أعلنت فرنسا، مساء الجمعة، أنها قتلت زعيم فرع «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» عبد المالك دروكدال المكنى «أبو مصعب عبد الودود» خلال عملية في شمال مالي.
وقالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي إن دروكدال كان عضواً في لجنة تسيير «القاعدة» وتولى قيادة كل المجموعات التابعة لهذا التنظيم في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل الأفريقي، بما في ذلك «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التي تعتبر إحدى أخطر جماعات المتشددين في منطقة الساحل.
وأشارت الوزيرة أيضاً في سلسلة تغريدات على «تويتر» إلى مواصلة العمليات التي تستهدف فرع «داعش» في منطقة الساحل، كاشفة عن أن قوات فرنسية نجحت في 19 مايو (أيار) الماضي في اعتقال محمد مرابط، وهو أحد القادة المتشددين المخضرمين في منطقة الساحل.
ولم يظهر «أبو مصعب عبد الودود» على الساحة الإعلامية في إصدارات «القاعدة» منذ فترة، علماً أنه كان وجهاً دائماً في هذه الإصدارات. وهو يُعتبر أحد أبرز مهندسي عملية التحول التي شهدتها الجماعات المسلحة في الجزائر من خلال التخلي عن التركيز على ما يحصل في الجزائر حصراً إلى تبني ما يُعرف بـ«الجهاد العالمي» والتحول إلى فرع مغاربي لـ «القاعدة».
وبعدما كان عضواً في «الجماعة المسلحة»، أكثر الجماعات دموية في الجزائر، في تسعينات القرن الماضي، انتقل عبد الودود مع آخرين إلى صفوف «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» التي انشقت عن «الجماعة المسلحة». لكن الحملة التي قامت بها قوات الأمن في تلك السنوات مما يعرف بـ «العشرية السوداء» في الجزائر أدت إلى تراجع كبير في قوة الجماعات المسلحة التي ازدادت ضعفاً في ضوء سياسة الوئام المدني التي انتهجتها الدولة بعد مجيء الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى سدة الحكم عام 1999 (العفو عن المسلحين الذين يلقون السلاح).
وفي ظل تلك الظروف، جاءت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ثم جاء الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وهو أمر ساهم في تحول «القاعدة» إلى تنظيم عبارة عن «وكالات» موزعة من خلال فروع حول العالم مع قيادة مركزية في منطقة الحدود الأفغانية - الباكستانية. فقاد دروكدال آنذاك «الجماعة السلفية» الجزائرية في 2004، ليبدأ تحويلها إلى فرع رسمي لـ«القاعدة» في بلاد المغرب، وهو ما تم رسمياً في عام 2007.
وعلى رغم نجاح هذا التنظيم الجديد في شن سلسلة عمليات انتحارية ضخمة في الجزائر، إلا أن أجهزة الأمن لاحقت خلاياه وفككتها واحدة تلو الأخرى، فتراجع دور فرع «القاعدة» كثيراً حتى مجيء ما يعرف بـ «الربيع العربي» الذي شكل فرصة لإعادة إحياء نشاط المتشددين في ليبيا المجاورة وأيضاً في تونس.
لكن هنا أيضاً جاء تحد من نوع آخر، إذ أن جماعات عديدة متشددة في منطقة المغرب العربي والساحل الأفريقي اختارت الانضمام إلى تنظيم منافس لـ«القاعدة» هو «داعش» الذي ظهر بقوة في سوريا والعراق، وأعلنت ولاءها لزعيمه أبو بكر البغدادي. غير أن دروكدال ظل على ولائه لزعيم «القاعدة» الجديد أيمن الظواهري.
ويدل قتله الآن في مالي على أن قيادة فرع «القاعدة» المغاربي ليست موجودة في الجزائر بل في مالي المجاورة حيث يبدو أنها تعمل جنباً إلى جنب مع تنظيم آخر تابع لـ «القاعدة» هو جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين». ودروكدال من مواليد العام 1970 في البليدة جنوب العاصمة الجزائرية.