نتنياهو يدفع بخطة لـ«تهويد» القدس... وأشتية يؤكد أنها «لن تنجح»

منظمات دولية تتحوّل إلى قناة اتصال بين الفلسطينيين والإسرائيليين

مصلون أمام كنيسة القيامة في القدس السبت الماضي (أ.ف.ب)
مصلون أمام كنيسة القيامة في القدس السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يدفع بخطة لـ«تهويد» القدس... وأشتية يؤكد أنها «لن تنجح»

مصلون أمام كنيسة القيامة في القدس السبت الماضي (أ.ف.ب)
مصلون أمام كنيسة القيامة في القدس السبت الماضي (أ.ف.ب)

طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بلورة خطة لتطوير وتعزيز مكانة القدس، في خطوة قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية إنها محاولة تهويد للمدينة لن تنجح.
ودعا نتنياهو، أمس، وزارة التراث والمالية إلى وضع خطة استثمارية بقيمة 200 مليون شيقل (أكثر من 52 مليون يورو)، من أجل إقامة «مشاريع إنمائية جديدة في القدس».
وقال نتنياهو خلال الاجتماع الأول للحكومة الجديدة: «أطلب من مدير عام مكتبي، كذلك التراث والمالية، إعداد خطة خاصة بقيمة 200 مليون شيقل لمواصلة الاستمرار في تطوير وتعزيز القدس». وجاء في تغريدة لاحقة لنتنياهو، أنه أصدر تعليماته ببلورة خطة لتعزيز مكانة القدس، وقال إنه «من المهم في زمن كورونا أن تبقى القدس على سلم أولوياتنا».
وأشاد نتنياهو بأهمية دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تطوير «العاصمة الأبدية وغير القابلة للتجزئة للشعب اليهودي». وقال: «نعمل على تطوير المدينة والترويج للمشاريع في مختلف المجالات. يجب أن أقول إن تطوير ووضع هذه المدينة مدين كثيراً إلى التصريح التاريخي لصديقنا، الرئيس دونالد ترامب، الذي اعترف بالقدس عاصمة إسرائيل، وبالتالي قام بتصحيح خطأ تاريخي».
وشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي على المصلحة في الاستثمار بالقدس «مصدر فرحنا الأكبر»، وأضاف: «العام المقبل في القدس جديد وصحي».
وفوراً، رد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، على تصريحات نتنياهو، قائلاً إن «برنامج تهويد القدس ليس بالأمر الجديد، وهذا التهويد نراه كل يوم، وهذا يضع العالم العربي في تحدٍ، ونعول على أهلنا في القدس الذين أسقطوا البوابات الإلكترونية، وصمودهم هو الأساس». وأضاف: «مهما قامت إسرائيل من تهويد لن تهود الإنسان الفلسطيني، كما جرى عقد عدة مؤتمرات لدعم القدس، ولكن لم تترجم بشكل جدي وعملي، آملاً أن تكون هناك وقفة عز عربية تجاه مدينة القدس، وتجاه كل ما يحاك من مؤامرات تجاه المدينة».
والتصعيد على جبهة القدس جاء في وقت ألغت فيه السلطة كل الاتفاقات مع إسرائيل، بما في ذلك الأمنية على خلفية قرار إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية. وقال أشتية أمس، إن المنظمات الدولية ستكون قناة الاتصال مع إسرائيل لشؤون الحياة اليومية في ظل قرار القيادة الفلسطينية وقف التنسيق الكامل معها. وذكر أشتية خلال مؤتمر صحفي عقده في رام الله، أن الحكومة سترسل المعدات والأدوية الطبية من الضفة الغربية إلى قطاع غزة من خلال منظمة الصحة العالمية. وأضاف: «أي شيء نحتاجه نرسله إلى قطاع غزة، إما من خلال اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو الأمم المتحدة، وسنبقى أوفياء للناس أينما كانوا وحلوا».
وحذر أشيتة مرة أخرى من خطورة مخطط الضم الإسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية، باعتباره «يقوض حل الدولتين وإمكانية إقامة دولة فلسطين وتهديداً جدياً وحقيقياً للأمن الإقليمي». وقال: «عندما نتحدث عن أننا في حل من كامل الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، معنى ذلك أن التزاماتنا في هذه الاتفاقيات لن نوفي بها، والسبب أن الجانب الإسرائيلي أخل بجميع الجوانب المتعلقة به فيها».
وأضاف أن إسرائيل «خرقت الاتفاق الأمني والاقتصادي والسياسي منذ زمن، ولم تلتزم بأي منها، وبالتالي نحن في حل من هذه الاتفاقيات، لكن هذا الأمر لا يعني بأي شكل من الأشكال أن نتنازل عن حقوقنا، بل سنبقى متمسكين بها». وتابع: «عندما نقول إننا في حل من الاتفاقيات، معنى ذلك أننا لا نتطلع إلى تسميات مناطق أ، أو ب، أو ج، فنحن فرضنا السيادة على كامل أراضينا».
وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت هناك ضغوطات تمارس على السلطة الوطنية بشأن قرار الرئيس حول الاتفاقيات مع إسرائيل، أكد أشتية وجود مثل هذه الضعوط، وقال إن عباس يتلقى العديد من الرسائل من دول العالم، لكن موقفنا واضح وهو أن تتراجع إسرائيل عن قرارها، لأن هذا القرار يجرف حل الدولتين، ويجرف إمكانية إقامة دولة فلسطين، إضافة لكونه خرقاً للقانون الدولي، وتهديداً للأمن الإقليمي وأمن المنطقة، مشيراً إلى أن العرب موحدون في هذا الموقف، وكذلك أوروبا.
وتابع: «الضغوطات لا تنتهي، ولكن الرئيس صامد وواقف بقوة من أجل الحق الوطني وحقوقنا الثابتة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.