حكومة لبنان تخاطب «النقد الدولي» بتعيينات مالية ومصرفية

تداول بالأسماء المرشّحة تمهيداً للتوافق عليها قبل الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء

TT
20

حكومة لبنان تخاطب «النقد الدولي» بتعيينات مالية ومصرفية

كشف مصدر وزاري أنه تقرّر إدراج بند التعيينات المالية والمصرفية على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي تُعقد الجمعة المقبل، إلا إذا امتدت الجلسة التشريعية المقررة الخميس المقبل لأكثر من يوم وعندها سيتم ترحيل الجلسة إلى الثلاثاء في الثاني من يونيو (حزيران) المقبل. وقال إنها ستشمل تعيين نواب حاكم مصرف لبنان ورئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف ومفوّض الحكومة لدى المصرف المركزي ورئيس وأعضاء هيئة الأسواق المالية وربما المدير العام لوزارة الاقتصاد الذي هو حكماً في المجلس المركزي لمصرف لبنان خلفاً لعليا عباس التي أحيلت إلى التقاعد لبلوغها السن القانونية.
وقال المصدر الوزاري إن التعيينات المالية والمصرفية نوقشت على هامش اللقاء الذي عُقد أخيراً بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة حسان دياب والذي خُصص للبحث في مشاريع واقتراحات القوانين المُدرجة على جدول أعمال الجلسة التشريعية.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أنه يجري حالياً التداول بعدد من الأسماء المرشّحة لشغل هذه المناصب، وصولاً إلى التوافق عليها قبل انعقاد مجلس الوزراء لئلا تتجدّد الخلافات التي كانت وراء تأجيل التعيينات هذه بذريعة أن الرئيس دياب ليس في وارد الموافقة على المحاصصة لاقتسامها بين القوى السياسية المشاركة في الحكومة على حساب عدم التقيّد بآلية التعيينات.
وأكدت المصادر نفسها أن دياب أراد أن يسجل موقفاً اعتراضياً لأن التعيينات في حال إقرارها ستشمل بعض المرشحين الذين جرى التداول بأسمائهم في السابق قبل أن يُصار إلى ترحيل بند التعيينات عن جدول أعمال مجلس الوزراء.
ولفتت إلى أنه لم يعد من مبرر لتأجيل إصدار التعيينات المالية والمصرفية التي من دونها لا يمكن إعادة تشكيل المجلس المركزي في مصرف لبنان الذي بات من الأولويات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي كشرط للشروع في تأمين انتظام النظام المصرفي والمالي.
وقالت المصادر نفسها إن التعيينات المالية والمصرفية التي ستصدر تأخذ في الاعتبار عدم التمديد أو التجديد للذين كانوا يشغلون هذه المناصب، وكشفت أن أبرز المرشحين لنواب حاكم مصرف لبنان هم المحامي وسيم منصوري المقرّب من حركة «أمل»، والأستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت وسيم شاهين المحسوب على الرئيس دياب، إضافة إلى المرشح الدرزي خالد عبد الصمد بعد أن تقرّر استبعاد اسم المرشّح فؤاد حسن الذي طرحه النائب طلال أرسلان لعدم توافر الشروط المطلوبة فيه لتولي هذا المنصب، إضافة إلى أن المرشح الأرمني قد حُسم وتُرك لحزب «الطاشناق» تسميته. لكن المصادر تُبدي مخاوفها من رد فعل تيار «المردة» في حال تقرّر أن يكون المرشحون المسيحيون من حصة «التيار الوطني الحر»، وترى أن هناك إمكانية لاسترضاء النائب السابق سليمان فرنجية سواء من خلال الأخذ برأيه بالنسبة إلى اسم المرشح لتولي منصب مفوض الحكومة لدى المركزي أو أن يكون البديل في التعيينات الخاصة بالأسواق المالية أو بلجنة الرقابة على المصارف باعتبار أن «التيار الوطني» يتمثل حكماً في المجلس المركزي بمدير عام وزارة المال آلان بيفاني المحسوب عليه. وبالنسبة إلى لجنة الرقابة على المصارف فإن المشاورات لم تتوصل حتى الساعة إلى حسم المرشّح السني لتولي رئاستها مع أن البعض يردد همساً أنه لا يستبعد إسنادها إلى نائب الحاكم السابق محمد بعاصيري بذريعة أن تعيينه لا يشكل خرقاً للتوافق على التمديد له لأنه لم يسبق أن شغل هذا المنصب. إلا أن تداول اسم بعاصيري ليس محسوماً وإن كان هناك من يروّج لاختياره من زاوية أنه يحظى بتأييد أممي، إضافة إلى أن تعيينه يسترضي الولايات المتحدة الأميركية لما لهذه اللجنة من دور في مكافحة تبييض الأموال وتجفيف الموارد المالية للمجموعات الإرهابية.
على صعيد آخر، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مواكبة للمفاوضات الجارية بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد أن الأخير وإن كان يبدي ارتياحه إلى انطلاقها، فإن أوساطاً مقربة منه تؤكد أنها ستمر في ثلاث مراحل متلازمة ولا يمكن فصل بعضها عن بعض.
وعدّدت هذه المراحل على النحو الآتي:
تتناول المرحلة الأولى التوافق بين الحكومة والصندوق على تشخيص الأسباب التي أدت إلى الانهيار الاقتصادي من جهة وعلى مطالبة الحكومة بحسم الخلاف القائم حول توحيد الأرقام لأن الخطة التي وضعتها الحكومة في حاجة إلى تعديل بدءاً من إعدادها لمقاربة رقمية موحّدة.
وبالنسبة إلى المرحلة الثانية فإنها تتعلق بالتفاهم على برنامج موحّد لتمويل الحكومة بقرض مالي لدعم خطة التعافي المالي التي اقترحتها، على أن يتوّج التفاهم بمرحلة ثالثة تقوم على إقرار آلية للتنفيذ شرط أن تخضع لرقابة مشددة من الصندوق.



