الممثل الأميركي توم هانكس... كاتباً

ترجمة عربية لمجموعة قصصية له

الممثل الأميركي توم هانكس... كاتباً
TT

الممثل الأميركي توم هانكس... كاتباً

الممثل الأميركي توم هانكس... كاتباً

تتكئ قصص كتاب «نمط غير شائع»، الذي صدرت نسخته العربية حديثاً في القاهرة ضمن مطبوعات دار «الكرمة» المصرية، و«روايات» الإماراتية، على عدد من الرموز البسيطة والعادية يبعثرها الممثل الأميركي توم هانكس، في فضاء السرد على لسان شخصياته، لكنه يعطيها مذاقاً جديداً، ويؤنسنها في كثير من الأحيان، مثلما راح يفعل وهو يتحدث عن أجواء القتال والحرب والعمل والحب التي كانت موضوعاً لحكاياته.
يتعامل توم هانكس، الذي دخل عام 2017، مع عالم الكتابة للمرة الأولى، مسلحاً بما يمتلك من حساسية إضافية، اكتسبها من عمله كممثل لسنوات طويلة، وانخراطه في مراحل صناعة الفيلم المختلفة، مع قصصه وحكاياته بوصفها قطعة حلوى تذوب في الفم بمجرد تناولها.
يقدم هانكس في مجموعته القصصية التي ترجمها المصري مجدي عبد المجيد خاطر، 17 حكاية تتسم بالطول نوعاً ما، تشبه الروايات القصيرة، قسم واحدة منها لأيام، وليس فصولاً، وهي قصة «ثلاثة أسابيع مضيئة»، وتحدث خلالها على مدى واحد وعشرين يوماً عن أربعة أصدقاء من أعراق مختلفة يستعدون لحضور حفل حصول رفيقهم «مدَّاش» ذي الأصول الأفريقية، على الجنسية الأميركية. وتستغل آنا، وهي من أصول تنحدر من أوروبا الشرقية، هذه المناسبة لتشتري هدية له، وفي سبيل ذلك تتوجه إلى حانوت داخل دار سينما قديمة تحولت لسوق، بعد أن أفلس أصحابها، كان معها صديقها ذو الأصول القوقازية، فيما ينتظر الجميع ستيف يونج صديقهم الرابع في الاستاد حاملاً وزملاؤه رايات أميركية رخيصة.
القيمة المركزية التي تتكئ عليها دائرة القصة ليست حلم الحصول على الجنسية الأميركية، ولا أهمية التجول في الأسواق الذي مارسته آنا وصديقها أكثر من مرة، لكن الكاتب هنا، وكما في «عشية عيد الميلاد عام 1953» يرصد نماذج للتعايش بين البشر المتناقضين، ففي الحياة دائماً الكثير مما يجعلنا نقبل الآخرين، ونضحي من أجل كسب وجودهم إلى جوارنا.
تعمل آنا في مجال الجرافيك، ومداش وستيف وونج في شركة «هوم ديبوت»، أما حبيبها فسمسار عقارات، كانت تدرس معه في مدرسة واحدة، منذ كانا طفلين، ثم مراهقين، وتفرقت بهما السبل، لكنه فوجئ بها تدخل مكتبه، وتطلب منه البحث عن مكتب تدير من خلاله أعمالها، ومشروعاتها وتنفذ فيه اتفاقياتها مع زبائنها. وظل هانكس حتى نهاية القصة يضع قارئه في حالة ترقب، حيث جعله يتابع قصة حب آنا والسمسار الذي ظل اسمه مجهولاً طوال الحكاية، فقط رمز له بـ«موونوووكر»، وهي الكنية التي ظهر بها في فضاء رسالة إلكترونية، وهو يجادل زميليه دفاعاً عن علاقته بحبيبته التي تنتمي لعائلة تتفاخر دائماً باكتشاف جزيرة «مرثا فينارد».
أما القوقازي فيرضخ لصديقته آنا، ويتقبل صرامتها اليومية في التعامل مع الوقت، ونظامها الذي يسلبه حريته في استغلال وقته كيفما اتفق، دون انضباط، يقبل انتزاع حريته، رغم تبرمه الشديد، ومحاولاته الهروب من أسر ما رأى نفسه مقبلاً عليه. أما «موونووكر» فيقبل «أن تغيره آنا من الحذاء الذي يتمرن به وصولاً إلى الطريقة التي يقص بها شعره»، لكي تستمر علاقته معها، هو الذي لقي في رحابها ما لم يلقه من قبل من سيدة غيرها.
وفي قصة «عشية عيد الميلاد»، تتزوج ديلوريس جوميز جندياً فقد ساقه في الحرب وأصابع إحدى يديه، لكنها تحقق كل شيء: بحبوحة مادية وبيت وحفنة من الأطفال، ينتظرون معها في هذه العشية هدايا عيد الميلاد، التي يحملها سانتا كلوز لهم، فيما يكتبون له الرسائل على آلة كاتبة، كانت الزوجة قد اشترتها، حين كان يستكمل علاجه في مستشفى الجيش.
الآلة الكاتبة واحدة من العناصر التي يمكن ملاحظتها كعنصر مشترك، تظهر بوصفها فاصلة رئيسية أو هامشية في فضاءات جميع القصص الموجودة في المجموعة. مرة تكون قطعة قديمة، أو مهملة، ومرة تحتل فضاء القصة بكاملها مثلما نرى في «تلك هي فكرة قلبي»، حيث يأخذنا السارد في رحلة مع سيدة تعتقد أن وجود آلة كاتبة مع شخص مناسب يمكن أن يغير العالم. لم تكن تريد شراء آلة كاتبة جديدة ولا قديمة، لكنها وجدت نفسها في أوكازيون لكنيسة، كانت تتجول بين المعروضات، وعثرت عليها، واشترتها بخمسة دولارات، وحين حملتها إلى بيتها وجدت أنها تحتاج لكثير من الصيانة كي تعمل، من هنا بدأت رحلتها للتعرف على أنواعها، ومزايا كل نوع في «ديترويت أفنيون بيزنس ماشينز»، وهو محل شهير لبيع الآلات الكاتبة، كانت الزيارة بهدف صيانة آلتها القديمة، لكنها عادت بعد حديث مع مدير المتجر بأخرى جديدة، وفي المساء، راحت تدق حروفها «وطفق صدى الكتابة الهامس يتردد هادئاً في أرجاء الشقة وخارج نافذتها المفتوحة حتى وقت متأخر من الليل».
وفي قصة «الماضي مهم بالنسبة لنا»، لم تكن هناك فصول، بل مقاطع وضع المؤلف بين كل منها سطراً، ليفصل بين كل دفقة سردية وأخرى، وهي دفقات سيطر عليها نوع من المشهدية، ميزت القصص جميعها، حيث بدت اللغة سلسة، وكان أهم ما تتسم به هو قدرة هانكس على إضفاء الكثير من الطزاجة عليها، وهو ينتقل من مقام لآخر، ومن تفصيلة لأخرى، وهو ما يتضح مثلاً في قصة يصف فيها الوقت بين سالينا ونيويورك، الذي يستغرق أربعاً وستين دقيقة، بأنه «فترة تكفي بالكاد كي تلعق أصابعك بعد تناول ضلوع مشوية».
والمعروف، أن حصل توم هانكس كسينمائي قد حصل على العديد من الجوائز، منها «الغولدن غلوب» و«الأوسكار» عن دوره في «فيلادلفيا» (1993)، بالإضافة إلى «الغولدن غلوب» و«الأوسكار»، وجائزة نقابة ممثلي الشاشة، وجوائز «خيار الشعب» عن دوره في «فوريست غامب» (1994)، وهو واحد من اثنين فقط من الممثلين الذين تلقوا جائزة «الأوسكار» لأفضل ممثل في سنتين متتاليتين. وفي عام 2004، نال جائزة «ستانلي كوبريك» للتميز في السينما من الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون «بافتا». في عام 2014، حصل على مرتبة شرف من مركز كينيدي الثقافي، وفي عام 2016 تلقى وسام الحرية الرئاسي من الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، بالإضافة إلى وسام جوقة الشرف الفرنسي.



السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

يحتفل الأمازيغ حول العالم وخاصة في المغرب العربي بعيد رأس السنة الأمازيغية في 12 أو 13 من يناير (كانون الثاني)، التي توافق عام 2975 بالتقويم الأمازيغي. ويطلق على العيد اسم «يناير»، وتحمل الاحتفالات به معاني متوارثة للتأكيد على التمسك بالأرض والاعتزاز بخيراتها.

وتتميز الاحتفالات بطقوس وتقاليد متنوعة توارثها شعب الأمازيغ لأجيال عديدة، في أجواء عائلية ومليئة بالفعاليات الثقافية والفنية.

وينتشر الاحتفال ﺑ«يناير» بشكل خاص في دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا والنيجر ومالي وسيوة بمصر.

أمازيغ يحتفلون بالعام الجديد من التقويم الأمازيغي في الرباط بالمغرب 13 يناير 2023 (رويترز)

جذور الاحتفال

يعود تاريخ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى العصور القديمة، وهو متجذر في الحكايات الشعبية والأساطير في شمال أفريقيا، ويمثل الرابطة بين الأمازيغ والأرض التي يعيشون عليها، فضلاً عن ثروة الأرض وكرمها. ومن ثمّ فإن يناير هو احتفال بالطبيعة والحياة الزراعية والبعث والوفرة.

