سنوات السينما: ستيف ماكوينhttps://aawsat.com/home/article/2284296/%D8%B3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7-%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D9%81-%D9%85%D8%A7%D9%83%D9%88%D9%8A%D9%86
نظرات الممثل ستيف ماكوين كانت كافية للتعبير عما يشعر به حيال أي شخص أو أي شيء. كانت البديل الصحيح لصمته المناسب. لم يكن ليختار تفسير ما في داخله بالكلمات إلا حين الضرورة كأن يطرح سؤالاً أو يجيب عن آخر. عيناه كانتا فاحصتين، لكنهما في الوقت ذاته تميل إلى النظر بعيداً عن الناس داخل الفيلم وخارجه. وُلد في 24 مارس (آذار) سنة 1930 وتوفي في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1980 وظهر في 29 فيلماً امتدت من عام 1953 إلى عام وفاته. في معظمها حافظ على صورة ذلك الرجل الخارج عن المجتمع من دون أن يكون بالضرورة عدواً له. الرجل الذي يتميز بالبرودة الظاهرة بصرف النظر عما يشعر به في الداخل. هناك عبارة قالها ماكوين كجزء من حواره في فيلم The Cincinati Kid [نورمان جويسون، 1965] تقول: «أعيش لنفسي ولا أنتمي لأحد»، وخلال نحو 40 سنة من عمله بدا تماماً على هذه الصورة مع إيضاح بأن كلمة «نفسي» لا تعني أنانيته وانشغاله بذاته، بل تعني مبادئه التي يرفض التنازل عنها. هذا يتضح، على أفضل نحو، في «بوليت» (بيتر ياتس، 1968) حين لعب شخصية التحري الذي يرفض التعاون مع وكيل النيابة (روبرت ڤون) ذي الطموحات السياسية ويصر على إجراء التحقيق الذي يقوم به بنفسه. ربما يعود تكوينه لهذه الشخصية أمام الكاميرا لحياته حين كان فتى صغيراً بالتالي، هناك احتمال بأنه لم يكن يمثّل حالة يجلبها من بعيد أن يتدرب عليها مليّاً، بل كان يبقى في إطار ذاته كلما لعب دوراً من تلك التي جعلته أحد قمم ممثلي جيله. مثل عديدين رزحوا تحت وطأة معاناة نفسية شديدة، مرّ ماكوين بمراحل حياة صعبة في البداية. تخلى عنه والده قبل ولادته، وأودعته أمه لدى والديها. رعاه كذلك عمّه لبضع سنوات يعتبرها ماكوين، في مذكراته، أفضل سنوات حياته آنذاك. لكن متاعبه استمرت عندما استعادته والدته ليعيش تحت كنفها وكنف زوجها الجديد. هذه المصاعب وسواها سريعاً، مما جعلته يقرر أن عليه الاعتماد على نفسه وسبر غور الحياة من دون انتظار معاونة أحد له. وجد ماكوين نفسه أمام الكاميرا لأول مرّة سنة 1953 في دور صغير من «فتاة هاربة» (جوزف بل، 1953). بعد ثلاث سنوات دور صغير آخر في Somebody Up There Likes Me (إخراج روبرت وايز). وتحسن وضعه في فيلمه الثالث Neve Love a Stranger (روبرت ستيفنز، 1958) لكن الفيلم الذي أطلقه كان The Blob لإيرفن ييوورث الذي قاد بطولته كشاب يسعى لإنقاذ بلدة صغيرة من مخلوق يكبر حجماً كلما ابتلع ضحاياه. بعد سنوات قليلة (في 1960) كان من أبرز من لعب بطولة «الرائعون السبعة» لجون سترجز: وسترن حول سبعة من الرجال يقررون الدفاع عن قرية ضد عصابة تستبيحها. لجانبه في الفيلم يول برينر، تشارلز برونسون، روبرت فون، جيمس كوبرن وآخرين. كان الأكثر هدوءاً بينهم ومن القلة التي بقيت على قيد الحياة عند نهاية الفيلم. إلى جانب التمثيل أحب ماكوين قيادة العجلات النارية والسيارات ووجد من الأفلام ما يجمع بين كل هواياته الفنية والرياضية مثل «الهروب الكبير» (ستيرجز، 1963) و«بوليت». في 1972 مثل فيلمين جيدين لسام بكنباه هما «جونيور بونر» و«الفرار» (The Getaway) وبرع قبل ذلك وبعده في «قضية توماس كراون» (نورمان جويسون، 1968) و«بابيون» (فرانكلين شافنر، 1973). آخر فيلمين له كانا فيلم وسترن بعنوان «توم هورن» وسترن لويليام يارد عن رجل يحنو للحرية و«الصياد» لباز كوليك، أكشن كوميدي حول رجل يعيش اليوم بأفكار الأمس.