مودي في زيارة ثالثة إلى السعودية... مساعٍ لتعزيز التعاون الاستراتيجي و«الشراكة الجوهرية»

رئيس وزراء الهند يصل إلى جدة في زيارة رسمية للسعودية
0 seconds of 28 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
00:28
00:28
 
TT
20

مودي في زيارة ثالثة إلى السعودية... مساعٍ لتعزيز التعاون الاستراتيجي و«الشراكة الجوهرية»

الأمير سعود بن مشعل بن عبد العزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة في استقبال رئيس وزراء الهند (واس)
الأمير سعود بن مشعل بن عبد العزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة في استقبال رئيس وزراء الهند (واس)

وصل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الثلاثاء، إلى محافظة جدة غرب السعودية، في «زيارة دولة» إلى السعودية، بدعوة من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في زيارة هي الثالثة لمودي خلال 9 سنوات إلى السعودية، بعد زيارتين سابقتين في عامَي 2016، و2019.

وفي وقتٍ مبكر من صباح اليوم، قال مودي في بيانٍ نشره مكتبه إن بلاده «تقدِّر بعمق، علاقاتها التاريخية العريقة مع السعودية» مشيراً إلى أنها اكتسبت «عمقاً استراتيجياً وزخماً متزايداً» في السنوات الأخيرة. وأضاف أن الرياض ونيودلهي طوّرتا معاً «شراكة جوهرية ومفيدة للطرفين»، تشمل مجالات الدفاع، والتجارة، والاستثمار، والطاقة، والعلاقات بين الشعبين، مشدّداً على أن الجانبين يجمعهما «اهتمام مشترك، والتزام بتعزيز السلام والازدهار والأمن والاستقرار في المنطقة».

وحول جدول زيارته التي أشار إلى أنها تستمرّ ليومين، لفت مودي إلى أنها ستكون الزيارة الأولى لمحافظة جدة الغربية، إلى جانب مشاركته في «الاجتماع الثاني لمجلس الشراكة الاستراتيجية»، مذكِّراً بالبناء على «الزيارة الرسمية الناجحة» التي قام بها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي إلى الهند في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، وكشف عن حرصه على التواصل مع «المجتمع الهندي النابض بالحياة في السعودية»، والذي يواصل العمل بوصفه «جسراً حيّاً بين بلدينا، ويسهم بشكل كبير في تعزيز الروابط الثقافية والإنسانية»، على حد وصفه.

وعقب وصوله، نشر رئيس الوزراء الهندي عبر حسابه على منصة «إكس» تغريدة قال فيها: «ستُعزز هذه الزيارة الصداقة بين الهند والمملكة العربية السعودية. أتطلع للمشاركة في مختلف البرامج اليوم وغداً».

