«دون جوان يحكي عن نفسه» بطريقة مغايرة لما ألفناه سابقاً

ترجمة عربية لرواية بيتر هاندكه الحائز «نوبل للآداب» عام 2019

«دون جوان يحكي عن نفسه» بطريقة مغايرة لما ألفناه سابقاً
TT

«دون جوان يحكي عن نفسه» بطريقة مغايرة لما ألفناه سابقاً

«دون جوان يحكي عن نفسه» بطريقة مغايرة لما ألفناه سابقاً

صدرت عن داري نشر «سرد، وممدوح عدوان» الترجمة العربية لرواية «دون جوان يحكي عن نفسه» للروائي والكاتب النمساوي بيتر هاندكه. وقد نقلها من الألمانية إلى العربية المترجم المصري سمير جريس.
في هذه الرواية، يستعيد هاندكه شخصية دون جوان الأسطورية، ويقدِّمها بطريقة مغايرة لما ألِفْناها سابقاً في مسرحيات وروايات وقصائد وأعمالٍ أوبرالية عالمية لكُتّاب وشعراء وفنانين معروفين أمثال تيرسو دي مولينا، موليير، ألكسندر بوشكين، اللورد بايرن، برتولد برشت، ماكس فريش، وموتسارت وغيرهم من المُبدعين الذين اعتادوا أن يقدّموا دون جوان عاشقاً ماجناً يغوي النساء ثم يولّي الأدبار. أما هاندكه، فيكاد يجرّده من الرغبات الجنسية، ويقدِّمه لنا بوصفه شخصاً مُطارَداً يتنقل بين البلدان، لكنه يبحث دائماً عن «الوصال والتواصل»، ولعل هاندكه يقترب كثيراً من رؤية الكاتب التشيكي جوزيف تومان، الذي قدّم دون جوان بطلاً تراجيدياً، وأسقطَ عنه نزعته الحسيّة الشهوانية.
لا تختلف رواية «دون جوان يحكي عن نفسه» عن بقية روايات هاندكه من ناحية الأسلوب والتجليات اللغوية، غير أن الثيمة المركزية لهذه الرواية قد تكون أخفّ وزْناً من سابقاتها مثل «قلق حارس المرمى عند ضربة الجزاء» و«رسالة قصيرة للوداع الطويل» و«الشقاء العادي» و«المرأة العسراء»، وغيرها من رواياته المعروفة، التي تتميّز بموضوعاتها الرصينة التي تترك أثراً قوياً لدى المتلقين، حتى وإن اختلفوا مع آرائه وطروحاته الفكرية.
ولتسليط الضوء على ثيمة هذه الرواية، لا بد من الإشارة إلى الشرارة التي أوقدت في داخله الحريق ودفعته لكتابة هذا النص السردي. يعترف هاندكه في لقاء معه، أجرته الشاعرة اللبنانية جُمانة حدّاد، بأن شرارة «دون جوان» قد لمعت في ذهنه بينما «كان يتنزّه وحيداً في الغابة كعادته، وفاجأه مشهد اثنين عاشقين بين الأشجار». لعل هذا المشهد المُفاجئ الذي أذهله في تلك اللحظة كان بمثابة الوخزة التي فجّرت في ذهنه ينبوعاً من الانثيالات القصصية التي اتّحدت في قالب روائي يتكئ كثيراً على الفنتازيا والنفس الغرائبي. في هذه الرواية، يروي «دون جوان» حكايته بضمير الغائب للراوي، ثم يقوم هذا الراوي بسردها لنا نحن القرّاء.
ثمة شخصيتان هما الثنائي العاشق في الغابة، يُطاردان دون جوان، لكنهما يكفّان عن المُطاردة، ما إن يدخل إلى أطلال دير «بور رويال دي شون» الشهير، الذي يوفِّر الحماية والأمان لكل منْ يلجه حتى وإن اقترف آثاماً كثيرة. ثم إن نظرة الثنائي العاشق كانت تشي بأنّ هذا الدون جوان ليس هو الرجل الذي يُطاردانه، وأنّ مَنْ يريدان قتله هو شخص آخر.
يتحول طاهي مطعم الدير بعد أن يهجرهُ الزبائن تماماً إلى راوٍ عليم، خصوصاً بعد أن سئم من القراءة وأخذ يروي لنا كل ما سمعه من الدون جوان، خلال الأيام السبعة التي تنقّل فيها في عدة بلدان، وشكّلت نسيج النص الروائي الذي يتمحور حول المحطات السبع التي سبقت وصوله إلى الدير القديم.