لم يكن اختيار فيلم «العملاق» لافتتاح الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي حدثاً احتفالياً فحسب، بل كان إعلاناً عن مسار فني يتقاطع فيه الجسد بالهوية.
انتزعت المخرجة التونسية كوثر بن هنية نجاحاً تضيفه إلى سلسلة نجاحاتها هذا العام بدخولها الترشيحات الرسمية لجوائز غولدن غلوبز في دورتها الثالثة والثمانين.
جوائز غولدن غلوبز تعلن ترشيحاتها لعام 2026https://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7/5217544-%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%A6%D8%B2-%D8%BA%D9%88%D9%84%D8%AF%D9%86-%D8%BA%D9%84%D9%88%D8%A8%D8%B2-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%AA%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AD%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-2026
انتزعت المخرجة التونسية كوثر بن هنية نجاحاً تضيفه إلى سلسلة نجاحاتها هذا العام بدخولها الترشيحات الرسمية لجوائز غولدن غلوبز في دورتها الثالثة والثمانين بفيلم «صوت هند رجب» كما ورد في إعلان ترشيحات هذه الجائزة يوم أمس الثلاثاء.
صوت أجنبي
«صوت هند رجب» الفيلم الذي يسرد حادثة مقتل الطفلة هند رجب، والذي شهد للآن نجاحات عديدة نقدية من خلال العروض الدولية التي بدأت في مهرجان ڤينيسيا في سبتمبر (أيلول) هذا العام، ينافس خمسة أفلام أخرى في قسم «أفضل فيلم أجنبي» ما يعزز احتمالات دخولها ترشيحات الأوسكار المقبلة التي سيُعلن عنها في الشهر المقبل.
أما الأفلام الخمسة الأخرى المنافسة فهي:
• «مجرد حادثة» (Just an Accident) لجعفر بناهي (فرنسا).
• «لا اختيار آخر» (No Other Choice) لبارك تشان ووك (كوريا الجنوبية).
• «العميل السري» (The Secret Agent) لكليبر مندوزا فيلو (البرازيل).
هذه منافسة قوية بين أعمال فنية جيدة سبقتها سمعة قوية منذ عروض هذه الأفلام في مهرجاني «كان» وڤينيسيا (كل من «صراط» و«صوت هند رجب» و«العميل السري» موجودة في عروض مهرجان البحر الأحمر حالياً).
سباق الأفلام
كالعادة تنقسم الأفلام المتنافسة على هذه الجائزة القيّمة إلى خمس مسابقات، ليست مسابقة أفضل فيلم أجنبي (أو «غير ناطق بالإنجليزية» كما يُعرف رسمياً) سوى واحدة منها. المسابقات الأربع الأخرى هي «أفضل فيلم درامي»، و«أفضل فيلم موسيقي أو كوميدي»، و«أفضل فيلم رسوم»، ومسابقة أفضل «إنجاز سينمائي وتجاري» (Cinematic and Box Office Achievement).