من زيارة سابقة لولي العهد السعودي إلى الهند ويظهر رئيس الوزراء الهندي في استقبال الأمير محمد بن سلمان (واس)
من زيارة سابقة لولي العهد السعودي إلى الهند ويظهر رئيس الوزراء الهندي في استقبال الأمير محمد بن سلمان (واس)

وعنون متحدث الحكومة الهندية للزيارة بـ«تعزيز علاقاتنا التاريخية الراسخة»، وبيَّن أن رئيس الوزراء الهندي «استُقبل بحفاوة استقبالاً رسمياً عند وصوله إلى محافظة جدة الساحلية من قبل الأمير سعود بن مشعل بن عبد العزيز، نائب أمير منطقة مكة المكرمة، وعدد من المسؤولين السعوديين، حيث أُطلقت 21 طلقة تحيةً له».

8 عقود من العلاقات

وفي التفاصيل؛ يعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى أكثر من 7 عقود، حيث تكمل في العام الحالي الـ78 عاماً من عمرها، وتكشف المصادر التاريخية عن أنها أُقيمت بُعيد حصول الهند على استقلالها عام 1947، وزار الملك فيصل - ولي العهد آنذاك - الهند في مايو (أيار) عام 1955 تمهيداً لتطور العلاقات التي أخذت منحى تصاعديّاً بزيارة الملك سعود للهند في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته، ثم زار رئيس الوزراء الهندي جواهر نهرو السعودية في العام التالي، ثم زيارة رسمية أخرى لرئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي إلى السعودية عام 1982، وصولاً إلى الزيارة التاريخية التي قام بها الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الهند عام 2006 وأفضت إلى توقيع «إعلان دلهي»، الذي منح العلاقاتِ الثنائيةَ زخماً جديداً.

حوارات سياسية

وأظهر مستوى تبادل الزيارات الرسمية بين قيادتي وحكومتي البلدين، حرص الجانبين على تمتين العلاقات ورفع مستوى التشاور والتنسيق، وتأتي هذه الزيارة لتكون الزيارة الخامسة بين قيادتَي البلدين خلال 9 سنوات، ومن أبرز تلك الزيارات، في الـ9 سنوات الأخيرة، زيارتا ولي العهد السعودي إلى الهند في عامَي 2019، و2023، علاوةً على زيارتَي رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى السعودية عامَي 2016، و2019.

وبمعزل عن الزيارة السابقة لولي العهد السعودي إلى الهند في عام 2023، دأبت السعودية والهند على إجراء حواراتٍ سياسية متعددة على غرار «إعلان الرياض» الذي تم توقيعه في عام 2010 خلال زيارة رئيس الوزراء آنذاك مانموهان سينغ للسعودية، التي كانت - آنذاك - الزيارة الرسمية الأولى لأول رئيس وزراء هندي منذ 28 عاماً إلى السعودية، ونصّ الإعلان على التعاون في مجال تبادل المعلومات حول الإرهاب، كما عزَّزت زيارة رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي في شهر أبريل (نيسان) 2016 إلى السعودية هذه الشراكة المتنامية.

وفي فبراير (شباط) 2014 أجرى الملك سلمان بن عبد العزيز - ولي العهد آنذاك - زيارةً رسمية إلى الهند، وقَّع خلالها البلدان عدداً من الاتفاقات، من ضمنها اتفاقية للتعاون العسكري بين الجانبين.

الملك سلمان بن عبد العزيز - ولي العهد آنذاك - يشهد مع نائب الرئيس الهندي توقيع اتفاقية التعاون العسكري بين البلدين خلال زيارته إلى نيودلهي في فبراير 2014 (واس)
الملك سلمان بن عبد العزيز - ولي العهد آنذاك - يشهد مع نائب الرئيس الهندي توقيع اتفاقية التعاون العسكري بين البلدين خلال زيارته إلى نيودلهي في فبراير 2014 (واس)

وخلال زيارة مودي الأولى إلى السعودية في عام 2016، اتفق البلدان على السعي إلى تعزيز التعاون في كل المجالات تقريباً، سواء في الاقتصاد، أو التجارة، أو التكنولوجيا، أو الأمن، أو تقاسم المعلومات الاستخباراتية، أو محاربة الإرهاب، إلى جانب رفع مستوى التنسيق والتعاون خلال زيارته الثانية في عام 2019.