ففي الرحلة الأولى، يتحدث عن العروس التي هربت من حفل زفافها في القرية القوقازية والتحقت به. وفي الرحلة الثانية يروي قصة المرأة الدمشقية التي ذهبت معه لمشاهدة الدراويش الراقصين في الجامع الكبير، وفي الرحلة الثالثة يسرد حكاية امرأتين تعرّف إليهما في مدينة سبتة المغربية، ثم يتكلم عن امرأة نرويجية مريضة أو مجنونة تتخلى عن الكنيسة كي تقابله سراً، ثم يلتقي بالمرأة الهولندية التي يطاردها زعيم القوادين. أما السابعة والأخيرة فيلتقيها في بلد لا اسم له. تبدو هذه الحكايات أشبه بقصص «ألف ليلة وليلة»، حيث يتسع مسرح الأحداث لشخصيات مختلفة من عدة بلدان في ثلاث قارات تبدأ بجورجيا، ثم تمتد إلى سوريا والمغرب والنرويج وهولندا، وتنتهي في بلد لا اسم له.
يؤكد الراوي بأنه خلال الأيام السبعة ظهر في حديقة الدير عدة دون جوانات، لكنهم كانوا مزيّفين كلهم باستثناء الدون جوان الذي استقبله في منزله المهجور، الذي يروي حكايات حقيقية لا يتسرّب إليها الكذب والخداع.
يعوِّل هاندكه كثيراً على جمال اللغة وعمقها الأدبي، الذي التفت إليه منذ صباه، ولعل هجومه على «جماعة 47»، التي كانت تضم تحت خيمتها أدباء بسطوا نفوذهم لاحقاً على المشهد الثقافي الألماني، وأصحبوا معروفين في أوروبا والعالم، مثل هاينريش بول وغونتر غراس وأنجيبورغ باخمان وغيرهم، وقد اتهمهم هاندكه بـ«العُنّة اللغوية» و«العجز عن الوصف»، ووصف كتابات البعض منهم بـ«الأدب السخيف»، فهو يُعنى عناية بالغة باللغة التي يكتب فيها نصوصه الأدبية المطرزة بالتماعات فلسفية استلهمها من مارتن هايدغر ولودفيغ فيتغنشتاين، كما يذهب سمير جريس، مترجم الرواية، فلا غرابة أن يركز على ذاته و«أناه العليا» التي يستغورها دائماً علّه يُدرك كُنهها، ويفهم سرّ توحّده واحتفائه بالعزلة الأبدية. إنّ أحد أسباب منحه جائزة نوبل عام 2019 هو «براعته اللغوية، وخصوصية التجربة الإنسانية» في معظم أعماله الأدبية التي راجت منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي حتى يومنا هذا.
أثارت كتب هاندكه ورواياته الكثير من اللغط في الأوساط الثقافية والفكرية، وذلك بسبب مساندته الصرب في حرب البلقان، ومعارضته تدخل الناتو، وانشقاقه عن الكنيسة الكاثوليكية، وإعادته «جائزة بوشنر» لمانحيها الألمان، الأمر الذي دفعه إلى العُزلة والانزواء في بيته الباريسي بعيداً عن وسائل الإعلام التي تضعه في دائرة الحرج والارتباك.
وعلى الرغم من وضوح العنوان، بوصفه عتبة نصيّة يحكي فيها دون جوان عن نفسه، إلا أنّ شبح الاستغلاق يحوم في ذهن القارئ، فقد اقتبس المؤلف جملة وردت على لسان «دون جوفاني» في أوبرا موتسارت يقول فيها: «لن تعرفَ مَنْ أنا»، في إشارة واضحة إلى غموض هذه الشخصية المحيّرة التي تحتاج إلى دأب وصبر ومثابرة كي نفهم الإنسان العميق الذي يترفّع عن الأشياء اليومية والعابرة، ويسعى لتحقيق الأحلام النائية أو ملامستها في أقل تقدير.
لم يسعَ هاندكه لأن يكون كاتباً سياسياً، وربما يدلّنا كتابه «أنا ساكن البرج العاجي» على نفوره من الحياة السياسية التي ترفّع عنها، وتخلّص من أحابيلها في هذه العزلة الفردية التي يبحث فيها كل يوم عن ذاته العصيّة المتوترة التي لا تسترخي إلاّ في سويعات الكتابة الاستكشافية التي تعرّي الذات الإنسانية، وتغوص في الطبيعة التي تحيط بالكائن البشري من كل حدب وصوب.
لا يمكن هضم واستيعاب المنجز الروائي لبيتر هاندكه، ما لم يطلّع القارئ على رواياته الأخرى التي لم تُترجم إلى العربية مثل «تكرار»، التي يروي فيها قصة شخص يتحدر من أصول نمساوية سلوفينية يذهب إلى يوغسلافيا «الشيوعية» بحثاً عن هويته «الضائعة». وكذلك رواية «الشقاء العادي» التي تتمحور على نبأ انتحار والدته، وهي في الحادية والخمسين، ليُمسك بالأطياف التي تركتها هذه الأم وغادرته بهدوء وصمت غريبَين.



رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
TT

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)

ساعات من الطرب والحماسة شهدتها أولى حفلات برنامج «صدى الوادي» في وادي صفار، مع صقر الأغنية الخليجية رابح صقر، والفنان ناصر نايف، ضمن فعاليات موسم الدرعية.

وانطلقت، الخميس، أولى حفلات برنامج «صدى الوادي»، في مشهد جمع بين القيمة التاريخية للمكان والإيقاع الفنّي الذي يُقدّمه موسم الدرعية 25-26، ضمن برامجه التي تمزج بين التاريخ والتراث والسياحة والترفيه.

وبدأت الأمسية على المسرح المفتوح بتصميمه الذي ينسجم مع الطبيعة الآسرة لوادي صفار شمال غربي مدينة الرياض، مع الفنان السعودي الشاب ناصر نايف الذي تفاعل معه الجمهور وهو يؤدّي أغنياته المُحبَّبة.

وتصاعدت حماسة الحضور مع ظهور صقر الأغنية الخليجية رابح صقر الذي لفت الأنظار بأدائه في عدد من أغنياته، أبرزها: «يوم ما أنا ضحّيت ما أقصد جحود»، و«حبيبي اللي همّه رضاي»، إلى جانب أداء ناصر الاستثنائي في «نسايم نجد»، و«خلي الليالي سعادة»، ومجموعة أخرى من الأغنيات التي أشعلت شتاء وادي صفار في أولى حفلات موسم الدرعية هذا العام.

الفنان ناصر نايف خلال الحفل (موسم الدرعية)

الفنان رابح صقر خلال الحفل (موسم الدرعية)

ويأتي اختيار وادي صفار لتنظيم الأمسية لما يمثّله من قيمة تاريخية وموقع حيوي كان على مدى العصور مَعْبراً للمسافرين وقوافل التجارة، وملتقى اجتماعياً لأهالي الدرعية، قبل أن يتحوَّل اليوم إلى مسرح مفتوح يحتضن فعاليات ثقافية وفنية تعكس حضور الموسم وتنوّع عروضه. ويندرج هذا الحفل ضمن برنامج موسيقي واسع يشارك فيه فنانون من أبرز الأسماء العربية؛ من بينهم: فنان العرب محمد عبده، وقيثارة العرب نوال، وراشد الفارس، وأميمة طالب، وفنانو حفل اليوم، الجمعة، عايض يوسف، وزينة عماد، بالإضافة إلى مجموعة من المواهب السعودية الممّيزة.

أجواء تراثية وطربية في ليالي «صدى الوادي» (موسم الدرعية)

ويُقدّم برنامج «صدى الوادي» سلسلة من الحفلات التي تستضيف أبرز الفنانين في العالم العربي، عبر إثراء التجربة الفنية لزوار موسم الدرعية من خلال عروض موسيقية متنوّعة تشمل السامري وفنون الأداء الجماعي، وتُبرز جماليات المكان بتكوينه الطبيعي وشواهده التاريخية.

وتشمل تفاصيل «صدى الوادي» تجربة متكاملة تبدأ باستقبال الزوار بطابع الضيافة السعودية، مروراً بعروض شعرية وغنائية، وصولاً إلى مرافق فنّية ومعارض تفاعلية، من بينها معرض السامري الذي يُقدّم سرداً بصرياً وثقافياً لتراث فنون الأداء النجدية عبر تقنيات رقمية وآلات موسيقية معروضة، بما يعزّز دور البرنامج في الحفاظ على الفنون التقليدية وإبرازها بأسلوب معاصر.


أداة مبتكرة تُساعد ضعاف البصر على البرمجة

الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
TT

أداة مبتكرة تُساعد ضعاف البصر على البرمجة

الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)

طوّر فريقٌ بحثي دولي، بقيادة جامعة تكساس الأميركية، أداةً مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُساعد المبرمجين من ضعاف البصر على إنشاء النماذج ثلاثية الأبعاد وتحريرها والتحقق منها بشكل مستقل.