يقود الفيلم النيّر «معركة بعد أخرى» (One Battle After Another) مجموعة الأفلام المتسابقة للفوز بأفضل فيلم كوميدي أو موسيقي، والأفلام التي تنافسه في هذه البقعة من الجوائز هي:
• «بوغونيا» (Bugoonia) ليورغوس لانتيموس.
• «موجة جديدة» (Nouvelle Vague) لرتشارد لينكلاتر.
•«بلو مون» (Blue Moon) وهو فيلم للينكلاتر.
• «لا اختيار آخر» لبارك تشان ووك.
في مسابقة أفضل فيلم درامي ستة أفلام أيضاً هي:
• «فرانكنستين» (Frankenstein) لغييرمو دل تورو.
• «هامنت» (Hamnet) لكليو زاو.
• «مجرد حادثة» لجعفر بناهي.
• «العميل السري» لكلايبر مندوزا فيلو.
•«قيمة عاطفية» ليواكيم ترايير.
•«آثمون» (Sinners) لرايان كوغلر.
جسي بكلي كما تبدو في «هامنت»
احتمالات
وجود أفلام غير أميركية (مثل «مجرد حادثة»، و«العميل السري»، و«لا اختيار آخر» في هاتين المسابقتين يعكس أمراً من ثلاثة: إما الافتقار إلى ما يكفي من أفلام أميركية صالحة للمنافسة، أو اتباع تقليد جوائز الأوسكار التي باتت -منذ سنوات- توفر كماً ملحوظاً من الأفلام غير الناطقة بالإنجليزية، أو غير أميركية الإنتاج في سياق مسابقاتها الرئيسة، أو ربما الحالتان معاً.
هذه الأفلام المذكورة كانت عرضت في مهرجاني ڤينيسيا و«كان» ما يؤكد الصلة المشار إليها في مقال سابق لهذا الناقد حول العلاقة المتمادية بين مهرجانات السينما وجوائز الموسم الأميركي الذي يبدأ عملياً بهذه الجائزة.
الأفلام الكرتونية هي أيضاً ستّة، وهي:
• «إليو» (Elio).
• «دايمون سلاير» (Damon Slayer).
•«كبوب ديمون هنترز» (Kpop: Demon Hunters ).
• «ليتل أميلي» (Little Emelie).
• «زوتوبيا» (Zootopia).
هذه الأفلام وفّرتها أربعة مصادر هي اليابان، ومهرجان أنيسي الفرنسي، وشركتا «وولت ديزني»، ونتفليكس» الأميركيّتان.
«بوب: ديمون هنتر» (نتفليكس)
أما قسم «أفضل إنجاز سينمائي وتجاري» (وهو تقليد أطلقته هذه الجائزة قبل ثلاثة أعوام، فيحفل بثمانية أفلام بينها ما هو تكرار ترشيح ورد في مسابقات أخرى. هذه الأفلام هي:
• «أڤاتار: نار ورماد» (Avatar: Fire and Ashes) خيال علمي لجيمس كاميرون.
• F1 أكشن ودراما رياضية لجوزيف كوزينسكي.
• «بوب دايمون هنترز» أنيميشن من كريس أبلهانز.
• «مهمّة: مستحيلة-الحساب الأخير» (Mission: Impossible - Final Reckoning 2) من إخراج كريستوفر ماكوايري.
• «آثمون» أكشن لرايان كوغلر.
• «أسلحة» (Weapons) رعب من زاك كريغر.
•«أشرار للأبد» (Wicked For Good) فأنتازياً لجون أم شو.
• «زوتوبيا2» وهو رسوم من إخراج جارد بوش.
إذا ما كان هناك فائز على صعيد تعدد الترشيحات فهو «معركة بعد أخرى» لتوماس بول أندرسن. هذا الفيلم الممتاز يتحدّث عن أميركا التي تدخل وتخرج من معاركها السياسية المستمرة. في وجه منه هو عن ثورات السبعينات، وآخر عن أحوال أميركا اليوم، ومن خلال تداعيات، وأبعاد.
