وزير الدفاع الأميركي يعارض ترمب في استخدام القوة العسكرية ضد المتظاهرين

مشرعون طالبوا إسبر بالاستقالة... وتسريبات حول طلب ترمب الاستعانة بالدبابات لقمع التظاهر

عناصر من الشرطة الأميركية والحرس الوطني يواجهون محتجين خلال مظاهرة في مينيسوتا على خلفية مقتل جورج فلويد (إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة الأميركية والحرس الوطني يواجهون محتجين خلال مظاهرة في مينيسوتا على خلفية مقتل جورج فلويد (إ.ب.أ)
TT

وزير الدفاع الأميركي يعارض ترمب في استخدام القوة العسكرية ضد المتظاهرين

عناصر من الشرطة الأميركية والحرس الوطني يواجهون محتجين خلال مظاهرة في مينيسوتا على خلفية مقتل جورج فلويد (إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة الأميركية والحرس الوطني يواجهون محتجين خلال مظاهرة في مينيسوتا على خلفية مقتل جورج فلويد (إ.ب.أ)

وقف وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر في موقف معارض لتوجهات الرئيس الأميركي باستخدام القوة العسكرية في التعامل مع الاحتجاجات، معلناً في مؤتمر صحافي، ظهر الأربعاء، أنه لا يدعم استخدام الجيش في قمع الاحتجاجات، وأن قوات الحرس الوطني كافية.
وقال إسبر إن «خيار استخدام القوات العسكرية في دور تقوم به مؤسسات تنفيذ القانون يجب ألا يستخدم إلا كملاذ أخير، وفقط في أكثر الحالات إلحاحاً وخطورة، ولسنا في واحدة من هذه الحالات الآن، وأنا لا أؤيد استخدام الجيش»، وأكد وزير الدفاع على الحقوق الدستورية، واحترام حق التظاهر الذي كفله الدستور الأميركي، وقال: «أريد أن أعبر عن التزامنا بالدستور، والتزامنا بإنهاء العنصرية والكراهية».
وحاول إسبر أن ينأى بنفسه عن المشهد الفوضوي في حديقة لافاييت، وقال إنه لم يكن يعلم بهدف الرئيس ترمب من الخروج من البيت الأبيض والسير عبر حديقة لافاييت المواجهة للبيت الأبيض إلى كنيسة سان بول، مؤكداً أنه لم يعطِ أوامر بإطلاق القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين، وأن الجيش يُجري تحقيقاً حول من أعطى الأوامر لتحليق طائرة عسكرية فوق البيت الأبيض والمتظاهرين خلال قيام الرئيس ترمب بأخذ صورة، حاملاً الإنجيل أمام كنيسة سان بول، وقال: «لم يتم إبلاغي بما سيحدث، ولم يكن ظهور رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي ببزته العسكرية مقصوداً به توجيه رسالة معينة». وقال إسبر: «أفعل كل ما في وسعى لمحاولة الظهور بشكل غير سياسي»، وهو ما يعد اعترافاً واضحاً من وزير الدفاع أن تصرفات الرئيس في تسييس الجيش هي محاولة بلا داعٍ.
ورفض إسبر التذرع بقانون «الانتفاضة» الصادر عام 1807 الذي أعطى الرئيس الأميركي سلطة نشر قوات عسكرية من الجيش والحرس الوطني الفيدرالي داخل الولايات المتحدة، وفقاً لظروف معينة، مثل قمع التمرد. وكان هذا القانون قد تم استخدامه أثناء الصراع بين السكان الأميركيين الأصليين من الهنود الحمر في أواخر القرن التاسع عشر، وتم استخدامه مرة أخرى في عهد الرؤساء أيزنهاور وكينيدي وجونسون، لمواجهة الاحتجاجات المعارضة لحكم المحكمة بإلغاء الفصل العنصري.
وكانت تهديدات ترمب باستخدام الجيش في قمع الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد إذا لم يقم حكام الولايات بالسيطرة على المتظاهرين قد أثارت كثيراً من الجدل والانتقادات. من جانب آخر، كشفت صحيفة «ديلي بيست» أن الرئيس ترمب سأل عن إمكانية استخدام الدبابات لتفريق المتظاهرين.
وقالت الصحيفة إن مساعدي الرئيس طالبوا البنتاغون بتقديم تفاصيل عن نوع المركبات المدرعة والوحدات العسكرية والطائرات والدبابات التي يمكن إرسالها لاستعادة الأمن والنظام في الأماكن التي تحتاجها الاحتجاجات وأعمال الشغب، وهو ما أثار كثيراً من القلق والغضب. وسارع مسؤولو البنتاغون بالردّ على الصحيفة، موضحين أن البيت الأبيض وليس وزارة الدفاع هو من يضغط من أجل استخدام القوة العسكرية في الشوارع.