وأوضح الباحثون أن هذه الدراسة تفتح الباب أمام إتاحة أدوات الإبداع التكنولوجي للأشخاص ضعاف البصر، وهو مجال لا يزال محدوداً جدّاً حتى الآن. وقد قُدّمت النتائج، الخميس، خلال مؤتمر «ASSETS 2025» الدولي للحوسبة في دنفر بالولايات المتحدة.

ويعاني المبرمجون ضعاف البصر تحديات كبيرة في العمل على الأكواد والنماذج الرقمية، إذ تعتمد أدوات برمجة تقليدية عدّة على الرؤية المباشرة للشاشات والنماذج ثلاثية الأبعاد.

ووفقاً للفريق، فإن نحو 1.7 في المائة من المبرمجين يعانون ضعف البصر، ويستخدمون أدوات مثل قارئات الشاشة وشاشات برايل التي تتيح لهم قراءة الأكواد بطريقة «برايل».

وجاء اهتمام الفريق في تطوير الأداة بعد ملاحظتهم التحديات التي واجهها زميلهم الكفيف أثناء دراسة النمذجة ثلاثية الأبعاد، إذ كان يحتاج دائماً إلى مساعدة الآخرين للتحقّق من عمله.

وتحمل الأداة المبتكرة اسم «A11yShape»، وتهدف إلى تمكين ضعاف البصر من تحرير النماذج والتحقّق منها دون الحاجة إلى مساعدة أشخاص مبصرين، ما يفتح أمامهم فرصاً أوسع للمشاركة في المشروعات التقنية والإبداعية بشكل مستقل.

وتعتمد الأداة على التقاط صور رقمية متعددة الزوايا للنماذج التي يُنشئها المبرمجون في محرر الأكواد «OpenSCAD»، ومن ثمَّ يستخدم النظام نموذجَ الذكاء الاصطناعي «GPT-4o» لتحويل الأكواد والصور إلى وصفٍ نصّي دقيق يمكن للمستخدم فهمه بسهولة.

كما تقوم الأداة بمزامنة التغييرات بين الكود والوصف والنموذج ثلاثي الأبعاد، وتوفّر مساعداً ذكياً شبيهاً بـ«روبوت دردشة» للإجابة عن أسئلة المستخدم المتعلّقة بالتصميم والتحرير.

وبذلك تتيح الأداة للمبرمجين من ضعاف البصر العملَ بشكل مستقل على تصميم النماذج ثلاثية الأبعاد من دون الحاجة إلى مساعدة شخص مبصر، ما يُعزّز فرصهم في الإبداع والمشاركة الفعلية في المشروعات التقنية.

واختبر الباحثون الأداة مع 4 مبرمجين من ضعاف البصر، وتمكّنوا بفضلها من إنشاء وتعديل نماذج ثلاثية الأبعاد لروبوتات وصواريخ وطائرات هليكوبتر بشكل مستقل.

وقال الدكتور ليانغ هي، الأستاذ المساعد في علوم الحاسوب بجامعة تكساس والباحث الرئيسي في الدراسة: «هذه خطوة أولى نحو تمكين الأشخاص ضعيفي البصر من الوصول إلى أدوات الإبداع، بما في ذلك النمذجة ثلاثية الأبعاد».

وأضاف، عبر موقع الجامعة، أن فريقه سيواصل تطوير الأدوات لدعم المبرمجين ضعيفي البصر في مهام إبداعية أخرى، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد وتصميم الدوائر الإلكترونية، بهدف تمكينهم من العمل بشكل مستقل في هذه المجالات.


الرياض تجمع 60 متحدّثاً عالمياً بمنصة فلسفية تبحث جذور الفكر بين الشرق والغرب

مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
TT

الرياض تجمع 60 متحدّثاً عالمياً بمنصة فلسفية تبحث جذور الفكر بين الشرق والغرب

مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)

أكد الدكتور عبد اللطيف الواصل، رئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية، أنّ المرحلة الراهنة تتطلَّب استعادة دور الفلسفة في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتقدَّم فيه المادية، لتُعيد طرح الأسئلة الكبرى، وتُقدّم قراءة أعمق للتحوّلات التي يشهدها العالم.

وتابع الواصل، خلال افتتاح أعمال «مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025» في نسخته الخامسة، أنّ الرياض باحتضانها هذا الحدث المعرفي تُرسّخ مكانتها فضاءً حيّاً يتقاطع فيه عمق الفكرة مع حيوية التجديد، وتمنح الفكر موقعاً فاعلاً في صياغة الرؤى والأسئلة المعاصرة.