تدخل بطلته تشاس إنفينتي سباق أفضل ممثلة في فيلم كوميدي أو درامي لجانب كل من:
• روز بيرن عن «لو كان عندي ساقان لرفستك».
• جسي بكلي: «هامنت».
• جنيفر لورنس: «مت يا حبي» (Die My Love).
• رينات رايسنڤ: «قيمة عاطفية».
• جوليا روبرتس: «بعد الصيد» (After the Hunt).
• تيسا تومسون: «هيدا» (Hedda).
• إيڤا ڤكتور: «آسفة، حبيبي» (Sorry, Baby).
على الصعيد الكوميدي لأفضل ممثلة:
• روز بيرن: «لو كان عندي ساقان لرفستك».
• سينثيا إريڤو: «أشرار للأبد».
• كيت هدسون: «سينغ، سنغ بلو» (Sing Sung Blue).
• تشايس إنفينيتي: «معركة بعد أخرى».
• أماندا سايفرايد: «شهادة آن لي» (The Testament of Ann Lee.
• إيما ستون: «بوغونيا».
ليوناردو ديكابريو في «معركة بعد أخرى» (وورنر)
«معركة بعد أخرى» مشترك أيضاً في مسابقة أفضل ممثل في فيلم كوميدي أو موسيقي، والاختيار هنا رسا على ليوناردو ديكابريو كونه قاد بطولة هذا الفيلم. المنافسون الآخرون هم:
• جورج كلوني عن «جاي كَلي» (Jay Kelly).
• إيثان هوك عن «بلو مون».
• لي بايونغ هَن عن «لا اختيار آخر»).
• جسي بليمونز عن «بوغونيا».
• تيموثي شالامات عن «مارتي سوبريم».
على الصعيد الدرامي هناك نخبة أخرى لا بأس بها:
• جووَل إدغرتون: «أحلام قطار» (Train Dreams).
• أوسكار أيزاك: «فرنكنستين».
• دواين جونسون: «آلة مدمّرة» (Smaching Machine).
• مايكل ب. جوردان: «آثمون».
• واغنر مورا «العميل السري».
• جيريمي ألان وايت: «سبرينغستير خلّصني من لا مكان» (Sprignsteen Deliver Me From Nowhere).
في قسم أفضل تمثيل رجالي في دور مساند يبرز اسم بنيثيو دل تورو عن «معركة بعد أخرى» كذلك شون بن عن الفيلم ذاته. الباقون:
• جاكوب إلرودي عن دوره في «فرنكستاين».
• بول مسكال عن «هامنت».
• أدام ساندلرفي «جاي كَلي».
• ستيلان سكارغارد عن دوره في «قيمة عاطفية».
أما مسابقة أفضل ممثلة مساندة فنجد فيها:
• إميلي بلنت: آلة مدمّرة».
• إيل فانينغ: «قيمة عاطفية».
• أريانا غراند: «أشرار للأبد».
• إنغا إبسادوتر ليليانس: «قيمة عاطفية».
• آمي ماديغن: «أسلحة».
• تيانا تايلور: «معركة بعد أخرى».
واحدة من أصعب المعارك التي ينتظرها فيلم توماس أندرسن تكمن في مسابقة الإخراج، إذ يشترك عبر «معركة بعد أخرى». المنافسون:
• رايان كوغلر: «آثمون».
• غييلرمو دل تورو: «فرانكنستين».
• جعفر بناهي: «مجرد حادثة».
• يواكيم تراير: «قيمة عاطفية».
• كليو زاو: «هامنت».
المسابقتان الباقيتان اللتان تحملان اشتراكاً لفيلم «معركة بعد أخرى» هما مسابقة السيناريو، ومسابقة أفضل موسيقى.
تعلن النتائج في الحادي عشر من الشهر المقبل يناير (كانون الثاني) 2026.