في حين أجرى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي زيارةً رسميةً إلى الهند في فبراير 2019، التقى خلالها الرئيس الهندي ورئيس الوزراء، لتتوَّج الزيارة باتفاق على تشكيل «مجلس الشراكة الاستراتيجية» وكشف الجانبان حينها عن توقيع عدد من اتفاقات التعاون في مجالات عدة، منها العسكرية والنفطية والأمنية، وأجرى الزعيمان مباحثات اتّسمت بروح من «الصداقة القوية التي تربط البلدين».

وأكّد مراقبون لـ«الشرق الأوسط» أن الرياض ونيودلهي ترتبطان بعلاقات تاريخية وطيدة، عملتا على تطويرها للوصول لمستوى الشراكة الاستراتيجية في مختلف المجالات السياسية، والاقتصادية، والتجارية. وأضافوا أن زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى السعودية، تعكس تقدير الحكومة الهندية لولي العهد السعودي ومكانة المملكة السياسية والاقتصادية، وثقلها، ودورها المحوري على المستوى الدولي، وحرص قيادات الدول الكبرى على التشاور مع القيادة السعودية حول مستجدات الأحداث إقليمياً ودولياً.

تزامن الزيارة مع تطوّرات المنطقة

ولفت المحلل السياسي أحمد آل إبراهيم، إلى أن أهمية الزيارة ولقاء القمة المتوقَّع بين ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الهندي «تكمن في تزامنها مع ما تشهده المنطقة من تطورات سياسية وعسكرية»، مما يستوجب التشاور وتنسيق الجهود بين قيادتَي البلدين، بما يعزز الأمن والاستقرار الإقليميَّين والدوليَّين، لا سيما ما يتعلق بأمن التجارة الدولية والطاقة، وغيرهما من القضايا المشتركة.

وأشارت وسائل إعلام من الجانبين، إلى أن زيارة ولي العهد السعودي إلى الهند في عام 2019، شكَّلت نقطة تحول في العلاقات بين البلدين، بالنظر إلى إعلان تأسيس «مجلس الشراكة الاستراتيجية الهندي - السعودي» خلال الزيارة، برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء الهندي، وبتمثيل وزاري واسع يغطي مجالات التعاون كافة بين البلدين، حيث أسهم تأسيس المجلس وانعقاد دورته الأولى في الهند، على هامش قمة «مجموعة العشرين» في عام 2023، في تطوير التعاون في شتى المجالات، مسلّطاً الضوء على جهود البلدين معاً نحو مواءمة «رؤية السعودية 2030» وبرامجها التنفيذية، مع رؤية الهند المتقدمة 2047، ومبادراتها الرائدة: «اصنع في الهند»، و«ابدأ من الهند»، و«المدن الذكية»، و«الهند النظيفة»، و«الهند الرقمية».

وخلال السنوات الأخيرة، لم يُخفِ البلدان رغبتهما ليس في تمتين العلاقات الثنائية فحسب، بل وتعميقها أيضاً، مدفوعةً بتاريخ العلاقات الثنائية الذي يمتد إلى عقود بين أكبر ديمقراطية في العالم وأكبر اقتصاد عربي وشرق أوسطي، والنمو الاقتصادي المتسارع، والعمل الثنائي في إطار «مجموعة العشرين» وغير ذلك من التجمعات الدولية متعددة الأطراف، فضلاً عن التنسيق المشترك في «مجلس الشراكة الاستراتيجية الهندي - السعودي» الذي يُعنى بكثير من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية.

ولا يخفي رئيس الوزراء الهندي، مستوى العلاقة الشخصية المتميّزة بينه وبين ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، إلى جانب إعجابه بالنهضة التنموية التي يقودها الأمير محمد بن سلمان في بلاده. وحول ذلك، لفت مودي في وقتٍ سابق إلى أنه في كل مرة التقى فيها ولي العهد، «ترك الأمير محمد بن سلمان انطباعاً عميقاً لديّ حيث إن رؤاه ورؤيته الثاقبة، وشغفه بتحقيق تطلعات شعبه، كلها أمورٌ رائعة حقاً».