قيادات سُنيّة ترفض الحديث عن «تطوير النظام» وتدعو إلى التمسك باتفاق الطائف

TT

قيادات سُنيّة ترفض الحديث عن «تطوير النظام» وتدعو إلى التمسك باتفاق الطائف

رفعت التوصية الواردة في البيان الذي صدر عن «اللقاء الوطني» في قصر بعبدا أول من أمس، حول تطوير النظام السياسي، درجة الاستنفار والرفض، وجاءت معارضة الخطوة من منطقين، أولهما أنها ليست من الأولويات الآن، كما قال رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، وثانيهما أن المساس باتفاق الطائف ترفضه قوى سياسية كثيرة تدعو لاستكمال تطبيق بنود الاتفاق.
وفتحت الفقرة الواردة في البند الخامس من البيان، الباب على أسئلة عن توقيت طرح مسألة «تطوير النظام» وعدّته «كتلة المستقبل» النيابية جزءاً من «الألغام السياسية والوطنية التي تستدعي المراقبة والتنبيه وتحاول بعلم أصحاب البيان أو من دون علمهم التغطية على هروب العهد وحكومته من التصدي للمشكلات المعيشية والاقتصادية وجر لبنان إلى حلقات جديدة من السياسات الخلافية التي تكرس الابتعاد عن النأي بالنفس وتتعمد زجه في مواجهة قانون قيصر».
كما لاحظ الرئيس الأسبق نجيب ميقاتي «الانتقال من مكان إلى آخر من خلال القول إن هذا اللقاء يؤسس لبداية إصلاحات سياسية». وتساءل عن أسباب «افتعال مشكلة أخرى بدل الانكباب على المشكلات الحالية وفي مقدمها الوضع الاقتصادي والاجتماعي الخطر؟». وأضاف: «هل الظرف الحالي ملائم للإصلاحات السياسية؟».
وتوقفت الكتل السنّية الرئيسية في البرلمان النيابي محذرةً مجدداً من محاولات المساس بالدستور وخلق أعراف جديدة. وقالت مصادر رؤساء الحكومات السابقين لـ«الشرق الأوسط» إن توقيت هذا الطرح، وموقعه ضمن الفقرة الخامسة في البيان، «ملتبس، بالنظر إلى أن الأولوية الآن لحل المشكلات التي يعاني منها لبنان وليس فتح مشكلات جديدة».
ويتخوف رؤساء الحكومات السابقون من الأعراف الجديدة التي تُطبّق في الممارسة السياسية خلافاً للدستور، مثل جلسات مجلس الوزراء في السراي التي «لا تُتخذ فيها القرارات الأساسية ولا تُقرّ فيها التعيينات وتحضر لجلسات القصر الجمهوري»، بينما تُتخذ تلك القرارات في الجلسات الوزارية التي تُعقد في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس ميشال عون.
وأكدت المصادر ضرورة تطبيق كامل بنود اتفاق الطائف غير المطبقة، وضرورة الالتزام بحرفية الدستور وتطبيقه بالكامل، والمراقبة ما إذا كانت ثغرات قبل الحديث عن تطوير النظام.
في السياق نفسه، أكدت عضوة كتلة «المستقبل» النائبة رلى الطبش أن «كل ما يعد انقلاباً على الطائف مرفوض»، مشيرةً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أي تعديل أو تجاوز للدستور نرفضه، وموقفنا من البيان الصادر في ختام لقاء بعبدا، أنه كان فارغاً من مضمون يحاكي تطلعات اللبنانيين ومطالبهم، وأن لا ثقة بأداء الحكومة والعهد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.