تتجلى في مهرجان البحر الأحمر السينمائي المقام حالياً في جدة، معالم نهضة سينمائية سعودية متسارعة.
وقدّمت المخرجة شهد أمين في المهرجان، فيلمها الروائي الثاني «هجرة»، بعد 6 سنوات من فيلمها الأول «سيدة البحر». ومن يشاهد العملين يلمس بوضوح القفزة الفنية الكبيرة التي حققتها المخرجة. ويحكي الفيلم رحلة بحث على الطريق عن فتاة مفقودة.
في هذا العام أيضاً، أنجزت هيفاء المنصور فيلماً جديداً بعنوان «مجهولة»، يتناول حكاية جريمة ضحيتها امرأة مجهولة، تحاول امرأة أخرى تعمل في أرشيف مركز الشرطة بالرياض، كشف اللثام عن مرتكبها.
وبينما توجّه «هجرة» إلى مهرجان «ڤينيسيا» لعرضه العالمي الأول (ويمثّل حالياً السعودية في المرحلة الأولى من ترشيحات الأوسكار)، توجّه «مجهولة» إلى «تورونتو».
معالم نهضة سينمائية سعودية تتسارع في «مهرجان البحر الأحمر»https://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7/5217207-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9-%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D8%B1%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%87%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%B1
معالم نهضة سينمائية سعودية تتسارع في «مهرجان البحر الأحمر»
فيلم شهد أمين «هجرة»
ما تقوم به المؤسسات السعودية، الحكومية منها والخاصة، في سبيل توفير نهضة ثقافية وفنية شاملة يحدو بالمتابع إلى الوقوف على ما هو أكثر من مجرد تقدير الإنجازات وحدها، فهي لم تكن لتتحقق لولا ذلك الإيمان الكبير بجدوى هذه النقلة التاريخية وأهميتها في كلا المجالين.
مهرجان البحر الأحمر السينمائي وما أنجزه هذا العام من نشاط وتنظيم (ولو أن هناك مجالات تحسين أخرى في هذا الإطار) يجعل الدورة أفضل دورات هذا الحدث الكبير. لكن هذا الإنجاز لا يقف وحيداً؛ فهناك كل تلك المناسبات والمؤسسات الداعمة للسينما السعودية وتلك الأجنبية التي تختار السعودية شريكاً لها.
على سبيل المثال، هناك «هيئة الفيلم السعودي» تحت إدارة عبد الله آل عياف، الذي يقوم بجهد كبير في شتى الاهتمامات الموكلة إليه من توجيه ومؤتمرات وإصدارات وفعاليات. وهناك «جمعية الفيلم» التي يقودها أحمد الملا، والتي توسع حالياً دائرة نشاطاتها لتشمل شتى نواحي العمل السينمائي بعدما كانت، في السنوات الماضية، معنية بإدارة مهرجان الفيلم السعودي وحده (حدث سنوي يقع في الشهر الرابع من كل سنة).
مستقبل أكثر من واعد
يمكن إضافة هذا إلى العدد المتزايد من الإنتاجات السعودية على شقّيها: تلك التي تسعى لإيصال الفيلم بنجاح إلى المهرجانات الدولية، والأخرى المعنية بالنجاح في السوق المحلية.
هنا يكاد كل شق يناقض الآخر ويكمّله معاً؛ الأول فني، والآخر تسويقي. واحد يرمي لإثبات جدارة صانعي الأفلام التي يُتاح لها التوجه إلى العروض العالمية في المهرجانات والمناسبات السنوية، والآخر يريد الوصول إلى أكبر حجم ممكن من المشاهدين، حيث الموضوع وطرحه للجمهور السائد يحتلان الحيز الأول من الاهتمام.
