عزل سبها... وتحقيق في أسباب تسرّب «كورونا» مع الليبيين العائدين

سبها
سبها
TT

عزل سبها... وتحقيق في أسباب تسرّب «كورونا» مع الليبيين العائدين

سبها
سبها

تبدد أمل الليبيين بإمكان انحسار فيروس «كوفيد-19» عقب تزايد أعداد المصابين بشكل لافت في جنوب البلاد، مما اضطر المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» إلى غلق الحدود الإدارية لمدينة سبها، كبرى حواضر الجنوب، ومنع التنقل منها وإليها، وحظر التجول كلياً داخلها لمدة 7 أيام.
وأمام تصاعد المخاوف من انتقال الفيروس بين المناطق الجنوبية، أعلنت مدينة غات الواقعة في قلب الصحراء الغربية على مشارف الحدود الليبية - الجزائرية، إغلاق حدودها الإدارية، ومنع الدخول والخروج، ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة وباء «كورونا» المستجد. واستثنت بلدية غات في قرارها غلق الحدود سيارات نقل البضائع والوقود والإسعاف، مشددة على ضرورة تفعيل حظر التجول من السادسة مساءً حتى السادسة من صباح اليوم التالي لمدة 10 أيام، ابتداءً من أمس.
وقرر المجلس التسييري لبلدية الكفرة (جنوب شرقي البلاد)، واللجنة الرئيسية لمكافحة وباء فيروس «كورونا»، فرض حظر تجول في المدينة من السابعة مساء إلى السابعة صباحاً، وإغلاق كل المحال التجارية، ومنع الدخول والخروج منها إلا للحالات الإنسانية.
وبلغت الحصيلة الإجمالية للمصابين في ليبيا 105 حالات، تعافى منهم 41، وتوفى 5 فقط. وعلى خلفية إصابة 25 مواطناً بمدينة سبها، بالإضافة إلى حالة وفاة واحدة، اتخذت البلديات في هذه المنطقة من الجنوب إجراءات احترازية مشددة، فيما قرر المجلس الرئاسي، برئاسة فائز السراج، غلق الحدود الإدارية لمدينة سبها، مستثنياً «الأعمال ذات الطبيعة السيادية والأمنية والصحية والصيدليات وأعمال البيئة والكهرباء والطاقة والاتصالات وحركة الشحن».
وطالب المجلس الرئاسي وزارة الصحة التابعة لحكومته باتخاذ «تدابير استثنائية لمواجهة هذه الجائحة، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، من خلال تحشيد فرق الرصد والتقصي حول المدينة وداخلها، وتفعيل الرصد النشط حسب الأسس العلمية، وكذلك تسيير قافلة طبية مختصة لدعم النظام الصحي بالمدينة».
وفي المقابل، دعت الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية التابعة للحكومة الموازية بشرق البلاد إلى ضرورة الالتزام بقرار غلق المساجد في مدينة سبها، مطالبة في بيان، أمس، لجان الإدارة بالمساجد بضرورة التقيد بالقرار، وإغلاق المساجد أمام المصلين، ورفع الأذان فيها فقط. وفي إطار مساعدة الجنوب بالأجهزة اللازمة لمكافحة الفيروس، أعلنت بلدية سبها تسلم جهاز جديد لإجراء تحاليل الكشف عن «كوفيد-19»، بدعم من المركز الوطني لمكافحة الأمراض، بجانب كمية من مستلزمات التشغيل. كما دفعت وزارة الصحة التابعة لـ«الوفاق» بفريق طبي للمعاونة في مكافحة الوباء. وفي السياق ذاته، شكل المجلس الرئاسي لجنة للتحقيق في الأسباب والظروف والملابسات التي أدت إلى انتشار فيروس «كورونا» عن طريق العائدين من الخارج، وتحديد المسؤولين عن ذلك، وطالبها بالكشف «عن أوجه الخلل والقصور في برامج إعادة المواطنين العالقين بالخارج، واقتراح المعالجات اللازمة في هذا البرنامج».
وكانت أعداد كبيرة من الليبيين العالقين العائدين من تركيا قد وصلت إلى البلاد مؤخراً، وسط حالة غضب بسبب عدم إخضاع عدد منهم للفحص الطبي. وفي مدينة سرت (450 كيلومتراً شرق طرابلس)، الواقعة تحت سيطرة «الجيش الوطني»، قررت اللجنة الرئيسية لمكافحة «كورونا»، أمس، تفعيل حظر التجول في المدينة من السادسة مساء إلى السادسة صباحاً بدءاً من أمس.
وأوصت اللجنة بمنع التنقل بين سرت وبقية المدن، باستثناء الجهات المنصوص عليها في القرار، مع ضرورة إغلاق جميع الأنشطة، باستثناء المحال التجارية والجزارة والصيدليات والعيادات، والتشديد على إقفال جميع المقاهي والمطاعم التي تظهر فيها تجمعات.
وقال سامي الجوادي، رئيس جمعية «نور الحياة» الخيرية في طرابلس، إن هناك مستشفيات خاصة في مدينتي ترهونة وبني وليد (جنوب شرقي طرابلس) تعاني من نقص حاد في المواد الطبية المتعلقة بالوقاية من وباء «كورونا».
وأضاف الجوادي، في إدراج على صفحته على «فيسبوك»، أن هذا النقص الحاد قد يتسبب في «كارثة إنسانية كبري لهاتين المدينتين والمدن المجاورة في حالة انتشار الوباء، لا سمح الله»، وقال: «لهذا يجب العمل على توفير ممر آمن في أسرع وقت لدخول المواد الطبية لهذه المدن قبل فوات الأوان».
وتحاصر قوات «الوفاق» مدينة ترهونة منذ بداية شهر رمضان المنقضي. كما تقع بني وليد في بؤرة توتر شديدة في الحرب الدائرة حالياً بغرب البلاد.



ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».