«الوطني الليبي» : سنسلم «المرتزقة» إلى دولهم بعد التحقيق معهم

TT

«الوطني الليبي» : سنسلم «المرتزقة» إلى دولهم بعد التحقيق معهم

قال مدير إدارة التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني» الليبي العميد خالد المحجوب، إن الجيش «يتحفظ على أعداد كبيرة من (المرتزقة) من جنسيات مختلفة تم القبض عليهم بمحاور طرابلس، خلال قتالهم مع الميليشيات المسلحة بالغرب الليبي». وأضاف المحجوب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار تسليم هؤلاء المقاتلين المأجورين إلى دولهم لن يتم إلاّ بعد انتهاء التحقيقات الجارية معهم حول جنسياتهم الأصلية، وتاريخ توافدهم إلى ليبيا، وشبكات التهريب التي جلبتهم، ومواقع ومراكز تجنيدهم وتدريبهم»، متابعاً: «كل هذه المعلومات التي سنحصل عليها من (المرتزقة) تفيدنا كما تفيد كل دول المنطقة، نحن كمؤسسة عسكرية قلنا في السابق، ونؤكد دائماً أننا لن نتردد في تقديم أي جهد يخدم محاربة الإرهاب الذي يستهدف دول الجوار الليبي، ومنها بالتأكيد الشقيقة مصر».
وأوضح أن «عملية تسليم الجيش للعناصر المطلوبة من قبل أي دولة لا يتم الكشف عنها في وسائل الإعلام إلاّ بعد تنفيذها بنجاح لدواعٍ عسكرية وأمنية، مثلما حدث في تسليم المطلوب المصري هشام عشماوي نهاية مايو (أيار) العام الماضي».
ورد المحجوب على ما أثير حول تسليم عدد من (المرتزقة السوريين) الذين جلبتهم تركيا إلى دولهم، وقال: «نحن لم نسلم مطلوبين في الفترة الأخيرة، كما ردد البعض»، و«عندما تنتهي التحقيقات مع هذه العناصر التي تم إلقاء القبض عليها، سيتم التصرف معهم وفقاً لتعليمات القيادة العامة لـ(الجيش الوطني)، وقد يتم أيضاً الإعلان عن أعدادهم النهائية».
وكان رامي عبد الرحمن مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، قدّر في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» عدد المرتزقة السوريين الذين وقعوا أسرى بقبضة «الجيش الوطني» ما بين 10 و15 مقاتلاً، أما القتلى فتجاوز عددهم 268 شخصاً.
ولمح المحجوب إلى أن «عميلة تسليم هؤلاء (المرتزقة) للحكومة السورية، إذا ما صدر قرار من القيادة العامة بها، قد يتزامن معها أيضاً أن يتسلم (الجيش الوطني) بعضاً من العناصر الإرهابية الليبية المطلوبة». وقال: «نحن نحارب تنظيماً إرهابياً دولياً متمثلاً في جماعة (الإخوان) بفروعه الممتدة، التي تنسق مع بعضها بغالبية دول العالم، والآن يشهد الجميع عملية انتقال هذه العناصر الخطرة من سوريا إلى ليبيا»، متابعاً: «رصدنا بقوة وجود علاقة بين المتطرفين الليبيين الموجودين في سوريا، وبين من تم القبض عليهم بساحات المعارك في طرابلس، لذا نحن نتبادل المعلومات قبل أن نفكر في تسليم الأفراد والمطلوبين فيما بيننا وبين كافة الدول التي تتعامل معنا».
وكان المتحدث الرسمي باسم «الجيش الوطني»، اللواء أحمد المسماري، أعلن نهاية أبريل (نيسان) الماضي، أن قواته تمكنت من اعتقال الإرهابي المصري محمد السيد، خلال مواجهات بين «الجيش الوطني» وقوات «الوفاق» في طرابلس.
وقال المسماري في حينها إن السيد يُعدّ من أبرز مساعدي الإرهابي المصري هشام عشماوي، وهو متهم بمشاركته في جرائم إرهابية بمصر.
ويتوقع محللون وخبراء أمنيون أن يسلّم «الجيش الوطني» محمد السيد إلى السلطات المصرية، فور الانتهاء من التحقيقات معه، كما حدث مع عشماوي، الذي اعتقله الجيش في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2018، وجرى تسليمه لمصر في مايو (أيار) 2019، حيث جرت محاكمته وإعدامه في مارس (آذار) الماضي، لتورطه في عمليات إرهابية بمصر.
وفي السياق ذاته، قال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، طلال الميهوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ملف التعاون والتنسيق بين (الجيش الوطني) وعدد من الدول أصبح يقلقل تركيا والتنظيم الدولي لـ(الإخوان) كونه يهدد بفضح مخططاتهم الرامية لإشعال الفوضى بالمنطقة، وبالساحة الليبية تحديداً، لتحقيق مصالحهما وأطماعهما».
أما الباحث بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أحمد كامل البحيري، فيرى أن التعاون والتنسيق الأمني والعسكري بين «الجيش الوطني» والحكومة السورية، إذا ما تم تفعيله إلى مستويات عليا «فقد يسهم بدرجة كبيرة في تعزيز مكاسب الجيش على الأرض، خصوصاً مع توحُّد الرؤية بسبب خطورة التحالف (الإخواني - التركي) على الأمن القومي للبلدين ودول أخرى بالمنطقة».
وقال الباحث المختص في الشؤون الأمنية لـ«الشرق الأوسط» إن «الجيش السوري فضلاً عن خبرته بحرب العصابات التي تستنزف الجيوش النظامية، يمتلك الآن قاعدة بيانات لكثير من التنظيمات الإرهابية وبمعلومات دقيقة عن عناصرها وجنسياتهم ودرجة خطورتهم، وهذا يفيد (الجيش الوطني)، خاصة في الرصد المبكر إذا ما انتقلت تلك العناصر الإرهابية الخطرة من سوريا إلى ليبيا عبر تركيا، ورغبت في الانضمام لفروع تنظيماتها بليبيا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.