الحكومة السورية تتشدد في منع الإغلاق... واعتقالات بسوق الذهب

أصحاب محلات في دمشق يذهبون في إجازات تهرّباً من البيع

فتى سوري يقفز في الهواء في بنش بريف إدلب (أ.ب)
فتى سوري يقفز في الهواء في بنش بريف إدلب (أ.ب)
TT

الحكومة السورية تتشدد في منع الإغلاق... واعتقالات بسوق الذهب

فتى سوري يقفز في الهواء في بنش بريف إدلب (أ.ب)
فتى سوري يقفز في الهواء في بنش بريف إدلب (أ.ب)

بدت شوارع دمشق أمس شبه خاوية، غداة تطبيق «قانون قيصر»، إذ أغلقت نسبة كبيرة من المحلات التجارية أبوابها، بينما خلت الأرصفة من تزاحم الأقدام. وكانت سيارات الأجرة تسير في الشوارع فارغة بحثاً عن ركاب، أما حافلات النقل العام فبدت أنها تطبق قواعد الحجر الصحي من «كورونا».
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) بخروج مواطنين في حمص بـ«وقفة تضامنية في ساحة الشهداء» وسط المدينة أمس، وأعلنوا «رفضهم واستنكارهم للإجراءات القسرية أحادية الجانب (...) وتنديدهم بما يسمى (قانون قيصر)» حسب (سانا).
وكان مصدر رسمي بوزارة الخارجية السورية قد وصف في بيان رسمي «قانون قيصر» بأنه تجاوز «لكافة القوانين والأعراف الدولية»، واصفاً السلوك الأميركي بأنه انحدر «ليلامس سلوكيات العصابات وقطاع الطرق».
لكن ردود فعل الحكومة على بدء تنفيذ القانون أثقلت الشارع بأجواء الترقب والخوف وانعدام الثقة، إذ ترافقت مع الإمعان بالتشدد في مراقبة الأسواق والتضييق على الباعة وفرض الغرامات وجباية الإتاوات، وسط تراجع حاد في الإقبال على الشراء.
وكان مصرف سوريا المركزي في اليوم الأول لتطبيق القانون، قد رفع سعر شراء الدولار لتسليم الحوالات الشخصية الواردة إلى سوريا، إلى 1250 ليرة بدلاً من 700 ليرة، بينما وصل السعر في السوق السوداء إلى 2800 – 3000 ليرة، في اليوم الأول لبدء تنفيذ «قانون قيصر».
أما سعر غرام الذهب الذي هبط بداية الأسبوع إلى 80 ألف ليرة سورية، فقد عاد ليحلق عالياً بعيداً عن السعر الرسمي، دون أن يجرؤ أحد على إعلانه؛ إذ أغلقت معظم محلات الصاغة، بينما شن النظام حملة اعتقالات الخميس لمنع الإغلاق، ومنع البيع بغير السعر الرسمي.
صاحب ورشة أشار إلى أنه ذاهب مع عائلته إلى البحر لتمضية إجازة الصيف.
الذهاب في إجازة، طريقة أخرى للتهرب من الفتح الإلزامي للمحلات التجارية، بعد أن قام العشرات من أصحابها بوضع إعلانات على أبواب محلاتهم المغلقة، أنها «برسم التسليم» أو «برسم الاستثمار».
صاحب محل ألبسة بالقصاع في دمشق، قال: «إذا التزمنا بالسعر الرسمي فهل ستعوض الحكومة خسارتنا إذا أردنا شراء بضاعة؟». ورأى أن الإغلاق أفضل من البيع بالخسارة والإفلاس: «هيك هيك ما عم نبيع».
من جهته، قال صاحب ورشة لصناعة الأحذية الجلدية بدمشق، إن «الثبات في السوق هو الربح الوحيد في ظل العاصفة التي تضرب السوق»، متوقعاً إغلاق مزيد من المحلات والورشات، مضيفاً: «لقد اضطررت إلى رفع أسعار الأحذية التي أنتجها ثلاث مرات خلال أقل من 24 ساعة، فتراجع عدد زبائن ورشتي من أصحاب المحلات من عشرين إلى خمسة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».