف ما يضاهي عديد موظفي مفوضية الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة. لكن بلدية باريس تعاني من ديون تقارب الـ7 مليارات يورو. يضاف إلى ذلك كله أن رئاسة بلدية باريس يمكن أن تكون منصة لمناصب أعلى، والدليل على ذلك أن جاك شيراك الذي احتل هذا المنصب من عام 1977 وحتى عام 1995 انتقل منها إلى قصر الإليزيه، حيث أمضى 12 عاماً.
تتنافس في باريس المقسمة إلى 17 دائرة انتخابية ثلاث لوائح: الأولى، لائحة رئيستها الحالية أن هيدالغو التي تشغل هذا المنصب منذ الانتخابات الأخيرة عام 2014. وهيدالغو، عضو الحزب الاشتراكي، نجحت في تشكيل لائحة تضم كافة مكونات اليسار والخضر. وحسب آخر استطلاعات الرأي، فإن حظوظ لوائحها بالفوز كبيرة، حيث يتوقع أن تحصل، وفق استطلاع أجري لصالح مجلة «جي دي دي»، على 44 في المائة من الأصوات، متقدمة على لائحة اليمين التقليدي التي تقودها الوزيرة السابقة رشيدة داتي، المقدر لها أن تحصل على 35 في المائة من الأصوات. أما اللائحة الثالثة التابعة للحزب الرئاسي «الجمهورية إلى الأمام» فتقودها وزيرة الصحة السابقة أنياس بوزين. وبعكس الآمال السابقة التي كانت معلقة على «معركة باريس»، حيث حصل المرشح الرئاسي ماكرون على أعلى نسبة من الأصوات، فإن إدارة الحزب الرئاسي لها كانت بمثابة الكارثة السياسية. فمن جهة، اضطر بنجامين غريفو، الوزير السابق والمرشح الرسمي إلى الانسحاب، وسط المعمعة، بسبب فضيحة جنسية. واستدعيت بوزين للحلول مكانه في منتصف الطريق. إلا أنها لم تنجح في اجتذاب المرشح «الانفصالي» النائب سيدريك فيلاني، ولا وفرت الدفعة السياسية الضرورية لمسار جديد ما شتت الأصوات وجعل اللائحة الرئاسية في وضع بالغ الصعوبة إلى حد أن خمس من اقترعوا للائحة في الدورة الأولى ينوون التخلي عنها والتصويت للائحة اليمين.
بيد أن لمعركة باريس جانباً رئيسياً لا يقل أهمية عن الجانب السياسي، ويتناول الطابع الشخصي للمرشحات الثلاث، ولمسيرة كل منها. فالمرشحة الاشتراكية «والرئيسة الحالية» آن هيدالغو «واسمها الكامل آنا ماريا هيدالغو آلو» ولدت في مدينة سان فرناندو عام 1959 في إسبانيا من أب عامل كهربائي وأم خياطة، وانتقلت مع عائلتها إلى فرنسا في عام 1962 وهي في سن الرابعة من العمر. وحصلت هيدالغو على الجنسية الفرنسية وهي ابنة الـ14 ربيعاً. إلا أنها في عام 2003، استعادت جنسيتها الإسبانية، وهي بالتالي مزدوجة الجنسية. وبفضل دراستها الجامعية، وانتمائها إلى الحزب الاشتراكي الذي هيمن على الحياة السياسية والإدارية في عهد الرئيس فرنسوا ميتران، ولاحقاً في عهد رئيس الحكومة ليونيل جوسبان، فإن هيدالغو، التي كانت قريبة من أمين عام الحزب فرنسوا هولند، انتمت إلى عدة وزارات حتى اختارها رئيس بلدية باريس السابق الاشتراكي برتراند دولانويه مساعدة له، ودعمها لتتمكن من خلافته، وهو ما تحقق له ولها في عام 2014.
ما يجمع بين المرشحات الثلاث أنهن متحدرات من عائلات أجنبية، ما يدل أن الأبواب ليست مغلقة بوجه من يتمتع بالكفاءة والطموح. فمرشحة اليمين رشيدة داتي ولدت عام 1965 على التراب الفرنسي، وهي الابنة الثانية لعائلة مغربية من 11 ولداً. والدها، لمبارك داتي، عامل بناءً، وأمها زهرا من أصل جزائري. أمضت السنوات الأولى من حياتها في مدينة شالون سور سون (جنوب شرقي فرنسا)، وكانت سنوات دراستها الأولى في مدرسة كاثوليكية بعدها انتقلت إلى مدرسة حكومية. وبعد دراستها الجامعية في القانون وعملها في الحقل القضائي لسنوات، حصلت على مرتبة قاض.
وبفضل علاقات نسجتها مع متنفذين سياسيين واقتصاديين، تنقلت في العديد من المناصب. إلا أن الحظ ابتسم لها حقيقة عندما اختارها المرشح الرئاسي اليميني نيكولا ساركوزي ناطقة باسم حملته الانتخابية. وبعد فوزه بقصر الإليزيه، عينها في 2007 وزيرة للعدل وهي المرة الأولى التي تصل فيها شخصية من أصول مغاربية إلى منصب وزاري سيادي. وبقيت في هذا المنصب عامين بعدها أصبحت نائبة في البرلمان الأوروبي ورئيسة بلدية الدائرة السابعة البورجوازية في باريس، حيث أعيد انتخابها في الدورة الأولى يوم 15 مارس (آذار) الماضي.
أما أنياس بوزين، رئيسة لائحة «الجمهورية إلى الأمام»، فإنها متحدرة من عائلة يهودية بولندية الأصل هاجرت من مدينة لودز بعد احتلال الجيش الألماني لبولندا. وأرسل جدها وجدتها ووالدها، وكان عمره 14 عاماً، إلى معسكر أوشفيتز، وحده والدها واسمه أيلي بوزين عاد منه حياً بعد نهاية الحرب. وقد تنقل ما بين فلسطين التي تحت الانتداب البريطاني ومدينة وهران الجزائرية تحت الإدارة الفرنسية، قبل أن يستقر في فرنسا في عام 1956، حيث مارس الطب متخصصاً بالجراحة. ووالدة بوزين عالمة نفس وكاتبة.
ووزيرة الصحة السابقة التي ولدت في باريس في عام 1962 طبيبة ومحاضرة جامعية. وشغلت عدة مناصب صحية، وانتمت إلى هيئات ومجالس إدارية، فيما زوجها يشغل أيضاً منصباً صحياً رئيسياً. إلا أن بوزين لم تظهر على المسرح السياسي إلا بعد أن اختارها الرئيس ماكرون في 2017 وزيرة للصحة قبل أن تعهد إليها مهمة خوض معركة بلدية باريس.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».