لكن إذ تتوالى العروض من يوم لآخر وتزدحم سوق الفيلم بمئات الوافدين إليه مسجلةً نموّاً كبيراً لم يسبقه إليه أي مهرجان عربي آخر، يتأكد أن مستقبل السينما السعودية كامن في هاتين الناحيتين، وأن الشركات العاملة مثل «العُلا» و«إثراء» و«إنجاز» و«شاف» تواكب النهضة المنشودة بعزم أكيد. بذلك، يوفّر المهرجان للسينما السعودية أساساً هذه الفرصة الكبيرة لطرح الجديد والتخطيط لسواه.
طبعاً هناك، وسيبقى، تفاوت في النتائج. بعض الأفلام يعبر المسافة بين الغاية منه والتطبيق بنجاح، وأفلام أخرى تبدأ واعدة، لكنها تحيد عن كيفية معالجة المشروع الذي تتبنّاه.
مقارنة
قدّمت المخرجة شهد أمين خلال العام الحالي فيلمها الروائي الثاني «هجرة»، بعد 6 سنوات من فيلمها الأول «سيدة البحر». ومن يشاهد العملين يلمس بوضوح القفزة الفنية الكبيرة التي حققتها المخرجة خلال هذه الفترة.
يحكي الفيلم رحلة بحث على الطريق عن فتاة مفقودة، هي حفيدة امرأة متجهة لأداء الحج في مكة، وشقيقة الفتاة المرافقة لجدتها في هذه المهمة. ويمنح الاهتمام بالشخصيات وتفاعلاتها دراما واضحة التعبير، تجمع بين السلاسة والعمق الاجتماعي والفردي.
في هذا العام أيضاً أنجزت هيفاء المنصور فيلماً سعودياً جديداً بعنوان «مجهولة»، يتناول حكاية جريمة ضحيتها امرأة مجهولة، تحاول امرأة أخرى تعمل في أرشيف مركز الشرطة في الرياض كشف اللثام عن مرتكبها.
بينما توجّه «هجرة» إلى مهرجان «ڤينيسيا» لعرضه العالمي الأول (ويمثّل حالياً السعودية في المرحلة الأولى من ترشيحات الأوسكار)، حيث وجد ترحيباً نقدياً واسعاً، توجّه «مجهولة» إلى «تورونتو»، وحظي بأقل مما حظي به فيلما المنصور السابقان «وجدة» و«المرشّحة المثالية».
نبرة تلفزيونية
من حق أي مخرج اختيار الموضوع الذي يود طرحه. «وجدة» و«المرشّحة المثالية» كانا أكثر التزاماً بالرغبة في تقديم رؤية سعودية لوضعين اجتماعيين محليين. في «مجهولة» تتجه المخرجة لفيلم بوليسي يسرد قصة يمكن لها - في الأساس - أن تقع في أي مكان آخر. يقترب «مجهولة» من طرح موضوع المرأة كما فعلت في فيلميها السابقين، لكن بينما طرح الفيلمان السابقان قضية المرأة في إطار محلي خالص، يبدو فيلمها الجديد كما لو كان استنساخاً لفيلم تحريات عام، ولو أنه ما زال يضع المرأة في البطولة.
«مجهولة» لهيفاء المنصور
ليس العيب في اختيار النوع، بل في حقيقة أن تنفيذ الفيلم يجعله يبدو واحداً من تلك الأفلام التلفزيونية الأميركية (إنتاجاً ومعالجة) التي سادت منذ السبعينات على أيدي مخرجين مثل كريغ باكسلي، ووليام غراهام وبَز كوليك وغيرهم. وبعض أفلام هيفاء المنصور الأخيرة أُنتجت لحساب محطات تلفزيون أميركية، من بينها A City on Fire، وكانت من النوع البوليسي أيضاً.
بالفعل، يحمل «مجهولة» صفات أفلام التحريات البوليسية المنفذة تلفزيونياً. الجيد منها مشوّق، لكنها جميعاً سهلة السرد والتنفيذ كونها متوجهة إلى المشاهدين في منازلهم.
