أزمات الائتلاف تهدد وحدته

بين «قرار البحرة قانونيّ».. و«عدم أحقية الرئيس نقض قرارات الهيئة العامة وهي منعقدة»

طفل يطل من نافذة منزله بعد ضربات جوية للتحالف على مدينة الرقة أمس (رويترز)
طفل يطل من نافذة منزله بعد ضربات جوية للتحالف على مدينة الرقة أمس (رويترز)
TT

أزمات الائتلاف تهدد وحدته

طفل يطل من نافذة منزله بعد ضربات جوية للتحالف على مدينة الرقة أمس (رويترز)
طفل يطل من نافذة منزله بعد ضربات جوية للتحالف على مدينة الرقة أمس (رويترز)

تفاقمت أزمة الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، إثر الخلافات التي «باتت تهدد وحدة الائتلاف»، كما قال أعضاء فيه لـ«الشرق الأوسط»، وانتهت اجتماعات الهيئة العامة للائتلاف مساء الأحد، بخلافات حادة بين مكوناته على خلفية التصويت للحكومة المؤقتة التي يرأسها أحمد طعمة؛ إذ أصدر رئيس الائتلاف هادي البحرة، قرارا ألغى بموجبه نتائج تصويت حصلت في وقت متأخر من ليل الأحد - الاثنين، على التشكيلة الحكومية التي قدمها طعمة لأعضاء الائتلاف، محددا يوم 3 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، موعدا جديدا لجلسة طارئة للهيئة العامة.
ونص قرار البحرة على إحالة الطعون المقدمة من بعض أعضاء الائتلاف حول انتخابات رئيس الحكومة إلى لجنة تحقيق مستقلة، و«إلغاء جميع القرارات المتخذة من قبل بعض أعضاء الائتلاف خارج نطاق الشرعية وخلافا للنظام الأساسي والجلسات المعتمدة في الائتلاف، وإلغاء كافة آثارها ونتائجها الإدارية والقانونية بين تاريخ 21 - 22 - 23 - 24 من الشهر الحالي».
وكان من المقرر أن يعقد البحرة مؤتمرا صحافيا لإيضاح موقفه، في مقابل اجتماع آخر يعقده طعمة والأمين العام للائتلاف، نصر الحريري، قبل أن يُلغى المؤتمران، ضمن جهود تُبذل لمحاصرة الخلافات وعدم نشرها في الإعلام.
وأشارت مصادر الائتلاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «مساع حثيثة تُبذل لحلحلة الخلافات» التي أدت إلى مقاطعة «الكتلة الديمقراطية» التي ينتمي إليها البحرة، جلسات الاجتماع.
وأعرب رئيس الكتلة، فايز سارة، عن اعتقاده أن ما حصل خلال اليومين الماضيين «يمثل جرس إنذار لكل القوى والشخصيات بأنه إذا لم يتحقق توجه جدي ومسؤول لمعالجة مشاكل الائتلاف باعتباره ممثل الشعب السوري، فإن عقد الائتلاف سينفرط»، مطالبا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «بمعالجة القضايا بمسؤولية عكس ما اتبع في السابق الذي جعل الائتلاف عاجزا ولا يقوم بمسؤولياته».
وأكد سارة أن أفق الحل يبدأ من «الالتزام بالنصوص المقرة في قانون الائتلاف، التي تتطرق إلى طبيعة التكوين الداخلي وآليات لاتخذ القرار والاتفاق على حل المشاكل»، مشددا على أن الالتزام بها «من القضايا الأساسية»، مشيرا إلى أن «المواقف تفصيلية، لأننا نمتلك منهجية وطريقة للتوافق على حل المشاكل»، وأضاف: «إذا لم يجرِ الالتزام بتلك الأسس، فإن ذلك سيهدد التحالفات، كما سيهدد الائتلاف»، مشددا على ضرورة أن «يعد المختلفون من مكونات الائتلاف مشاريع لحل القضايا استنادا إلى نظام الائتلاف».
ورأى سارة أن قرار البحرة «قانوني»، وذلك «كونه استند في البيان إلى مواد قانونية موجودة في النظام الأساسي المتعلق بمسار عقد الجلسات ومسؤولياته، وهي جزء من مهامه»، لافتا إلى أن «كل ما قاله البحرة في بيانه يندرج ضمن إطار المُقَرّ والمتوافق عليه من قبل الأعضاء في الأساس، وليس جديدا».
وبرغم تأكيد سارة أن قرار البحرة يندرج ضمن الصلاحيات التي أعطيت له، نفى عضو الائتلاف أحمد رمضان أن يكون القرار قانونيا، قائلا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللجنة القانونية في الائتلاف أكدت أن القرار غير قانوني؛ إذ لا يحق لشخص الرئيس نقض قرارات الهيئة العامة وهي منعقدة، لأنها سيدة نفسها»، مشيرا إلى أنه «ليس هناك في النظام الأساسي أي مادة تخول للرئيس أو هيئة الرئاسة مجتمعة أن تنقض أيا من قرارات الهيئة العامة مجتمعة».
وكان البحرة، قرر إلغاء كافة القرارات التي اتخذها «بعض أعضاء الائتلاف، خارج الشرعية، وخلافا للنظام الأساسي»، في الاجتماع الحالي للهيئة العامة، وإحالة الطعون المتعلقة بنتائج انتخابات رئيس الحكومة المؤقتة، التي تقدم بها بعض أعضاء الهيئة العامة، إلى لجنة تحقيق مستقلة.
وأرجع البحرة قراره إلى الإهمال وعدم التعامل بجدية مع الطعون «المقدمة بشكل أصولي من قبل بعض أعضاء الهيئة العامة»، وأضاف أنه «رغم محاولاتنا المتكررة، إضافة إلى تعاون الكثير من أعضاء الائتلاف الآخرين، لم نتمكن من الوصول إلى معالجة الأمر، بما يخدم وحدة الائتلاف وتماسكه».
وتقول مصادر في الائتلاف، إن الاجتماعات التي عقدت على مدى 3 أيام: «لم تشهد انعقاد جلسة حقيقية يحضرها كل الأعضاء الموجودين في إسطنبول البالغ عددهم مائة عضو، بسبب وجود مناكفات بدأت قبل شهر في آخر جلسة عقدت قبل هذه الجولة، وتم خلالها اختيار طعمة لتشكيل أركان حكومته»، عندها: «قدمت بعض شخصيات الائتلاف طعونا ضد كتلة الأركان المؤلفة من 15 عضوا، وحضرت الاجتماع ورجحت أصوات طعمة»، وهي أصوات «ينظر إليها على أنها غير قانونية، لأن المجلس العسكري كان انحل قبل أن تنقض اللجنة القانونية في الائتلاف القرار»، ودخل الأعضاء أنفسهم إلى التصويت في جلسة الأحد لترجيح التصويت لصالح التشكيلة الحكومية، غير أن وحدة الائتلاف التي تحدث عنها البحرة اهتزت إثر الخلافات.
ولا تزال المباحثات جارية بين الأطراف لرأب الصدع الذي قد يهدد مصير أبرز جسم سياسي معارض الآن على الساحة السورية.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.