زعيم الانقلابيين يأمر بتجنيد مهمّشي اليمن واستقطاب طلبة الأرياف

أعطى «ضوءاً أخضر» لتصفية «المنافقين» معارضي «الخُمس»

طفل نازح يجلس تحت أحد جسور صنعاء
طفل نازح يجلس تحت أحد جسور صنعاء
TT

زعيم الانقلابيين يأمر بتجنيد مهمّشي اليمن واستقطاب طلبة الأرياف

طفل نازح يجلس تحت أحد جسور صنعاء
طفل نازح يجلس تحت أحد جسور صنعاء

انطوت الخطبة الأخيرة لزعيم الميليشيات الحوثية بمناسبة احتفال الجماعة بالذكرى السنوية لاستيراد «الصرخة الخمينية» على مؤشرات من شأنها إطالة أمد الحرب، واستمرار الجماعة في تغولها ضد اليمنيين، ونأيها عن كل مساعي السلام المبذولة، أممياً ودولياً.
ففضلاً عن تأكيده على الركائز الإرهابية التي تقوم عليها أفكار الجماعة، ويستند إليه سلوكها في قمع اليمنيين والتنكيل بهم، تجاهل في خطبته التي بثتها قناة «المسيرة»، الذراع الإعلامية الأولى لجماعته، الإشارة إلى أي نوايا لدى ميليشياته لحقن دماء اليمنيين، والانصياع للقرارات الدولية، وإنهاء الانقلاب.
وبحسب مراقبين، فإن أخطر الأوامر التي وجهها إلى قادة الجماعة هو اللجوء إلى استغلال فئة المهمشين، ممن تطلق عليهم جماعته «أحفاد بلال»، في إشارة إلى الصحابي بلال بن رباح ذي البشرة السوداء، لتجنيدهم والدفع بهم للقتال لتعويض نزف مقاتلي الميليشيات المستمر في مختلف الجبهات.
دعوة الحوثي لتجنيد فئة من يطلق عليهم محلياً «المهمشون» جاءت لتعزز ما سبق أن قامت به الجماعة خلال السنوات الماضية، من أعمال تجنيد في صفوفهم، غير أن هذه المرة جاءت الدعوة وفي طياتها توجيهات بإقامة معسكرات خاصة بهم لاحتوائهم تحت مزاعم «إعادة دمجهم في المجتمع».
وفي أول استجابة لأوامر زعيم الميليشيات، أفادت الوسائل الإعلامية التابعة للجماعة بأن وزارة الأشغال في حكومة الانقلاب غير المعترف بها دولياً عقدت اجتماعاً لمناقشة تنفيذ ما يخصها من هذه التوجيهات، وفي مقدمة ذلك بناء معسكرات ومخيمات خاصة بالمهمشين، يتم تجميعهم فيها تمهيداً لعمليات الاستقطاب الفكري والتعبئة ذات المنحى الطائفي.
وفي الوقت الذي أثارت فيه الجماعة قبل خطبة الحوثي الأخيرة سخطاً عارماً في الأوساط اليمنية جراء قيامها بإقرار لائحة تفرض دفع 20 في المائة من ثروات البلاد لمصلحة عناصر السلالة الحوثية، تجاهل زعيم الجماعة الإشارة الصريحة إلى ذلك، وشن هجوماً مباشراً على من وصفهم بـ«الطابور الخامس» و«المنافقين»، في إشارة على ما يبدو إلى معارضي «لائحة الخمس» العنصرية الموجودين في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الجماعة.
ولم تخل الخطبة الحوثية من إعطاء الضوء الأخضر لميليشيات الجماعة لتصفية أي معارض في صنعاء لسياسيات الجماعة، بخاصة من القيادات الموالية لـ«المؤتمر الشعبي - جناح صالح»، وبعض الشخصيات المنتسبة إلى بعض التيارات اليسارية والخاضعة للجماعة.
وإذ حذر الحوثي من كل هؤلاء، ووصفهم بـ«الطابور الخامس» من المنافقين والذين في قلوبهم مرض، ممن هم باقون في إطار الوطن، أضاف: «بعض منهم قد يكون موجوداً في صنعاء، وهو عبارة عن بوق للأعداء ينفخون فيه، ثم يأتي دائماً ليتناغم معهم في كل عنوانٍ يتحركون به، يأتي ليتناغم معهم تماماً، أو ليعمل ما هو لمصلحتهم». كما كال زعيم الجماعة الانقلابية مزيداً من التهم لمناهضي فساد قادة الجماعة في صنعاء، مشيراً إلى أنهم يتحركون في الداخل لإثارة إشكالات كاذبة، تحت عناوين دينية أو سياسية أو اقتصادية، وإلى أنهم «كاذبون، لا مصداقية لهم، ولا إخلاص فيهم».
وأضاف محذراً أتباعه: «فليكن الجميع على وعي وحذر تجاه هذه الفئة التي هي ما زالت أبواقاً في الداخل لصالح الأعداء في الخارج».
وفي سلوك حوثي معتاد، لم يشر زعيم الجماعة إلى المخاطر المحدقة بالسكان في مناطق سيطرته جراء تفشي «كورونا المستجد» وغيره من الأوبئة. وعوضاً عن ذلك، ذهب للتشديد على إقامة المراكز الصيفية للطلبة في الأرياف لاستقطابهم وتجنيدهم، وتوجيه وسائل إعلام الجماعة لتنفيذ برامج استقطاب عن بعد للأطفال والطلبة في المدن.
وبينما لم ينسَ الحوثي تأكيد تبعيته للنظام الإيراني، وأذرع طهران في المنطقة، شن هجوماً على فئات الشعب كافة المناهضة لانقلاب جماعته، زاعماً أن تبعية جماعته لإيران تستند إلى أساس القرآن الكريم والثوابت الدينية، بحسب زعمه.
وفي سياق تأليب أتباع الجماعة على الاستمرار في الدفع بأبنائهم وأقاربهم إلى جبهات القتال، شدد الحوثي عليهم للتحرك -بحسب قوله- في «كل المجالات، وتقديم التضحيات بجدية».
ولكي لا ينسى التوجيه بنهب أكبر قدر من أموال اليمنيين، هاجم زعيم الجماعة الانقلابية السكان الخاضعين له ممن يرفضون دفع الزكاة التي قال إنها هي المخرج الاقتصادي للقضاء على الفقر والجوع المستشري جراء الانقلاب، ووصفهم بـ«المجرمين».
كما هون الحوثي من أهمية الجهد الإنساني الإغاثي من قبل المنظمات الدولية، وأوعز إلى قادة الجماعة بالتضييق على أنشطة المنظمات، وقال: «يجب ألا نركز أصلاً على ما تقدمه المنظمات، وأن نتجه نحن لتقديم هذا الاحتياج، لتقديم هذه المساعدات من الزكاة».
يشار إلى أن الجماعة الحوثية، طيلة السنوات الماضية، كانت قد أطلقت يدها لفرض الإتاوات على التجار والعمال وأصحاب المهن، مع الاستمرار في جبابة أموال المؤسسات الحكومية، والاتجار بالوقود، وهدر موارد الاتصالات والضرائب والجمارك على المجهود الحربي.
وتسود المخاوف في الشارع اليمني الخاضع للميليشيات من أن تترجم الجماعة الانقلابية خطاب زعيمها الأخير بما يؤدي إلى مزيد من التعسف والقمع ضد السكان، بخاصة بعد بروز الأصوات المناهضة لظلم الجماعة وعنصريتها وسعيها لنهب الخمس من ثروات البلاد لمصلحة عناصر السلالة الحوثية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.