الخرطوم تشدّد الإجراءات الأمنية تحسباً لمظاهرات 30 يونيو

TT

الخرطوم تشدّد الإجراءات الأمنية تحسباً لمظاهرات 30 يونيو

اتخذت سلطات الأمن السودانية إجراءات أمنية مشددة، تحسباً لأعمال تخريب وفوضى، يخطط لها فلول النظام المعزول و«الإسلاميين»، تزامناً مع ذكرى انقلابهم في 30 من يونيو (حزيران) 1989، واستغلال مواكب دعم حكومة الثورة المقررة في التاريخ. وأعلنت لجنة أمن ولاية الخرطوم، التي يترأسها حاكم الولاية المكلف، يوسف آدم الضي، وضع خطة أمنية محكمة، وإحكام التنسيق بين الأجهزة الأمنية والنظامية كافة للتصدي بقوة وحسم لأي مظاهر انفلات. وتقرر إغلاق الجسور بشكل كامل طوال يومي 29 و30 من الشهر، وإغلاق الطرق والمعابر وولايات البلاد الأخرى دون استثناء.
وتجري لجان المقاومة مواكب تحضيرية في أحياء الخرطوم، وبعض مدن البلاد لمليونيات 30 يونيو المقبل، في الوقت الذي تناقلت فيه وسائط تواصل اجتماعي معلومات عن تخطيط يقوم به محسوبون على النظام المعزول لاستغلال المناسبة في أعمال عنف، وتخريب وإثارة للفوضى.
وقال الضي، في بيان أمس، إن أجهزة الأمن على أهبة الاستعداد والجاهزية، وذلك على خلفية معلومات عن مخططات ينفذها «متربصون ومندسون يخططون لاستغلال المواكب لجر البلاد إلى الهاوية والتخريب وإحداث الفوضى».
وتشمل الإجراءات الأمنية الطارئة أيضاً إغلاق الأسواق والمحلات التجارية والخدمية، لحمايتها من استهداف المخربين، وفق بيان الضي. فيما أعلنت السلطات تشديد الحظر الصحي، والالتزام الكامل بالشروط الصحية الخاصة بالوقاية من فيروس «كورونا»، وتبعاً لذلك أصدرت قرار تجميد إصدار تصاريح مرور جديدة حتى إشعار آخر. وطالبت اللجنة المواطنين بالتعاون مع أجهزة الأمن في الحفاظ على سلمية الاحتفالات، وعدم التعدي على المقرات الحكومية وممتلكات المواطنين، والابتعاد عن المناطق العسكرية، وضرورة اليقظة والتبليغ الفوري عن المندسين، وعدم الدخول معهم في مواجهات مباشرة لإفشال مخططاتهم، الساعية إلى جر الاحتفالات إلى العنف.
ودعت لجان المقاومة، وفصائل «قوى إعلان الحرية والتغيير» إلى تسيير مواكب مليونية في 30 من يونيو الجاري لحث الحكومة الانتقالية على تحقيق أهداف الثورة، وفي مقدمتها تحقيق السلام الشامل، واستكمال هياكل السلطة الانتقالية بتعيين الولاة المدنيين، وتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي.
في سياق ذلك، كشفت لجنة التحقيق في انتهاكات فض الاعتصام أمام القيادة للعامة للجيش بالخرطوم، عن ظهور أدلة جديدة سيتم تضمينها في التحقيقات الجارية، وسلمت رئيس الوزراء تقريراً مرحلياً عن سير التحقيقات في الأحداث.
وعدّ رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ما تقوم به لجنة التحقيق «عملاً وطنياً كبيراً، يستوجب دعم الجميع لتحقيق للعدالة، وتقديم كل من ارتكب جريمة للمحاسبة»، بعدما استمع إلى شرح لجنة التحقيق حول ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية.
وكانت قوات بملابس عسكرية قد شنت في الثالث من يونيو 2019 هجوماً بالتزامن على آلاف المعتصمين أمام القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم وولايات أخرى، أوقع مئات القتلى والجرحى والمفقودين. وتواجه لجنة التحقيق في فض الاعتصام ضغوطاً متزايدة من الشارع السوداني للإسراع بإصدار نتائج التحقيقات. وفي هذا الصدد أكد حمدوك، حسب بيان صادر عن مكتبه، أن عمل اللجنة يعد أحد المطالب المهمة في الوثيقة الدستورية، التي تحكم الفترة الانتقالية في البلاد، لافتاً إلى أن استكمال التحقيق يمثل تطلعات أسر الشهداء والشبان الذين أنجزوا الثورة، ما يستلزم الوصول للجناة وتقديمهم لمحاكمات عادلة.
وكشف التقرير المبدئي للجنة التحقيق عن ظهور أدلة جديدة، ذات قيمة قانونية مهمة، سيتم تضمينها في التحقيقات، مؤكدة أن الاستجوابات والتحقيقات مستمرة بغية الوصول إلى نتائج نهائية في الأحداث. وأوضح التقرير أن التحقيق يسير بصورة جيدة، حيث استمعت اللجنة إلى شهادة أكثر من 3000 شخص، وتلقت أكثر من 150 من تسجيلات الفيديو قيد الفحص الفني. وتعهد رئيس الوزراء بإزالة العقبات التي تواجه عمل اللجنة، وتوفير كل الاحتياجات الممكنة حتى تتمكن من استكمال التحقيقات. وأشار بيان مكتب رئيس الوزراء إلى أن الجهات ذات الصلة بعمل اللجنة «شرعت بالفعل في تذليل الصعوبات والعقبات التي تواجه اللجنة».
وكان رئيس لجنة التحقيق في انتهاكات فض الاعتصام، المحامي نبيل أديب، قد كشف في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» عن التحقيق مع عدد من المسؤولين في الدولة. إلا أنه رفض الإفصاح عن هوياتهم لسرية التحقيقات.
من جهة أخرى، جددت أسر ضحايا الثورة في المذكرة التي ستقدمها لمؤسسات السلطة الانتقالية خلال المظاهرة المليونية المقررة في 30 من الشهر الحالي، تمسكها بالقصاص للقتلى، ودعت لرفع الحصانات عن المشتبه بهم وحماية الشهود، والتعجيل بتقديم الجناة لمحاكمات عاجلة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.