وقد بدت مدينة واشنطن العاصمة منذ السبت الماضي كمنطقة حرب مكتظة بشاحنات الجيش والعملاء الفيدراليين وقوات مكافحة الشغب، وحلقت مروحيات عسكرية على مستويات قريبة من المتظاهرين ليل الاثنين، وأدى اندفاع الهواء المتدفق منها إلى تشتيت المتظاهرين، وهي تقنية مصممة لإثارة الخوف. كما انتشرت قوات الحرس الوطني عند نصب لينكولن التذكاري الذي شهد استمرار المظاهرات السلمية به.
ووصلت قوات من الحرس الوطني من كلٍ من يوتا ونيوجيرسي إلى العاصمة، يوم الاثنين، ووصلت تعزيزات إضافية من أنديانا وساوث كارولينا وتنيسي، وأرسلت ولاية مريلاند نحو 116 من أعضاء الحرس الوطني يوم الثلاثاء، وأرسلت أوهايو 100 جندي إضافي، وتمركزت فرقة مكونة من 715 جندياً من الفرقة 82 المحمولة جواً في قواعد خارج العاصمة، على أهبة الاستعداد لحماية البيت الأبيض «إذا تدهور الوضع»، ووضعت خطة طوارئ تحت اسم «THEMIS» فيما أبدت عمدة واشنطن، موريل باوزر، انتقادها الشديد لاستيلاء السلطات الفيدرالية على إدارة شرطة العاصمة.
واتهم نواب ديمقراطيون كلاً من الرئيس ترمب، ووزير الدفاع مارك إسبر، بانتهاك اليمين الذي أقسموه عند تولي مناصبهم، واتخاذ تكتيكات غير مقبولة لتأمين الشوارع وإبعاد المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، حتى يتمكن ترمب من السير عبر الشارع والتقاط الصورة. وقال مسؤولان سابقان بوكالة المخابرات المركزية إن سلوك ترمب يشابه سلوك الديكتاتوريين في العالم الثالث. وطالب نواب ديمقراطيون، مثل النائب أبيغيل سبانبرغر، وزير الدفاع بالاستقالة من منصبه.
ووجّه أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون رسالة إلى وزير الدفاع، قالوا فيها: «نحن نعارض بأشد العبارات استخدام الجيش الأميركية لإعاقة حقوق (التعديل الأول) للأميركيين الذي ينصّ على حقّ التظاهر». وطالب أعضاء مجلس الشيوخ بإجابات على أسئلة كثيرة حول دور الجيش في هذه الأزمة. كما طالبوا بردّ من البنتاغون بحلول يوم الجمعة.
وقاد الهجوم على البنتاغون كلٌ من السيناتور الديمقراطي مايكل بينيت من كولورادو، وتامي بالدوين من ويسكنسن، وريتشال بلومنتال من كونيكيت، وبوب كيسي من بنسلفانيا، وشيرود براون من أوهايو.
وقال المشرعون في الرسالة، مساء الثلاثاء: «نحثّكم على الامتناع عن استخدام جيش الولايات المتحدة لتقليل أو قمع التعبير السلمي الحرّ للأميركيين الذين يمارسون حرياتهم المدنية، في الدعوة إلى جعل المؤسسات الحكومية على مستوى أفضل، والكفاح من أجل تحقيق العدالة العرقية، ونحن نؤمن بقوة بعلاقة مدنية عسكرية صحية». وشدّدت الرسالة على رفض ما أسمته «الاستخدام غير الملائم للعسكريين في هذا السياق، بما قد يؤدي إلى أضرار لا رجعة فيها للأمة الأميركية».
وعبّر أعضاء مجلس الشيوخ عن قلقهم من ظهور رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، في شوارع واشنطن العاصمة، في ملابسه القتالية، وكتبوا: «إن مشاركة رئيس هيئة الأركان المشتركة مع الرئيس ترمب في سيره من البيت الأبيض إلى الكنيسة لالتقاط الصور تثير القلق من نطاق الدور القيادي الذي يقوم به، ويمثل تفويضاً مقلقاً للغاية للسلطة، وتضخماً لحالة الارتباط داخل التسلسل القيادي».
وعبّر كثير من الجمهوريين أيضاً عن انزعاجهم، وقال السيناتور الجمهوري تيم سكوت، المناصر للرئيس ترمب، في تصريحات للصحافيين حول استخدام القنابل المسيلة للدموع، إنه يرفض قرار إطلاق القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين حتى يتمكن الرئيس من التقاط صورته الفوتوغرافية.
وقال الأدميرال البحري المتقاعد، مايك مولن، الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة في عهد جورج بوش وباراك أوباما: «لا يمكنني أن أبقى صامتاً، إن مواطنينا ليسوا العدو، ويجب أن يتم تصويرهم هكذا». وكتب في مقال لمعهد أتلانتك «أنه أصيب بالغثيان لمشاهدة أفراد في الأمن والجيش يمهدون الطريق ليقوم ترمب بالتقاط صورة رئاسية».
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز»، صباح الأربعاء: «حينما يكتب التاريخ رئاسة ترمب فإنه سيذكر الاشتباك في حديقة لافاييت، باعتباره إحدى اللحظات الحاسمة والفارقة في التاريخ».



الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».