المعارضة التونسية تطالب بالتخلص من {حكم النهضة»

اتهمتها بـ«تكبيل المشهد السياسي»

TT

المعارضة التونسية تطالب بالتخلص من {حكم النهضة»

دعت قيادات سياسية تونسية معارضة إلى التخلص من نظام الحكم الحالي، الذي تتزعمه حركة النهضة (إسلامية)، وتقويض معظم أركان المنظومة السياسية الحالية، وإرساء دعائم «الجمهورية الثالثة» التي تقطع مع المنظومة، التي تصدرت المشهد السياسي منذ ثورة 2011.
وتتقاطع هذه الدعوة مع الاتهامات الموجهة لعدد من الأحزاب اليسارية، والأحزاب التي خسرت انتخابات 2019 بالتحريض على مؤسسات الدولة. لكنها اعتمدت على تشخيص الواقع السياسي الحالي، ودعت إلى إصلاحات عاجلة لتجاوز حالة الشلل السياسي والاجتماعي.
وفيما انتقد محسن مرزوق، رئيس حزب «حركة مشروع تونس» (يساري معارض) منظومة الحكم الحالي، اتهم بن فرج، القيادي السابق في حركة «تحيا تونس»، حركة النهضة بالسيطرة على الحياة السياسية دون أن تُخرج البلاد من المأزق السياسي، وقال إنها (الحركة) «تتهم كل من يريد الخروج عن المنظومة السياسية التي أحكمت إغلاقها، بمحاولة الانقلاب والإقصاء ومعاداة الثورة، حتى إنها وجدت نفسها وحيدة في مواجهة مطالب التغيير السياسي والاجتماعي». ودعا مرزوق وبن فرج رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى عقد مؤتمر للحوار الوطني، بهدف إرساء نظام الجمهورية الثالثة، وطرح عقد اجتماعي جديد.
في السياق ذاته، قال مرزوق إن النظام السياسي والانتخابي الحالي يشبه «الحبل الذي يقيد البلاد وطاقاتها»، معتبراً أن تغيير النظام السياسي برمته «يمثل الطريقة الأفضل لتجاوز فشل المنظومة السياسية»، وأن كل الحكومات المتعاقبة قامت على المحاصصة والتحالف مع العدو لتشكيل الحكومة، على حد تعبيره.
وتابع مرزوق هجومه على منظومة الحكم الحالي بقوله إن النظام السياسي «أصبح جثة في حالة تعفن، ونظام الأحزاب لم يعد يخدم الدولة، والحكومة مسكينة لا حول لها ولا قوة».
في غضون ذلك، اعتبر أنور بن الشاهد، قيادي حزب التيار الديمقراطي المشارك في الائتلاف الحكومي، أن أي تحوير وزاري في تونس «يجب أن يكون مبنياً على تقييم نقاط قوة الحكومة ونقاط ضعفها»، معتبراً أن فترة 90 يوماً لا تسمح بتقييم أدائها، خصوصاً في ظل وباء كورونا.
وبخصوص وثيقة «عهد التضامن والاستقرار»، المعروضة على رؤساء الأحزاب السياسية، أكد بن الشاهد أنها تؤسس لعلاقة جديدة بين الأحزاب والائتلاف الحاكم، بهدف الخروج من «المشهد السياسي المشوه»، على حد تعبيره، مشدداً على أن حزب التيار الديمقراطي لا يفكر في تغيير النظام لإيمانه بأنه لم يحصل إلى اليوم أي تقييم سليم لمدى نجاعة النظام القائم.
على صعيد متصل، أكد الصحبي بن فرج، القيادي السابق في حركة «تحيا تونس»، أن منظومة الحكم الحالي «أفرزت 10 حكومات فاشلة، كلياً أو جزئياً، لأنها اعتمدت على مبدأ المحاصصة والإقطاعية في توزيع المناصب الحكومية، وكان وزراؤها حريصين على مناصبهم أكثر من حرصهم على خدمة الصالح العام»، معتبراً أن الحل الأنسب لهذه الدورة المفرغة «تقويض منظومة الحكم الحالية، وإرساء دعائم الجمهورية الثالثة»، التي تستند أساساً على تعديل دستور 2014، والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ومراجعة قانون الأحزاب والجمعيات والقانون الانتخابي، والمراسيم المنظمة للإعلام، وإرساء المحكمة الدستورية ومختلف الهيئات الدستورية.
وأكد بن فرج أن الواقع السياسي «أفرز ثلاثة مجالس برلمانية فاشلة»، مؤكداً أن هذه المنظومة تدار من قبل منظومات حزبية «إما فاشلة، وإما أنها عاجزة عن المنافسة، وأغلبها مرتبط بمراكز القوى والمال والنفوذ في الداخل والخارج».
واستبعد بن فرج أن تحقق أي حكومة، مهما كانت كفاءة وزرائها ومهما كانت تركيبتها، أي نتائج إيجابية لأنها قيدت المشهد السياسي بقانون انتخابي يسمح للأحزاب، التي تدخل الحياة السياسية، بنظام البقايا من الحكم والسيطرة على المناصب الحكومية.
واعتبر أن الجمهورية الثالثة «يمكن أن تمثل حلاً للواقع السياسي المتأزم في تونس»، ودعا إلى إقرار عدة إصلاحات مرافقة، أهمها التسجيل الآلي لجميع التونسيين في القوائم الانتخابية، والاقتراع على الأفراد على دورتين لإفراز أغلبية قادرة على الحكم، وتمكين رئيس الجمهورية المنتخب من سلطات واسعة، مع انتخاب برلمان فاعل ضمن نظام الغرفتين المتخصصتين، وبعدد قليل من النواب، وتشكيل حكومة فعلية مطلقة اليدين، وليست واجهة للأحزاب السياسية المشتتة.
وحذر بن فرج من مخاطر انفلات اجتماعي في حال استمرار الواقع السياسي على هو عليه حالياً، واندلاع الفوضى في الشارع، قائلاً إن تونس تعيش في أزمة خانقة وفي ظل آفاق مسدودة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.