ويرتبط الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة بأصل تقويمي نشأ قبل التاريخ، يعكس تنظيم الحياة وفق دورات الفصول.

وفي الآونة الأخيرة، اكتسب الاحتفال برأس السنة الأمازيغية أهمية إضافية كوسيلة للحفاظ على الهوية الثقافية الأمازيغية حية.

ومصطلح «يناير» هو أيضاً الاسم الذي يُطلق على الشهر الأول من التقويم الأمازيغي.

خلال احتفال لأمازيغ جزائريين برأس السنة الأمازيغية الجديدة «يناير» في ولاية تيزي وزو شرق العاصمة الجزائر (رويترز)

متى رأس السنة الأمازيغية؟

إن المساء الذي يسبق يناير (رأس السنة الأمازيغية) هو مناسبة تعرف باسم «باب السَنَة» عند القبائل في الجزائر أو «عيد سوغاس» عند الجماعات الأمازيغية في المغرب. ويصادف هذا الحدث يوم 12 يناير ويمثل بداية الاحتفالات في الجزائر، كما تبدأ جماعات أمازيغية في المغرب وأماكن أخرى احتفالاتها في 13 يناير.

يبدأ التقويم الزراعي للأمازيغ في 13 يناير وهو مستوحى من التقويم اليولياني الذي كان مهيمناً في شمال أفريقيا خلال أيام الحكم الروماني.

يمثل يناير أيضاً بداية فترة مدتها 20 يوماً تُعرف باسم «الليالي السود»، التي تمثل واحدة من أبرد أوقات السنة.

أمازيغ جزائريون يحتفلون بعيد رأس السنة الأمازيغية 2975 في قرية الساحل جنوب تيزي وزو شرقي العاصمة الجزائر 12 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ما التقويم الأمازيغي؟

بدأ التقويم الأمازيغي في اتخاذ شكل رسمي في الستينات عندما قررت الأكاديمية البربرية، وهي جمعية ثقافية أمازيغية مقرها باريس، البدء في حساب السنوات الأمازيغية من عام 950 قبل الميلاد. تم اختيار التاريخ ليتوافق مع صعود الفرعون شيشنق الأول إلى عرش مصر.

وشيشنق كان أمازيغياً، وهو أحد أبرز الشخصيات الأمازيغية في تاريخ شمال أفريقيا القديم. بالنسبة للأمازيغ، يرمز هذا التاريخ إلى القوة والسلطة.

رجال أمازيغ يرتدون ملابس تقليدية يقدمون الطعام خلال احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

كيف تستعد لرأس السنة الأمازيغية؟

تتركز احتفالات يناير على التجمعات العائلية والاستمتاع بالموسيقى المبهجة. تستعد معظم العائلات لهذا اليوم من خلال إعداد وليمة من الأطعمة التقليدية مع قيام الأمهات بتحضير الترتيبات الخاصة بالوجبة.

كما أصبح من المعتاد ارتداء الملابس التقليدية الأمازيغية والمجوهرات خصيصاً لهذه المناسبة.

وتماشياً مع معاني العيد المرتبطة بالتجديد والثروة والحياة، أصبح يناير مناسبة لأحداث مهمة لدى السكان مثل حفلات الزفاف والختان وقص شعر الطفل لأول مرة.

يحتفل الأمازيغ في جميع أنحاء منطقة المغرب العربي وكذلك أجزاء من مصر بعيد «يناير» أو رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

ما الذي ترمز إليه الاحتفالات؟

يتعلق الاحتفال بيوم يناير بالعيش في وئام مع الطبيعة على الرغم من قدرتها على خلق ظروف تهدد الحياة، مثل الأمطار الغزيرة والبرد والتهديد الدائم بالمجاعة. وفي مواجهة هذه المصاعب، كان الأمازيغ القدماء يقدسون الطبيعة.

تغيرت المعتقدات الدينية مع وصول اليهودية والمسيحية والإسلام لاحقاً إلى شمال أفريقيا، لكن الاحتفال ظل قائماً.

تقول الأسطورة إن من يحتفل بيوم يناير سيقضي بقية العام دون أن يقلق بشأن المجاعة أو الفقر.

نساء يحضّرن طعاماً تقليدياً لعيد رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

يتم التعبير عن وفرة الثروة من خلال طهي الكسكس مع سبعة خضراوات وسبعة توابل مختلفة.

في الماضي، كان على كل فرد من أفراد الأسرة أن يأكل دجاجة بمفرده للتأكد من شبعه في يوم يناير. وترمز البطن الممتلئة في يناير إلى الامتلاء والرخاء لمدة عام كامل.

ومن التقاليد أيضاً أن تأخذ النساء بعض الفتات وتتركه بالخارج للحشرات والطيور، وهي لفتة رمزية للتأكد من عدم جوع أي كائن حي في العيد.