يشارك في المؤتمر 60 متحدّثاً عالمياً من الفلاسفة والمفكرين والباحثين (هيئة الأدب)

وتتواصل، منذ الخميس، نقاشات غنيّة ضمن أعمال المؤتمر الذي تُنظّمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في مكتبة الملك فهد الوطنية، تحت عنوان «الفلسفة بين الشرق والغرب: المفاهيم، والأصول، والتأثيرات المتبادلة».

ويشارك في المؤتمر 60 متحدّثاً من الفلاسفة والمفكرين والباحثين من مختلف دول العالم، يمثّلون مدارس فلسفية متعددة، مما يمنح البرنامج تنوّعاً معرفياً يُعزّز مكانته منصةً دوليةً للحوار وتبادل الخبرات.

نقاشات مُعمَّقة ضمن ورشات العمل المُصاحبة للمؤتمر (هيئة الأدب)

وتشهد الفعالية أكثر من 40 جلسة حوارية تتناول جذور الفلسفة الشرقية والغربية، وطرائق التفكير، ومسارات التأثير المتبادل بين المدارس الفكرية، إلى جانب مناقشة قضايا معاصرة تتعلَّق بالمعنى الإنساني، والتحوّلات الثقافية، ودور الفلسفة في قراءة الواقع.

هذا الزخم العلمي يمنح الباحثين والمهتمّين رؤى متنوّعة ومقاربات موسَّعة، تُعمّق النقاشات الفلسفية وتُطوّر فهماً أوسع للأسئلة الكبرى في الفكر الإنساني.

مؤتمر الرياض عزَّز مكانته منصةً دوليةً للحوار وتبادل الخبرات (هيئة الأدب)

الروابط المشتركة بين الشرق والغرب

وأشار الواصل إلى أنّ اختيار عنوان المؤتمر يعكس حقيقة أنّ الفلسفة لم تُولد من الجغرافيا بقدر ما تشكّلت من السؤال. وأضاف أن تناول ثنائية الشرق والغرب ليس هدفه تكريس الانقسام، بل إبراز الروابط المشتركة بين التجارب الفكرية وما يجمعها من ميراث إنساني قائم على البحث عن المعنى وصناعة الوعي.

وأوضح أنّ انعقاد المؤتمر في نسخته الخامسة هو امتداد لمشروع فكري انطلق قبل 5 أعوام، وتحوَّل إلى مبادرة راسخة تُعزّز حضور الفلسفة وتُثري حوار الثقافات، وتُرسّخ موقع المملكة منصةً عالميةً في مجالات الإنتاج المعرفي وصناعة الفكر.

وأوضح الواصل أنّ المؤتمر بات اليوم مشروعاً يتنامى أثره عاماً بعد عام، ويتّسع حضوره محلّياً ودولياً، بما يعكس الثقة التي اكتسبها ودوره في دعم الحوارات الفلسفية بين الشرق والغرب.

يشهد المؤتمر أكثر من 40 جلسة حوارية تتناول جذور الفلسفة الشرقية والغربية (هيئة الأدب)

وأكّد أنّ الحاجة المتزايدة لاستعادة دور الفلسفة تنبع من واقع عالمي سريع التحوّل، تتقاطع فيه الأزمات والأسئلة الوجودية. وترى الرياض في هذا الحدث مساحة تتفاعل فيها الفكرة العميقة مع التجديد الفكري، في فضاء مفتوح يعكس المكانة المتنامية للمملكة في المشهد الفلسفي العالمي.

ويُعدّ «مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة» من أبرز الفعاليات الفكرية السنوية في المنطقة، إذ يُسهم منذ انطلاقته الأولى في تعزيز التواصل الثقافي العالمي، وإعادة تقديم الفلسفات بمختلف مدارسها في سياق دولي، وترسيخ الدور السعودي في دعم الإنتاج الفكري وبناء الجسور المعرفية بين الشرق والغرب، بما يخدم مسارات التنمية الثقافية والفكرية التي تشهدها المملكة.

مناقشة قضايا معاصرة تتعلَّق بالمعنى الإنساني والتحوّلات الثقافية (هيئة الأدب)

ويأتي انعقاد المؤتمر هذا العام امتداداً لمسيرته المعرفية التي بدأت قبل 5 أعوام، ليواصل دوره منصةً عالميةً تجمع المفكرين والباحثين والخبراء من مختلف دول العالم، وتُرسّخ مكانة السعودية مركزاً دولياً لإنتاج المعرفة وتعزيز الحوار بين الثقافات.