4 رسائل من ماكرون تدق ناقوس الخطر من تطور الأوضاع في ليبيا

وجّهها إلى تركيا و{الناتو} وأوروبا ومصر

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

4 رسائل من ماكرون تدق ناقوس الخطر من تطور الأوضاع في ليبيا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

استغل الرئيس الفرنسي فرصة المؤتمر الصحافي المشترك مع ضيفه الرئيس التونسي، مساء أول من أمس، لتوجيه عدة رسائل بشأن الملف الليبي، ليس فقط باتجاه تركيا التي تتزايد علاقات فرنسا بها توتراً يوماً بعد يوم، بل أيضاً باتجاه الشركاء الأوروبيين والحلف الأطلسي والولايات المتحدة الأميركية ومصر... باختصار، أراد إيمانويل ماكرون أن يقرع مجدداً وبشكل أقوى ناقوس الخطر، باعتبار أن نداءاته السابقة لم تلق الصدى المطلوب، ولعلمه أن تطور الأوضاع الميدانية وتنامي الحضور التركي في ليبيا يشكّلان، وفق تسريبات سابقة لمصدر رئاسي، «تهديداً استراتيجياً» للمصالح الفرنسية والأوروبية في شمال أفريقيا، ومياه البحر الأبيض المتوسط وبلدان الساحل.
أولى رسائل ماكرون المباشرة موجّهة إلى أنقرة، وتحديداً إلى رئيسها رجب طيب إردوغان. ففي لهجة لا تخلو من التهديد المبطن، أكد ماكرون أن بلاده «لن تتهاون مع الدور الذي تلعبه تركيا في ليبيا»، واعتبر أنها «تلعب لعبة خطيرة تتعارض مع جميع التزاماتها التي تعهّدت بها في مؤتمر برلين». وتساءل ماكرون: «هل تعتقدون أننا يمكن أن نترك تركيا لفترة طويلة تصدّر مقاتلين سوريين إلى ليبيا في ضوء كل ما نعرفه؟».
لا يمكن لأحد أن يعترض على كلام ماكرون إذا كان يدافع عن مصالح بلاده والمصالح الأوروبية، ويبدي تخوفاً من ضرب استقرار مناطق واسعة تقع في الجوار المباشر للقارة القديمة. بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ما أوراق الرئيس الفرنسي للضغط على تركيا في هذا الملف؟ حقيقة الأمر أن تعويل باريس على اجتماع وزراء الحلف الأطلسي الأسبوع الماضي للجم تركيا، خصوصاً بعد الحادثة البحرية التي تواجهت فيها فرقاطة فرنسية (لو كوربيه) مع قطع بحرية تركية لدى محاولة الاقتراب من باخرة شحن كان يُعتقد أنها تنقل أسلحة إلى ليبيا الخاضعة لحظر سلاحي دولي، وكادت تُفضي إلى مواجهة عسكرية. والحال أن كل ما قرره الحلف هو قرار أمينه العام إجراء تحقيق داخلي لإلقاء كامل الضوء على ما حدث. وبالطبع فإن هذه النتيجة لم تُرضِ باريس، رغم وقوف ثماني دول أوروبية إلى جانبها. وما أقلق ماكرون، وفق أكثر من مصدر، موقف الطرف الأميركي الذي بقي «على الهامش» أو حتى «غير مكترث» بالحادثة. من هنا، تأتي أهمية الاتصال الهاتفي «الثاني خلال أسبوع» بالرئيس ترمب لتحذيره من خطورة ما يحصل في ليبيا، ومع تركيا باعتبار أن الطرف الأكثر قدرة على التأثير على إردوغان هو الرئيس ترمب. وقد شكّل تصريح نائب المتحدث باسم البيت الأبيض بعد ظهر الاثنين مصدر ارتياح للجانب الفرنسي، إذ أعلن أن ترمب وماكرون «اتفقا على الضرورة الملحّة لوقف إطلاق النار في ليبيا، واستئناف المفاوضات بين الأطراف الليبية في أسرع وقت ممكن»، و«وقف التصعيد العسكري من جميع الأطراف بشكل فوري، بهدف منع تحول النزاع الليبي إلى مواجهة أكثر خطورة، وغير قابلة للحل».
رسالة ماكرون الثانية كانت وجهتها الأوروبيين والحلف الأطلسي، إذ يرى الرئيس الفرنسي أنهما تعاملا «بضعف» مع الحادثة البحرية رغم خطورتها، باعتبار أن قوة بحرية تركية أطلسية هددت بفتح النار على قطعة بحرية فرنسية تابعة للحلف، وتعمل في إطار مهمة أطلسية. ووفق ماكرون، فإن ما حصل «وضعٌ لا يمكن تحمّله»، وعبّر عن دهشته من «التنديد الضئيل» الصادر عن أعضاء الأطلسي لما يعد «أحد أبرز الإثباتات على الموت السريري» للحلف. وقد سبق لـماكرون أن أطلق هذا الكلام قبل قمة الحلف في لندن نهاية العام الماضي، وأثار حينها ردوداً تركية عنيفة، وتساؤلات مستهجنة من أعضاء داخله.
تتناول ثالثة رسائل ماكرون الوضع الليبي وانعكاساته الإقليمية. والتخوف الفرنسي الأكبر من أن استمرار الحرب وتدفق المرتزقة، خصوصاً السوريين الذين تجلبهم تركيا إلى ميادين القتال يقرب المخاطر من بلدان الاتحاد الأوروبي. كما أن تنامي النفوذ التركي في ليبيا، وسعي أنقرة لتجذير وجودها البحري والجوي في مرفأ مصراتة وقاعدة الوطية، يدلّان، وفق القراءة الفرنسية، على طموحات تتجاوز ليبيا. من هنا، كان تحذيره من انعكاس الحرب الليبية، واحتمال قيام منطقتي نفوذ تركية وروسية. منتقداً موسكو لكن بلهجة أخف من انتقاداته العنيفة لتركيا.
وقال ماكرون منبهاً: «لا أريد أن أرى بعد ستة أشهر، أو بعد عام أو عامين، أن ليبيا أصبحت في الوضع الذي توجد فيه سوريا اليوم». لذا، دعا لـ«وقف التدخلات الخارجية، والأعمال أحادية الجانب للذين يسعون لكسب مواقع جديدة باستغلال الحرب» في ليبيا.
أما آخر رسائل ماكرون فكانت باتجاه مصر، وهي تعكس تقارب الرؤية بين باريس والقاهرة بشأن ليبيا. فقد برر الرئيس الفرنسي مخاوف الرئيس المصري بقوله: «لقد لاحظتم القلق المشروع للرئيس السيسي عندما يرى قوات تصل إلى حدوده».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.