الحوثيون يمنعون الزيارات عن مقاتليهم مع تفشي «كورونا»

الحوثيون يمنعون الزيارات عن مقاتليهم مع تفشي «كورونا»
TT

الحوثيون يمنعون الزيارات عن مقاتليهم مع تفشي «كورونا»

الحوثيون يمنعون الزيارات عن مقاتليهم مع تفشي «كورونا»

مع تفشي فيروس «كورونا»، بشكل غير مسبوق، في العاصمة اليمنية صنعاء، وامتداده إلى بقية المحافظات الشمالية، أمر زعيم الميليشيات الحوثية عبد الملك الحوثي، بمنع الزيارات المعتادة عن مقاتليه، كما منع إرسال الوفود القبلية إلى الجبهات تحت مسمى قوافل الدعم، وذلك بالتزامن مع توارد أنباء بإصابة عدد من قادة الصف الأول في حكومة الانقلاب غير المعترف بها.
وفي حين أفادت الأنباء التي تداولها مغردون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، بإصابة وزير صحة الجماعة القيادي طه المتوكل، بالمرض، دعا قادة في الجماعة إلى إقالته، بسبب تكتمه على العدد الفعلي للإصابات في صنعاء.
وفي حين أفاد المغردون بوفاة عدد من أتباع الميليشيات بسبب فيروس «كورونا»، أشاروا إلى إصابة عضو مجلس حكم الجماعة والنائب في البرلمان سلطان السامعي، ووزير صحة الانقلاب طه المتوكل، وعزلهما في مستشفى خاص بصنعاء.
ووفق مصادر قريبة من الميليشيات، فإن جميع المشرفين أبلغوا بعدم إعطاء المقاتلين أي إجازات إلى حين صدور توجيهات أخرى بعد تفشي وباء كورونا في المناطق القريبة من الجبهات، بالذات في محافظتي عمران وصعدة، اللتين تعدان المخزن البشري الأول للمقاتلين، والأمر كذلك في جبهات حدود محافظة إب مع محافظة الضالع. من جهته، قال عضو المكتب التنفيذي للميليشيات قاسم الحمران، إنه تقرر الاكتفاء بإرسال الهدايا والقوافل إلى الجبهات مع منع الزيارات للمقاتلين، كما جرت العادة، حفاظاً على سلامتهم، ونزولاً عند رغبة القيادات العسكرية وتوجيهات القيادة، في إشارة إلى زعيم الميليشيات.
والهدايا والقوافل المقصودة هي المبالغ المالية والمواد العينية التي تجمعها الميليشيات من التجار بالقوة، ومن الأسر والقبائل التي تعتذر عن إرسال مقاتلين منها إلى الجبهات، وفي الغالب هي القبائل خارج إطار محافظات عمران وحجة وصعدة وذمار.
وفي السياق، أكد مديرا مستشفيين خاصين في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن وزير الصحة في حكومة الميليشيات وجه المستشفيات الخاصة لاستقبال حالات الإصابة والاشتباه بفيروس كورونا، بعد امتلاء المستشفيات الحكومية وتلك المملوكة لقيادات في الجماعة أو متعاطفة معها، فيما حذر هؤلاء من أن القرار هذا سيحول المستشفيات الخاصة التي ألزمت بتدبير وسائل السلامة للعاملين إلى بؤر لنشر الوباء، لأن المصابين سيستخدمون المبنى نفسه، وسيحتاجون لفحوصات مخبرية في المختبرات التي تقدم خدماتها لبقية المرضى.
وجاء في التوجيه الحوثي الذي اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن على المستشفيات الخاصة استقبال جميع الحالات المرضية، بما فيها حالات الإصابة الوبائية، وتقديم الخدمات التشخيصية والعلاجية، كما ألزم المستشفيات الخاصة باستقبال حالات الاشتباه بالإصابة بفيروس «كورونا»، وتوفير غرف عناية مركزة وأسرة خاصة، مع اتخاذ كافة التدابير الاحترازية وتوفير كل المستلزمات اللازمة للعاملين الصحيين الذين يستقبلون الحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس.
وهذه الخطوة أتت بعد وفاة ثاني مالك مستشفى خاص في صنعاء من أتباع ميليشيا الحوثي، وهو الدكتور أحمد الوجيه مالك «مستشفى آزال»، أحد أكبر المشافي الخاصة بصنعاء، بعد أسبوعين من إصابته، وبعد أقل من أسبوعين على وفاة الدكتور أحمد المؤيد، وهو من أنصار الميليشيات، ويمتلك «مستشفى المؤيد» المتخصص بأمراض المسالك البولية وتفشي الوباء داخل المستشفى، ما اضطر الميليشيا إلى إغلاقه، ووضع العاملين فيه رهن الحجر الصحي.
ورغم إصرار ميليشيا الحوثي على إخفاء الأعداد الحقيقة للإصابات والوفيات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، ذكرت مصادر في صنعاء أن عشرات الضحايا يدفنون يومياً، وأن من بين هؤلاء الشاعر المؤيد للحوثيين حسن الشرفي، وعبد الملك القارة مدير قسم شرطة هبرة، وستة من العاملين في مصلحة الضرائب هم عبد الغني الوتيري، ومحمد الشجاع‏، وخالد الحارثي‏، وعبد الرقيب بشر، ‏ومحمد قشوة‏، وزياد السباعي، ‏وهؤلاء توفوا تباعاً خلال أسبوع واحد.
‏إلى ذلك، طالب القيادي في ميليشيا الحوثي محمد المقالح، باستقالة وزير الصحة في الحكومة، التي لا يعترف بها أحد بسبب الفشل في التعامل مع تفشي وباء كورونا، وقال «لو تستقيل يا دكتور طه أفضل لك ولنا».
وأضاف المقالح، وهو عضو فيما يسمى «اللجنة الثورية العليا»، في تغريدة على «تويتر»: «المساجد المجاورة تقرأ القرآن من الصباح الباكر، ورائحة الموت تأتي من كل مكان، ومشاعر الحزن تملأ الأرجاء».
وفي إقرار صريح بعجزها عن الاستمرار في التغطية على أعداد الوفيات، أمر وزير الصحة في حكومة ميليشيا الحوثي، بتسليم جثث المتوفين نتيجة إصابتهم بفيروس كورونا لذويهم، والسماح بدفنهم بمراسيم «لائقة»، حسب قوله، مشترطاً التزام المشاركين في الدفن بالتباعد مسافة لا تقل عن متر ونصف المتر، وألا تكون هناك مصافحة لأهل المتوفى، وأن يلف الجثمان في كفن من ثلاث طبقات قماشية.
‏ويقول سكان في صنعاء تحديداً، إن الحوثيين يتعاملون مع المصابين بفيروس كورونا، أو المشتبه بإصابتهم، باعتبارهم مجرمين يتم اقتحام مساكنهم بقوات من الأمن والمخابرات، ويقادون إلى المستشفيات أو مراكز الحجز الطبي بطريقة مهينة.
‏‏وحسب هؤلاء، فإن السكان يخفون إصابتهم، ويتجنبون الذهاب إلى المستشفيات، لتجنب الإهانات واقتحام منازلهم، وإهانة أسرهم، وإن البعض يلجأ لاستخدام الوصفات الشعبية للتعافي من الوباء، أو انتظار الموت بدلاً عن الذهاب للمستشفيات، حيث أضحت العاصمة مكتظة بالمصابين، ويشيع سكانها بصمت العشرات يومياً.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.