يدور «مجهولة» حول نوال (ميلا الزهراني، جيدة)، الفتاة المطلّقة باكراً، التي تُصاحب رجال الشرطة في الرياض إلى طريق صحراوي بعد اكتشاف جثّة امرأة مجهولة. تعمل نوال في قسم الوثائق والأرشيف وهي ليست شرطية. هذا لا يثنيها عن القيام بالتحقيق لمعرفة من هي هذه المرأة ولماذا قُتلت ومن ارتكب الجريمة. الإجابة مناطة بمفاجأة يصعب الحديث عنها دون حرق الفيلم. يتناول معظم الفيلم عناد نوال في التحقيق ومعارضة ضباط الشرطة لها لأن هذا «ليس شغلك»، كما قيل لها مراراً.
عنصر الصدمة
الجانب النقدي ليس موارباً، لكنه ليس مقصداً أساسياً أيضاً، ويتوزع بين خلفية الفتاة الشخصية (كونها أُجبرت على زواج مبكر ثم تطلّقت) وبين موقف رجال الشرطة الرافضين الأخذ بما تكشف عنه من دلالات، وبين ملاحظات عامة حول وضع المرأة عموماً.
لكن الفيلم نُفِّذ بأسلوب لا يتوقف عن توظيف المشاهد لخدمة سرد بلا نتوءات. على سبيل المثال، هناك مشهد تواجه فيه نوال بوابة مدرسة للبنات التي تطلب منها الانصراف. ما إن تسير مبتعدة خطوات قليلة حتى تطل أستاذة من باب آخر لتتمنى لها التوفيق. الأفضل كان ظهور الأستاذة في لقطة سابقة، بمفردها، تترقب ما يدور أو تستمع إليه، ما كان سيمنح الفيلم ترتيباً أجدى للقطات لتأكيد فكرة أو حضور.
وهذا يقودنا إلى توليف اعتمد مبدأ السهولة في التنفيذ. هناك مواقع يتم فيها استخدام عنصر المفاجأة البصرية (استيقاظ نوال من كابوس فجأة). تحقق تلك اللحظات الصدمة المرجوة. ما عدا ذلك، كل شيء يتم وفق ما ورد في سيناريو شاركت المنصور كتابته مع براد نايمان (شاركها كتابة «المرشّحة المثالية»، وكان في غالبه أكثر تحديداً وتركيزاً).
النهاية تحمل صدمة أخرى، لكنها من النوع الذي يُلغي المفادات السابقة تحت عنوان «وهنا المفاجأة الكبرى». هي مفاجأة بلا شك، لكنها لا تخدم الفيلم، بل تبدو دخيلة عليه.
ليس هناك من شخصيات أخرى غير نوال مكتوبة بهدف الإفصاح عمّا تتكوّن منه نفسياً أو درامياً. وهناك نوعان من الشخصيات: إناث يتعاونَّ مع نوال، وأخريات يرفضن التعاون أو يطلبن منها العودة لاحقاً لإتمامه. أما الرجال فجميعهم سلبيون؛ ليس بينهم من يهتم بمعلومات قد تُفيد القضية. يبدو أن المنصور رغبت في وضع بطلتها محاربة وحيدة، والرجال في ركن مواجه. ولو وُجد رجل إيجابي لانتزع من الرسالة التي تتبناها المخرجة شيئاً من جدواها. لكن هذا يبقى أفضل من أن تكون الشخصيات كلها (ذكوراً وإناثاً) سطحية. ولم يكن هناك خوف من انتقاص البعد المتعلق بوضع المرأة في مجتمع حذر ورافض معاً.
عدم رغبة المخرجة في «تعقيد» المواقف انعكس على معالجة الفيلم كما لو أنه خرج من عند الكوّاء: نظيف المنظر، وقرارات متخذة في الكتابة تبعاً للرغبة لا لما قد يحدث في الواقع، وتصوير مجرد يضمن وجوداً للكاميرا وتأطيراً بأبعاد وزوايا مختلفة، لكن بلا ابتكار مؤثر أو فاعلية استثنائية.