البرلمان الإيراني يطالب روحاني بتغيير مساره في العام الأخير من رئاسته

وزير النفط أكد بيع البنزين لفنزويلا بـ«سعر السوق»

وزير الدفاع الإيراني علي حاتمي يرد على أسئلة النواب في جلسة مغلقة الأسبوع الماضي (خانه ملت)
وزير الدفاع الإيراني علي حاتمي يرد على أسئلة النواب في جلسة مغلقة الأسبوع الماضي (خانه ملت)
TT

البرلمان الإيراني يطالب روحاني بتغيير مساره في العام الأخير من رئاسته

وزير الدفاع الإيراني علي حاتمي يرد على أسئلة النواب في جلسة مغلقة الأسبوع الماضي (خانه ملت)
وزير الدفاع الإيراني علي حاتمي يرد على أسئلة النواب في جلسة مغلقة الأسبوع الماضي (خانه ملت)

وجه رؤساء لجان البرلمان الإيراني الجديد رسالة إلى الرئيس حسن روحاني، تطالبه بتغيير مسار سبع سنوات من إدارته فيما يخص المشكلات الاقتصادية والغلاء، مشددين على أن البرلمان «لن يصمت بشأن حقوق الناس».
وأفادت وكالة «مهر» الحكومية، نقلاً عن رئيس لجنة الشؤون الداخلية في البلاد، محمد صالح جوكار، بأن رؤساء اللجان الذين تم انتخابهم الأسبوع الماضي، طالبوا الرئيس الإيراني بحل المشكلات المعيشية والاقتصادية للإيرانيين. وقال جوكار إن الرسالة إنذار للرئيس حول القضايا والمشكلات في الشؤون الداخلية، على رأسها معيشة الناس، والقضايا الاقتصادية، وعدم استقرار الأسعار، والافتقار إلى الإشراف الجدي في ضبط الأسعار.
وتطالب الرسالة، الحكومة الإيرانية، باتخاذ سياسات جدية في حل المشكلات الاقتصادية.
ولم يرد الرئيس الإيراني بعد على رسالة النواب، حسب جوكار. وتحمل الرسالة توقيع 12 نائباً انتخبهم النواب لرئاسة لجان تنظر عادة في أداء الوزارات. وتواجه الحكومة الإيرانية خطر فقدان النصاب على بعد عام من نهاية رئاسة روحاني، إذا ما خرج وزيران من التشكيلة الحالية، سواء عبر سحب الثقة في البرلمان، أو الاستقالة، أو الإقالة. وقال النائب «الواقع في ظل المسار الحالي من اتخاذ القرار في مجال الاقتصاد، لا نلمس إرادة جادة من الحكومة لتغيير اقتصادي قائم على الاقتصاد المقاوم». وتابع أن استمرار المسار السابق من جانب الحكومية «تسبب في عدم التغيير الاقتصادي». وقال «لا تؤخذ القدرات والموارد الواسعة بعين الاعتبار، وهو ما يتسبب في معاناة الناس».
وقال النواب في رسالة إلى روحاني، «أي منطق يقبل أن يعلم الرئيس بوقوع الأحداث والكوارث بعد حدوثها ويبتسم حيالها».
وأشار النواب بذلك إلى نفي روحاني علمه بموعد تطبيق زيادة أسعار البنزين إلى 300 في المائة، ما أدى إلى إشعال احتجاجات شملت نحو 80 في المائة من البلاد، منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واعترفت الحكومة، الشهر الماضي، بسقوط 230 قتيلاً بعد تدخل قوات الأمن لإخماد الاحتجاجات.
وقالت منظمة العفو الدولية إنها وثقت بالأسماء مقتل 304 أشخاص، لكنها رجحت أن يكون العدد الحقيقي أعلى بكثير. وفي ديسمبر (كانون الأول) نقلت «رويترز» عن ثلاثة مسؤولين بوزارة الداخلية الإيرانية، أن 1500 قتلوا بعد أوامر من «المرشد» علي خامنئي بإخماد الاحتجاجات.
وفي نهاية نوفمبر، قال روحاني، بينما كان مبتسماً، إنه علم اليوم التالي بتنفيذ قرار زيادة البنزين.
وخاطب النواب، روحاني، قائلين: «اقبل النصح من إخوانك في تغيير مسار سبع سنوات من إدارتك، لأن البرلمان الحادي عشر دخل الساحة بهدف إعادة الثورية وسيبقى مبادئه». وطلبوا تغيير طريقة تعامله مع البرلمان السابق، محذرين من أن البرلمان الحالي «لن يصمت على حقوق الناس».
في الاتجاه نفسه، دعا أمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام، والقيادي في «الحرس الثوري»، محسن رضايي، إلى إدخال «الإدارة الجهادية» في الاقتصاد، ودعا إلى «حركة لبناء الكوادر». ووصف رضايي، في مقابلة نشرها موقع «المرشد» الإيراني، أمس، الوضع الاقتصادي، بـ«الشرخ الكبير» في النظام، قائلاً إنه «لا يمكن مقارنته بالتقدم الدفاعي والأمني والسياسي»، ومع ذلك قال إن بلاده «حققت تقدماً اقتصادياً مقارنة بالماضي». وتابع أن الإيرانيين «راضون بالتقدم في السياسة الخارجية والأمن والدفاع، لكنهم مستاؤون من الاقتصاد».
وصرح رضايي: «تقدم الثورة في المجال الاقتصادي قليل لأننا ما زلنا نواجه مشكلات في الزراعة والصناعة»، وأضاف، «إذا دخلت الثورة مجال الاقتصاد والصناعة والثورة، يجب علينا استيراد مليون برميل يومياً، ولا يمكننا تصدير برميل واحد». وأضاف: «لو حدث هذا التطور الكبير، لن يضايقنا أبداً، إذا منع تصدير النفط، لأننا لن نعود بحاجة لبيع نفطنا، لكننا سنحول كل نفطنا إلى الصناعة وسلع ستدر على البلاد مليارات الدولارات من تصديرها».
إلى ذلك، قال وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه، إن خمس شحنات أرسلتها إيران، الشهر الماضي، إلى فنزويلا «لم تكن هبة» و«تم بيعها بسعر السوق». وقال زنغنه، تعليقاً على عقوبات أميركية جديدة، إن «الولايات المتحدة محاولات إغراء ربان السفن وممارسة التهديد فشلت، وأجبرت على فرض عقوبات عليهم».
وأعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، أنها أدرجت ربابنة خمس ناقلات على قائمة العقوبات، بسبب نقل شحنات إلى فنزويلا.
وقال الوزير إن الخطوة «لم تكن غير متوقعة لنا»، لكنه رهن إرسال شحنات جديدة إلى فنزويلا بنتيجة المفاوضات الجارية حالياً بين البلدين.
وأفاد زنغنه، في تصريح للصحافيين، «لم يكن البنزين هبة لفنزويلا، لقد تم بيعه بسعر السوق وكانت لدينا ضمانات لاستلام أمواله».
كان مسؤول في مجلس تشخيص مصلحة النظام قد أعلن الأسبوع الماضي، عن دفع عائدات الشحنات الخمس إلى الخزانة الإيرانية.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».