الرئيس اليمني يحذر من الفوضى ويدعو إلى الاستفادة مما يجري في سوريا والعراق

شدد على ضرورة الابتعاد عن الولاءات الضيقة بما في ذلك التعصب المذهبي

الرئيس عبد ربه منصور هادي
الرئيس عبد ربه منصور هادي
TT

الرئيس اليمني يحذر من الفوضى ويدعو إلى الاستفادة مما يجري في سوريا والعراق

الرئيس عبد ربه منصور هادي
الرئيس عبد ربه منصور هادي

قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، إن «هناك قوى لا تريد لليمن أن يستقر»، محذرا من «الانزلاقات والفوضى»، وفقا لوكالة الأنباء الرسمية. ودعا لـ«استنهاض المسؤولية الوطنية من أجل تلافي أي تداعيات قد تؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها»، مؤكدا على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة والمصداقية في التعامل مع القضايا الوطنية بما يخدم الأمن والاستقرار والوحدة. وحذر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من الانزلاقات والفوضى، وشدد في لقاء أمس مع قادة أمنيين على ضرورة الاعتبار مما يجري في سوريا والعراق وليبيا والصومال. وقال: «لا بد من أن نعتبر مما يجري في سوريا والعراق وليبيا، ولننظر أيضا إلى الصومال الجار القريب.. كيف تحول إلى الفوضى بعد انهيار الدولة منذ ما يزيد على عشرين عاما». وأضاف: «لم يتمكن الصومال حتى اليوم من إعادة وضعه إلى قبل تلك الأحداث والانهيارات». وشدد على ضرورة «الابتعاد عن الجهوية والمناطقية أو الولاءات الضيقة بكل صورها، بما في ذلك التعصب المذهبي». ونبه إلى أن «هناك قوى لا تريد لليمن أن يستقر»، دون ذكرها بالتفصيل. وقد استقبل الرئيس أمس وزير الداخلية وقيادات قوات الأمن الخاص (الأمن المركزي) لمناقشة الأوضاع من مختلف الجوانب ومعرفة تفاصيل مجريات الأمور التي حدثت، وأكد ضرورة معالجة الأخطاء وتطبيق الهيكل التنظيمي العسكري على أرض الواقع والعمل بما يحفظ الأمن والاستقرار ومواجهة ما يخل بالنظام والقانون.
وطالب هادي بتجسيد الوحدة الوطنية على أساس الكفاءات والقدرات العالية بعيدا عن الجهوية والولاءات الضيقة بكل صورها، بما في ذلك التعصب المذهبي، محذرا من الفوضى والاعتبار مما يجري في سوريا والعراق وليبيا، وكذلك الصومال الجار القريب، وكيف تحول إلى الفوضى بعد انهيار الدولة منذ ما يزيد على عشرين عاما ولم يتمكن حتى الآن من استعادة الأوضاع على ما كانت عليه.
ونبه هادي إلى أن هناك قوى لا تريد لليمن أن يستقر ولا بد من أن نقوم بأنفسنا من أجل تلافي أي تداعيات قد تؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها والحفاظ على مؤسسات الدولة. وحضر اللقاء نائب وزير الداخلية اللواء علي ناصر لخشع وقائد قوات الأمن الخاصة اللواء الركن محمد الغدراء وأركان حرب القوات الخاصة العميد عبد الرزاق المروني والقيادات الإدارية العليا لقوات الأمن الخاصة».
وفي سياق آخر، سير المقاتلون الحوثيون الشيعة دوريات ووقفوا للحراسة عند نقاط للتفتيش في مدينة رداع اليمنية بمحافظة البيضاء أول من أمس. وأصبحت حركة أنصار الله الحوثية هي القوة السياسية الرئيسة في اليمن منذ سيطرت على العاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول)، ثم توغلت في معقل السنة بمحافظة البيضاء. وطرد المقاتلون الحوثيون المدعومون من القوات الحكومية تنظيم القاعدة من أحد آخر معاقله في وسط اليمن في الآونة الأخيرة. وفي رد فعل على خسارة معاقله اتهم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب خصومه بالتحرك نيابة عن الولايات المتحدة، وهدد بمواصلة القتال ضدهم. وفي رسالة صوتية نشرت على مواقع المتطرفين على الإنترنت قال قاسم الريمي القائد العسكري لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب: «إن (جماعة) الحوثي هي البندقية المستأجرة الجديدة لأعداء الإسلام». وأشار الريمي في رسالته التي لم يتسن لـ«رويترز» على الفور التحقق منها، إلى مزيد من أعمال العنف بين المتشددين السنة والحوثيين. وقال بعض السكان في رداع إنهم أكثر سعادة الآن بعد سيطرة الحوثيين على محافظة البيضاء. وقال أحد سكان رداع يدعى محمد لطيف: «الحمد لله الآن.. الكل أصبحت حياته الطبيعية تعود إلى ما كانت عليه بعد أن اندحرت هذه الشلل العصابات الإجرامية الذين عاثوا في الأرض فسادا». وقال رجل آخر يدعى جابر شربح إن السكان كانوا يعيشون في كابوس من جرائم القتل والتفجيرات على مدار 4 سنوات، مضيفا أن الوضع الآن صار آمنا، وأن الناس يعملون والحياة أصبحت طبيعية.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».