الحكومة المصرية تراجع التدابير الصحية لمواجهة الوباء

«الداخلية» تفحص مخالطي موظف بسجن «طرة» توفي بعد إصابته بـ{كورونا»

مصريون ملتزمون ارتداء الكمامات في قطار بالقاهرة أمس (إ.ب.أ)
مصريون ملتزمون ارتداء الكمامات في قطار بالقاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

الحكومة المصرية تراجع التدابير الصحية لمواجهة الوباء

مصريون ملتزمون ارتداء الكمامات في قطار بالقاهرة أمس (إ.ب.أ)
مصريون ملتزمون ارتداء الكمامات في قطار بالقاهرة أمس (إ.ب.أ)

وسط إعلان عن زيادات غير مسبوقة في الإصابات المسجلة بفيروس «كورونا المستجد» في البلاد، راجعت الحكومة المصرية، أمس «إجراءات التعامل والتصدي لانتشار الفيروس»، وذلك خلال اجتماع للمجموعة الطبية المعنية بالأزمة، برئاسة رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، مع عدد من أعضاء حكومته ومسؤولين طبيين.
وفيما بدا استجابة لمطالب «نقابة الأطباء» التي حذرت رسمياً، قبل أيام، من نقص في المستلزمات الطبية اللازمة لحماية طواقم العمل، أكد مدبولي، أمس، على «ضرورة توافر جميع المستلزمات الطبية بالمستشفيات، والتأكد من صرفها لجميع الأطقم الطبية، وعدم الاكتفاء بالاطمئنان لوجودها بالمخازن فقط».
والتقى مدبولي، الخميس الماضي، نقيب الأطباء حسين خيري، وأعرب رئيس الحكومة عن «تقديره لجميع أفراد الأطقم الطبية للقيام بدورهم في تقديم الخدمة للمواطنين».
وفي السياق ذاته، اجتمع نقيب الأطباء، مع وزيرة الصحة، أمس، وأكدت زايد على «اهتمام الوزارة وأجهزة الدولة بتطبيق إجراءات حماية الفرق الطبية وثمّنت جهودهم في التعامل مع الجائحة»، فيما جدّد خيري التأكيد على «جميع مطالب النقابة السابقة وعلى الأهمية القصوى لقيام الدولة بالمهمة القومية التي تتمثل في حماية الفرق الطبية حتى تستطيع الاستمرار في قيامها بمهامها الوطنية تجاه المجتمع والمواطنين جميعاً، وفتح قناة تواصل على مدار اليوم بين نقيب الأطباء ووزيرة الصحة حتى يتم حل مشكلات الفرق الطبية أول فأول».
ودعا رئيس الوزراء، أمس، إلى «تفعيل لجنة الأزمات القائمة بكل محافظة، وأن يكون هناك تفتيش يومي من جانب مسؤولي الجهات المختلفة، بما فيها الجهات الرقابية، على المستشفيات؛ وذلك للتأكد من توافر المستلزمات الطبية، ووجود الأطقم الطبية، وتقديم خدمة جيدة للمواطنين بالمحافظات، منوهاً بـ«توفير العلاج المطلوب للمواطنين الذين سيتم عزلهم منزلياً، وتفعيل أقصى طاقة للمستشفيات الجامعية التابعة لوزارة التعليم العالي».
وبشأن المستشفيات الخاصة، كلّف مدبولي الوزراء المعنيين بـ«وضع ضوابط للمستشفيات الخاصة التي بدأت تشارك في علاج المواطنين من فيروس كورونا، ووضع حد أقصى لتكلفة العلاج، في ظل تسجل ارتفاع مبالغ فيه في تكلفة العلاج والعزل بعدد من هذه المستشفيات»، وفق بيان الحكومة المصرية.
بدورها، قالت وزيرة الصحة والسكان، هالة زايد إن «6 محافظات شهدت أعلى نسبة إصابة بالفيروس، وهي القاهرة، والجيزة، والقليوبية، والمنوفية، والفيوم، والإسكندرية، والبحيرة، وذلك حتى يوم 30 مايو (أيار) الماضي بإجمالي 15415 حالة».
وأفادت زايد بـ«تجهيز جرعات العلاج وتوزيعها على حالات العزل المنزلي عن طريق القوافل العلاجية، وتسيير نحو 65 عيادة متنقلة لتوزيع الجرعات، فضلاً عن 5013 وحدة على مستوى الجمهورية، إلى جانب 340 مستشفى للعزل، وتجهيز 36 مستشفى أخرى وإضافتها إلى المستشفيات العاملة حالياً ليصبح إجمالي عدد المستشفيات المتعاملة مع حالات فيروس كورونا إلى 376 مستشفى».
من جهة أخرى، كشفت وزارة الداخلية المصرية، عن بدء عمليات الفحص للمخالطين لأحد الموظفين العاملين بسجن طرة، والذي توفي وتبين إصابته بفيروس كورونا، وشدد في بيان أن الموظف «حصل على إجازة من عمله في 17 مايو الماضي، للعلاج من أحد الأمراض المزمنة، وخلال تلك الفترة أجرى تحليل فيروس كورونا بمستشفى للحميات، وتوفي قبل ظهور نتيجة التحليل، وتبين عقب ذلك إيجابية إصابته بالفيروس، ولم يتم تحديد سبب الوفاة حتى الآن»، وفق بيان رسمي.
وأشارت الداخلية، أنها «اتخذت إجراءات لتعقيم موقع عمل المتوفى، وبدأت فحص المخالطين له للتأكد من سلامتهم الصحية»، وشددت على «تعقيم جميع المنشآت بقطاع السجون بصورة يومية وإجراء الفحوص الطبية الدورية للتأكد من سلامة المسجونين، وفق الضوابط الموضوعة من وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية».
وبرلمانياً، بلغت عدد الإصابات المسجلة بالفيروس بين أعضاء مجلس النواب، 5 إصابات بشكل إجمالي، بحسب ما أفاد صلاح حسب الله، المتحدث الرسمي للمجلس، أمس، والذي أكد في الوقت نفسه أن «البرلمان سيعقد جلساته العامة في الموعد المقرر يوم الأحد المقبل، دون تأجيل».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».