تجار طرابلس يتهمون حكومة «الوفاق» بتعميق معاناتهم

قالوا إنهم باتوا يخشون الإفلاس بعد أن تقاعست عن مساعدتهم

TT

تجار طرابلس يتهمون حكومة «الوفاق» بتعميق معاناتهم

تتفاقم أزمات ومعاناة سكان العاصمة الليبية طرابلس يوماً بعد يوم، وتزداد شكواهم وغضبهم من ارتفاع الأسعار، وفي مقدمتهم تجار العاصمة الذين باتوا يشتكون من تعرضهم لخسائر فادحة بسبب الحرب، والإجراءات المفروضة لمواجهة فيروس «كورونا»، منتقدين تجاهلهم من حكومة «الوفاق» الليبي التي يرأسها فائز السراج، وعدم مساعدتها لهم في تخطي أزمتهم الراهنة.
«الحرب كانت البداية، وهي الطامة الكبرى بالنسبة لنا»... بهذه الكلمات بدأ كمال قليصة حديثه، وهو تاجر للأجهزة الكهرومنزلية بمنطقة جنزور (12 كيلومتراً غرب وسط العاصمة)، وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن أغلب تجار العاصمة «كانوا يملكون مخازن بأطراف العاصمة وجنوبها؛ حيث تقع الاشتباكات المسلحة؛ لكن الآن ومع تصاعد أعمال القصف اضطروا للبحث عن بدائل بعيداً عن الاشتباكات بإيجار مرتفع... ومع فرض حظر التنقل بسبب فيروس (كورونا) تم إغلاق المحال، باستثناء تلك التي تبيع المواد الغذائية، والصيدليات، ما تسبب في انخفاض المبيعات بنسبة تتراوح من 60 إلى 80 في المائة، وبات اعتمادنا على الأصدقاء والمعارف ممن يطلبون شراء ثلاجة أو غسالة».
وكان عدد من أصحاب المحلات التجارية قد احتشدوا في العاشر من الشهر الجاري بميدان الجزائر بالعاصمة، لمطالبة وزير الداخلية فتحي باشاغا بالسماح لهم بفتح متاجرهم، أسوة بباقي المدن في مصراتة والزاوية ومدن أخرى، قالوا إنها كسرت الحظر المفروض عليهم لكي يتمكنوا من سداد إيجار متاجرهم.
وللتخفيف من تأثير هذه الخسائر عليهم، والتوجه للتسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رأى قليصة أن «المواطنين يركزون أولاً على شراء السلع الغذائية، ثم تأتي في المرتبة الثانية عملية شراء الأجهزة الكهربائية»؛ لكنه قال إن «المنافسة باتت شديدة على تلك المواقع بين التجار وأصحاب المحلات التي تبيع بقية السلع، سواء المفروشات أو الملابس أو الأثاث؛ خصوصاً أن الجميع بات يقدم بضاعته مع مزايا عدة ليتمكن من البيع».
وتابع قليصة متحسراً: «رغم أن شهر رمضان يعد أهم مواسم البيع، سواء لتجار الملابس أو لنا كتجار الأجهزة الكهرومنزلية؛ لكنه ضاع علينا»، مستدركاً: «إذا استمر الحال مع ارتفاع الدولار وأسعار أغلب السلع، فإننا لن نتمكن من تصريف بضائعنا، وهذا سيؤدي لخراب بيوتنا».
وأمام تصاعد مطالب التجار، اقترح باشاغا في رسالة وجهها للمجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» السماح بفتح جزئي لبعض الأنشطة التجارية، مع إلزام أصحابها باتخاذ تدابير محددة للحماية من فيروس «كورونا» تصدر في نشرة رسمية، مع توقيع غرامات مالية وسحب التراخيص وإغلاقها حال مخالفتها.
الشكاوى ذاتها عبَّر عنها حاتم الماجري، المسؤول المالي في شركة للملابس الجاهزة، تملك ثلاثة فروع كبيرة بالعاصمة، بقوله: «اضطررنا إلى إغلاق فرع منطقة صلاح الدين بسبب الحرب، ثم أغلقنا الفرعين الآخرين بمنطقتي (السياحية والأندلس) مع بدء الحظر المفروض بسبب انتشار فيروس (كورونا). ومع بداية الحرب على العاصمة انخفضت مبيعاتنا للنصف، ثم جاء الحظر بسبب الفيروس فاضطررنا لإغلاق المحال، مع تحمل دفع إيجاراتها الشهرية، ورواتب العمال»، منتقداً حكومة «الوفاق» «لتجاهلها التجار وعدم مساعدتها لهم في أزمتهم».
وتابع الماجري موضحاً: «كانت البضائع متكدسة في المحال والموانئ، وفي ظل عدم وجود سيولة في البنوك، اضطر التجار لشراء الدولار من السوق الموازية، مع ارتفاع سعره من 4 إلى 6 دنانير. وفي ظل هذا الوضع المتجمد تتخوف شريحة كبيرة من الموظفين من إنفاق رواتبها، باستثناء شراء الضروريات، مثل الطعام».
في السياق ذاته، اعتبر عبد الرؤوف بيت المال، عميد بلدية طرابلس المركز، أن شكاوى التجار تشكل «مخاوف حقيقية؛ نظراً لصعوبة الأوضاع بدرجة كبيرة في العاصمة»، وقال إن «الأسعار ارتفعت بدرجة كبيرة، نتيجة ارتفاع سعر الدولار الذي تضاعف كثيراً خلال الشهر الجاري».
وأرجع بيت المال جانباً من أزمة التجار وعموم المواطنين إلى «التأخير في فتح الاعتمادات التجارية»، مبرزاً أن التأثير طال أيضاً صغار التجار؛ لكنه «استبعد وصولهم مرحلة الإفلاس، إلا من كان وضعه المالي ضعيفاً جداً من البداية». وأبدى بيت المال تفاؤلاً كبيراً بتحسن الأوضاع بالعاصمة خلال الأيام المقبلة، وتحديداً خلال فترة ما بعد عيد الفطر، متوقعاً صدور قرارات بفتح المحال التجارية، بما يخفف من المعاناة الاقتصادية لهؤلاء التجار وتعويض خسائرهم.
وأرجع أنور الصادي، أستاذ علم النفس المساعد بالأكاديمية الليبية بمصراتة، عدم رغبة الليبيين في إنفاق الأموال خلال الفترة الراهنة «لحالة الخوف والتوتر التي أصابت الجميع، في ظل دخول الحرب على العاصمة عامها الثاني، وانتشار فيروس (كورونا)، دون وجود أي مؤشر يبشر بتحسن الأوضاع في المستقبل القريب».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.