جدل حول السماح لأويحيى بحضور جنازة شقيقه

جدل حول السماح لأويحيى بحضور جنازة شقيقه
TT

جدل حول السماح لأويحيى بحضور جنازة شقيقه

جدل حول السماح لأويحيى بحضور جنازة شقيقه

سمحت السلطات الجزائرية، أمس، لرئيس الوزراء الأسبق أحمد أويحيى، الذي يقضي عقوبة سجن لمدة 15 سنة بتهم فساد، بحضور تشييع شقيقه المحامي، الذي كان يرافع عنه أول من أمس بالمحكمة في ملف اتهامات جديدة. وظهر أويحيى في «مقبرة غاريدي» بأعالي العاصمة، مكبّل اليدين بالأصفاد ومحاطاً برجال الدرك، ومرتدياً قناعاً واقياً.
وأكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن عضو هيئة الدفاع عن أويحيى، المحامي الشهير خالد بورايو، قدّم طلباً لوزير العدل بلقاسم زغماتي للترخيص بخروجه من السجن للمشاركة في مراسيم دفن شقيقه، العيفة أويحيى. وكان الأخوان على خلاف قديم، بسبب خيارات المسؤول الحكومي السابق، ومواقفه الداعمة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وللنظام بشكل عام. ويطلق أويحيى على نفسه صفة «رجل المهام القذرة». وحضر الجنازة عدد كبير من المحامين، وقضاة وأفراد من عائلة أويحيى، وشهدت تغطية واسعة لوسائل الإعلام. وأثار الترخيص لأويحيى بحضور الجنازة، احتجاج أنصار من «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، فقد أشار بعضهم بحساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، إلى رفض السلطة حضور قيادي الحزب سابقاً علي بن حاج، جنازة شقيقته التي توفيت أثناء فترة سجنه (1991 – 2003).
وتوفي العيفة في بيته، مساء الأحد، متأثراً بنوبة قلبية، وقبلها بساعة واحدة كان يرافع لصالح شقيقه بالمحكمة، حيث ردّ على تهم فساد في قضية رجل الأعمال علي حداد. وقال محامون إن العيفة شعر بضيق في التنفس بعد إتمام مرافعته، وقد غادر جلسة المحاكمة قبل نهايتها. وكان المحامي، المعروف بخفة روحه، ضمن هيئة الدفاع عن أحمد أويحيى، خلال المحاكمة التي جرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، وانتهت بالحكم عليه بالسجن 15 سنة. وحكمت على رئيس الوزراء سابقاً عبد المالك سلال، في نفس القضية بالسجن 12 سنة، وارتبطت التهم بفترة توليهما تسيير الشأن الحكومي، خلال حكم بوتفليقة (1999 - 2019).
إلى ذلك، قال سفيان جيلالي رئيس حزب «جيل جديد»، بحسابه بشبكة التواصل الاجتماعي، إن «الرأي العام ينتظر دائماً ويأمل تنفيذ التعهد بالإفراج عن المعتقلين السياسيين»، في إشارة إلى وعد نقله هو، مطلع الشهر، عن الرئيس عبد المجيد تبون، بإطلاق سراح المناضل كريم طابو، والناشط السياسي كريم بن العربي، المتابعين بتهم مرتبطة بمواقفهما من السلطة. وأظهر جيلالي في المدة الأخيرة، تقارباً مع السلطة الجديدة المنبثقة عن انتخابات الرئاسة التي جرت نهاية العام الماضي.
وذكر أن الرئيس «تعهد في مناسبات كثيرة، بتشجيع الحوار، وباتخاذ إجراءات للتهدئة في إطار صلاحياته، لكن تطور الأوضاع يوحي بأن هناك توجهاً نحو التشدد»، يقصد كثافة الاعتقالات والمتابعات القضائية وأحكام بالسجن، ضد عشرات الناشطين بالحراك. ويحمل كلام رئيس الحزب النخبوي، نبرة أسف من وعد طال تجسيده، نقل عن تبون باتفاق معه، بخصوص إنهاء سجن كريم طابو رئيس حزب «الاتحاد الديمقراطي والاجتماعي»، قيد التأسيس، الذي يقضي عقوبة عام سجناً، والناشط بالحراك سمير بلعربي الموجود في الحبس الاحتياطي منذ 3 أشهر، بسبب مشاركته في مظاهرة غير مرخَصة.
وكان جيلالي صرَح في الأول من يونيو (حزيران) الحالي أن الرئيس استقبله بمكتبه يوم 27 مايو (أيار) الماضي، وأنه طلب منه «إطلاق إجراءات تهدئة وتوفير ظروف حوار وطني». وأكد تعهد الرئيس بالإفراج عن السجينين السياسيين البارزين، «وذلك في أقرب وقت ممكن، وبعد إتمام الإجراءات الرئاسية الرسمية»، وكان يشير ضمناً إلى تحضير عفو رئاسي عنهما، وهي صلاحية يمنحها الدستور لرئيس الدولة. وأكد أنه «سعيد بهذا التعهد الرسمي من جانب الرئيس، ونحن ننتظر بفارغ الصبر رؤية كريم طابو وسمير بلعربي، يستعيدان حريتهما». وفُهم حينها أن عودة المناضلين إلى الحياة العادية، مسألة أيام فقط. وتعرض رئيس «جيل جديد» لانتقاد شديد، بحجة أنه «استثنى عشرات المعتقلين السياسيين»، من الطلب الذي رفعه إلى الرئيس، وكان سبباً في تنظيم لقاء معه. كما واجه معارضة شديدة بسبب دعمه مسعى الرئيس تعديل الدستور،

وتصريحه بأن «هناك مبالغة في الحديث عن وجود عدد كبير من معتقلي الرأي في السجون». ويعد جيلالي الوحيد، من بين الشخصيات الحزبية التي عارضت الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ورحّب بانتخاب تبون معلناً دعمه لسياسته.
وانتقد سفيان جيلالي، في منشوره، إدانة الناشطة السياسية أميرة بوراوي، أول من أمس، بعام حبساً نافذاً، بناء على 6 تهم، بينها «عرض منشورات مسيئة لرئيس الجمهورية» و«التحريض على خرق الحجر الصحي». وقال إن الحكم القضائي «غير متناسب مع وقائع القضية». وجمعت فصيلة الدرك المتخصصة في «الجرائم الإلكترونية»، أكثر من 50 منشوراً للطبيبة المعارضة، في منصات التواصل الاجتماعي، تتهجم فيها على المسؤولين المدنيين والعسكريين، وتحتج على اعتقال ومحاكمة نشطاء الحراك. واشتهرت بوراوي (46 سنة) بقيادة تنظيم سمي «بركات»، أطلقه محامون وصحافيون وأطباء عام 2014. ونظّموا مظاهرات ضد ترشح بوتفليقة لولاية رابعة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.