«الوفاق» تعلن «سيطرتها الكاملة» على طرابلس... وتحاصر ترهونة

قوات «الوطني الليبي» تعتبر تراجعها من العاصمة مجرد «انسحاب تكتيكي»

ميليشيات تابعة لـ«الوفاق» تحتفل بعد إعلان استعادة السيطرة على كل طرابلس أمس (أ.ف.ب)
ميليشيات تابعة لـ«الوفاق» تحتفل بعد إعلان استعادة السيطرة على كل طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

«الوفاق» تعلن «سيطرتها الكاملة» على طرابلس... وتحاصر ترهونة

ميليشيات تابعة لـ«الوفاق» تحتفل بعد إعلان استعادة السيطرة على كل طرابلس أمس (أ.ف.ب)
ميليشيات تابعة لـ«الوفاق» تحتفل بعد إعلان استعادة السيطرة على كل طرابلس أمس (أ.ف.ب)

أعلنت قوات حكومة «الوفاق» الليبية، برئاسة فائز السراج، أمس، سيطرتها على «كامل الحدود الإدارية» لمدينة طرابلس الكبرى، بعد حوالي 14 شهرا من بدء قوات «الجيش الوطني»، التي يقودها المشير خليفة حفتر، تحركها لـ«تحرير» العاصمة. ولم يصدر عن حفتر، الذي يزور القاهرة حاليا، أي تعليق رسمي حيال أحدث انتكاسة مؤلمة لقوات «الجيش الوطني». فيما أوضح اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم حفتر والجيش، أنه بصدد إصدار بيان، مكتفيا بالقول لـ«الشرق الأوسط» «الموضوع تحت التجهيز حاليا».
وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»، رفضت تعريفها، إن قوات الجيش الوطني نفذت ما وصفته بـ«انسحاب تكتيكي» من العاصمة، تنفيذا لتعليمات صدرت من قيادة الجيش، على غرار ما فعلته مؤخرا في قاعدة «الوطية» الجوية الاستراتيجية، التي سيطرت عليها قوات «الوفاق» مؤخرا. فيما اكتفى مصدر عسكري في «الجيش الوطني» بالتأكيد على أن قواته ستكمل انسحابها من أحياء وضواحي العاصمة طرابلس، بما في ذلك عين زارة وأبو سليم وقصر بن غشير، نحو بلدة قريبة من آخر معاقلها الرئيسية في ترهونة، الواقعة على بعد 90 كيلومترا جنوب شرقي طرابلس، حيث تتشكل جبهات القتال لمعارك جديدة، رغم اتفاق الجانبين على استئناف محادثات وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة.
وهنأ السراج القوات الموالية لحكومته «بنجاحها في السيطرة على كامل المطار الدولي للعاصمة طرابلس»، بعد نحو عام من خضوعه لسيطرة «الجيش الوطني»، قبيل جولة ثالثة من محادثات جنيف، التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة لإبرام هدنة جديدة لوقف إطلاق نار محتمل. ودعا عقب وصوله مساء أول من أمس إلى تركيا، قوات الجيش إلى الاستسلام، واتهمها بـ«تفخيخ الأحياء المدنية في طرابلس»، لافتا إلى أن إيطاليا ستقدم دعما لإزالة هذه الألغام.
بدوره، أعلن فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، أن وزارته ستباشر على الفور تأمين المناطق المحررة، وفقاً لخطة معدة مسبقاً بعد تسلمها من غرفة العمليات العسكرية، وتفعيل مديريات الأمن ومراكز الشرطة، ودعا من وصفهم بأهالي المدن المختطفة إلى العودة لشرعية الدولة. وظهر أمس الناطق باسم قوات «الوفاق»، العقيد محمد قنونو، مخاطبا عناصرها عبر جهاز اللاسلكي قائلا: «نعلن في هذه اللحظات التاريخية تحرير العاصمة طرابلس بكامل حدودها الإدارية». وأوضح لاحقا في إيجاز صحافي أن قوات «الوفاق» بسطت سيطرتها على كامل المدينة بعد القضاء على ما وصفه بـ«بؤر التمرد». في إشارة إلى قوات «الجيش الوطني».
في سياق ذلك، بثّت وسائل إعلام محلية، موالية لحكومة السراج، صورا تظهر انتشارا ضخما لقواتها في أبرز المواقع، التي كانت تحت سيطرة قوات الجيش، بالإضافة إلى تقدم وحدات عسكرية لقوات «الوفاق» داخل الحدود الإدارية لمدينة ترهونة.
وقالت قوات «الوفاق» إنها طردت آخر فلول للجيش من منطقتي عين زارة ووادي الربيع، وأعلنت تحريرهما بالكامل. بينما قال وكيل وزارة الدفاع بالحكومة إن قواتها واصلت تقدمها، وطردت قوات الجيش من على أسوار طرابلس الكبرى، مؤكدا هروب عدد ممن يقودونهم إلى مطار مدينة بني وليد جنوب شرقي طرابلس.
وعقب معارك قصيرة دامت ساعات، إثر إطلاقها عملية «تحرير» المطار المتوقف عن العمل منذ عام 2014. قالت قوات «الوفاق» إنها أحكمت سيطرتها بشكل كامل على المطار. وأعلنت بلسان المتحدث باسمها أنها بدأت في ملاحقة فلول قوات «الجيش الوطني» باتجاه منطقة قصر بن غشير، جنوب شرقي طرابلس. كما شرعت في تمشيط المطار للتعامل مع ألغام تركتها قوات الجيش.
وقال هشام أبو شكيوات، وكيل وزارة المواصلات في حكومة «الوفاق»، إنه سيتم العمل على عودة هذا المطار وتشغيله، بالإضافة إلى إعادة افتتاح مطار معيتيقة في أسرع وقت بعد أن زال خطر قصفه.
وبدأت عملية مطار طرابلس عبر شن قوات «الوفاق» ضربات بواسطة طائرات «درون» تركية استهدفت أهدافا ومواقع لآليات قوات الجيش داخل طرابلس، بعدما نجحت منذ أسبوعين عبر عمليات برية واسعة في فرض طوق كامل على المطار، قبل التمكن من دخوله. كما نشرت قوات الوفاق ووسائل إعلام محلية صورا ولقطات مصورة تظهر انتشارا كثيفا لعناصرها على أرض المطار.
من جهة ثانية، أكدت الولايات المتحدة مساء أول من أمس أنها تنتظر تشكيل بعثة «متمكنة» لليبيا تابعة للأمم المتحدة، وهو ما أثار حفيظة فرنسا وألمانيا اللتين تقولان إن التأخّر في إقرار تعيين مبعوث يقوّض الجهود لإنهاء النزاع. ومنصب مندوب الأمم المتحدة إلى ليبيا شاغر منذ ثلاثة شهور، وقد اقترح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش منذ أسابيع بأن تتولى وزيرة خارجية غانا السابقة، هانا سيروا تيتيه المنصب. لكن لم يتم تثبيتها في وقت يشير دبلوماسيون إلى معارضة الولايات المتحدة تسميتها.
إلى ذلك، أعلنت مالطا وليبيا إنشاء «مركز تنسيق» في كل من طرابلس وفاليتا، اعتبارا من يوليو (تموز) المقبل لتعزيز مكافحة الهجرة غير الشرعية في البحر المتوسط، وفق ما أعلن مصدر رسمي أمس لوكالة الصحافة الفرنسية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.