تحذير أممي من خروج الوضع عن السيطرة في ليبيا

بعد دخول «الوفاق» قاعدة الوطية الاستراتيجية

TT

تحذير أممي من خروج الوضع عن السيطرة في ليبيا

رأت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «أنسميل»، ستيفاني وليامز، أن ليبيا باتت على مفترق، محذرة من أن «الحرب ستشتد ضراوة وتتسع وتتعمق». مطالبة المجتمع الدولي بـ«منع خروج ليبيا عن نطاق السيطرة».
وفي جلسة مفتوحة لمجلس الأمن عبر الفيديو مساء أول من أمس، اعتبرت وليامز أن هناك «أعماقا جديدة من العنف وانعدام الرحمة والإفلات من العقاب». وقالت إنه «على رغم مناشدة الأمين العام (أنطونيو غوتيريش) بالوقف الفوري لإطلاق النار من أجل السماح لليبيين بالاستجابة للتهديد المشترك لـ(كوفيد 19)، إلا أنه لم يكن هناك هدوء في القتال» بين قوات حكومة «الوفاق» الوطني، برئاسة فايز السراج، و«الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشيرة خليفة حفتر، بل «تصاعد القتال مع زيادة غير مسبوقة في إطلاق النار غير المباشر في المناطق المدنية، وتزايد معاناة المدنيين». وأضافت وليامز أنه «نتيجة لتزايد الأعمال العدائية المسلحة، إلى جانب التأثير الاجتماعي والاقتصادي الوشيك لـ(كوفيد 19)... يحتاج مليون شخص الآن إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية»، موضحة أن ذلك «يشمل 400 ألف ليبي من النازحين، فضلاً عن 654 ألف مهاجر ولاجئ وطالب لجوء». وأكدت أن ملايين الليبيين، بينهم مليونان من سكان طرابلس، «يعانون بشكل غير طبيعي ومرعب، في ظل قصف متواصل تقريباً وانقطاع متكرر للمياه والكهرباء».
وأبلغت المسؤولة الأممية أعضاء مجلس الأمن أنه «لا نزال نشهد حشداً عسكرياً ينذر بالخطر نتيجة إرسال الداعمين الأجانب للأسلحة المتطورة والقاتلة بشكل متزايد، ناهيك عن تجنيد المزيد من المرتزقة في طرفي النزاع». وأفادت بأنه بعد استعادة قوات حكومة «الوفاق» ست مدن على الطريق الساحلية غرب طرابلس، تسعى إلى دحر قوات «الجيش الوطني» في جنوب طرابلس عبر «تعطيل خطوط الإمداد الخاصة بها من مدينة ترهونة القريبة»، معتبرة أن «هذه النجاحات شجعت حكومة الوفاق على التردد في وقف النشاطات العسكرية» التي أدت في مايو (أيار) الجاري إلى السيطرة على قاعدة الوطية الجوية. وحذرت من أن السيطرة على هذه القاعدة الاستراتيجية «يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التصعيد، مما يحول الصراع الليبي حرباً بالوكالة».
وإذ لفتت إلى احتدام القتال في طرابلس، وبخاصة في محيط مطار معيتيقة، طالبت بوقف فوري للهجمات ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية، معبرة عن «القلق من هجمات الطائرات من دون طيار على مدار الشهرين الماضيين على المركبات، التي تسير بين مزدة وترهونة، وكذلك في بني وليد مما تسبب بأضرار جانبية للمركبات التي تحمل مواد غير متعلقة بالقتال، مثل الطعام والبضائع والوقود». وكررت أن الهجمات التي تستهدف المدنيين «تنتهك القانون الإنساني الدولي وقد تصل إلى حد جرائم الحرب». وقالت إنه «يجب تقديم المذنبين بارتكاب جرائم بموجب القانون الدولي إلى العدالة».
وتابعت وليامز: «يضاعف كوفيد 19 انعدام الأمن الحالي... ومنظومة الأمم المتحدة تعمل بجد لمساعدة السلطات الوطنية، بما في ذلك من خلال توفير الإمدادات والمعدات والتدريب» بغية التصدي للوباء. وحذرت من أن «هناك خطراً من اتساع دائرة العنف في جنوب ليبيا حيث يزداد الصراع حدة»، موضحة أنه «في مدينة سبها الجنوبية، جرى تعليق المجلس البلدي المنتخب حديثاً، بعدما أدلى ببيان داعم للجيش الوطني (...) ما أدى بوزارة الحكم المحلي في حكومة الوفاق الى استبداله بواسطة لجنة توجيهية معينة». وشجعت وليامز الحكومة على «الدخول في حوار بناء مع المجلس المنتخب من أجل حماية العمليات الديمقراطية في ليبيا». وعبرت عن اعتقادها بأننا «وصلنا إلى نقطة تحول أخرى في الصراع» لأن «ما نشهده من تدفق هائل للأسلحة والمعدات والمرتزقة إلى الجانبين، فإن الاستنتاج الوحيد الذي يمكننا استخلاصه هو أن هذه الحرب ستشتد وتتسع وتتعمق مع عواقب مدمرة للشعب الليبي». وختمت أنه «يجب ألا ندع ليبيا تفلت من أيدينا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.