الانتخابات الرئاسية التونسية تتجه نحو دورة ثانية

قائد السبسي يتهم المرزوقي بأنه مرشح الإسلاميين والسلفيين الجهاديين

موظفون للجنة الانتخابات أثناء عد الأصوات لنتائج الانتخابات في أحد مراكز الاقتراع في العاصمة التونسية أمس (أ.ب)
موظفون للجنة الانتخابات أثناء عد الأصوات لنتائج الانتخابات في أحد مراكز الاقتراع في العاصمة التونسية أمس (أ.ب)
TT

الانتخابات الرئاسية التونسية تتجه نحو دورة ثانية

موظفون للجنة الانتخابات أثناء عد الأصوات لنتائج الانتخابات في أحد مراكز الاقتراع في العاصمة التونسية أمس (أ.ب)
موظفون للجنة الانتخابات أثناء عد الأصوات لنتائج الانتخابات في أحد مراكز الاقتراع في العاصمة التونسية أمس (أ.ب)

لم تفاجئ نتائج الانتخابات الرئاسية التونسية الأولية المتابعين، فمنذ أسبوع تقريبا والجدل قائم في تونس حول الاستقطاب الثنائي للمرشحين، والذي حصر بين رئيس الوزراء الأسبق الباجي قائد السبسي، ورئيس تونس الحالي المنصف المرزوقي، ورجحت معظم استطلاعات الرأي في تونس أن تكون المنافسة في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية بين قائد السبسي مرشح حركة نداء تونس والمرزوقي المرشح المستقل المدعوم من عدة قوى سياسية. وأكدت تلك التوقعات تصدرهما الترتيب من بين 22 مرشحا للسباق الرئاسي تقدموا للمنافسة على كرسي قصر قرطاج بعد انسحاب 5 مرشحين مبكرا.
وتناوب مديرا الحملات الانتخابية الخاصة بقائد السبسي والمرزوقي على عقد المؤتمرات الصحافية مباشرة بعد الانتهاء من عمليات التصويت ليؤكد كل واحد منهما على فوز مرشحه من الدور الأول وحسم المنافسة من دون الحاجة إلى دور انتخابي ثانٍ، وهو ما لم تؤكده التوقعات المعلنة من قبل عدة مؤسسات استطلاع للرأي.
وقال محسن مرزوق مدير حملة قائد السبسي في مؤتمر صحافي عقده الليلة قبل الماضية إن مرشحه فاز بنحو 50 في المائة من الأصوات، وهو نفس التصريح تقريبا لعدنان منصر مدير حملة المرزوقي الذي أكد في مؤتمر صحافي مماثل فوز مرشحه بفارق نقطتين عن منافسه المباشر.
وفي هذا السياق أكدت 3 مؤسسات تونسية لاستطلاع الرأي طابع المنافسة الشديدة بين قائد السبسي والمرزوقي، حيث ذكرت مؤسسة «سيكما كونساي» أن قائد السبسي حصل على 42,7 في المائة من أصوات الناخبين التونسيين، بينما صوّت لفائدة المرزوقي 32,6 في المائة. وتمكن 5 مرشحين فقط من بين مجموع المرشحين من الحصول على نسبة 95 في المائة من الأصوات. وتضم القائمة حمة الهمامي (زعيم تحالف الجبهة الشعبية) وسليم الرياحي (مرشح حزب الاتحاد الوطني الحر) والهاشمي الحامدي (مرشح حزب تيار المحبة).
وعلى نفس الوتيرة ولكن باختلاف طفيف في التوقعات، أشارت مؤسسة «امرود» للاستطلاعات إلى أن قائد السبسي حصل على 44,2 في المائة من الأصوات بينما حل المرزوقي ثانيا بـ31,2 في المائة، وتمكن الهمامي من الحصول على 10,9 في المائة من أصوات الناخبين.
أما توقعات المجمع العالمي للدراسات فإنها أشارت كذلك إلى المنافسة المفتوحة بين قائد السبسي والمرزوقي لكنها قدمت أرقاما مختلفة ومنحت قائد السبسي المرتبة الأولى بـ47,8 في المائة بينما حل المرزوقي ثانيا بـ26,9 في المائة، وحصل حمة الهمامي على المرتبة الثالثة بـ10 المائة.
وإلى يوم أمس نشرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الجزئية لبعض الولايات (المحافظات) المتعقلة بالانتخابات الرئاسية في انتظار الإعلان النهائي عن النتائج في غصون 48 ساعة بعد إغلاق مكاتب الاقتراع، وهو ما يعني الإعلان عن النتائج اليوم الثلاثاء.
وتفتح هذه التوقعات أبواب المنافسة من جديد بين قائد السبسي والمرزوقي في دور ثانٍ للانتخابات الرئاسية من المنتظر تنظيمه يوم 28 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وذلك وفق روزنامة المواعيد التي أعلنت عنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
من جهته، اتهم قائد السبسي الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي منافسه الرئيسي في الانتخابات، بأنه مرشح الإسلاميين و«السلفيين الجهاديين».
وقال قائد السبسي (87 عاما) في تصريح الاثنين لإذاعة «آر إم سي» الفرنسية: «من صوتوا للمرزوقي هم الإسلاميون الذين رتبوا ليكونوا معه، يعني إطارات (حزب حركة) النهضة (...) والسلفيين الجهاديين (...) ورابطات حماية الثورة وكلها جهات عنيفة».
ورابطات حماية الثورة، مجموعات محسوبة على الإسلاميين، حلها القضاء التونسي في مايو (أيار) الماضي لضلوعها في أعمال عنف استهدفت اجتماعات ونشطاء أحزاب معارضة علمانية. وأصرّ قائد السبسي على أن «كل الإسلاميين اصطفوا وراءه (المرزوقي)» في انتخابات الأحد.
وتوقع قائد السبسي أن تونس ستنقسم خلال الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية إلى «شقين اثنين: الإسلاميين من ناحية وكل الديمقراطيين وغير الإسلاميين من ناحية أخرى».
وبحسب القانون الانتخابي، يتعين على الهيئة الانتخابية إعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية في أجل أقصاه 3 أيام بعد إغلاق آخر مكتب للاقتراع أي في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. لكن الهيئة أعلنت أنها «ستسعى لاختصار هذا الأجل إلى يومين».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.