اليمين الألماني «المتطرف» يعزز «استثماره» في أزمة «كورونا»

جرائم الكراهية والعنصرية ارتفعت 19 في المائة وباتت أكثر عنفاً

TT

اليمين الألماني «المتطرف» يعزز «استثماره» في أزمة «كورونا»

أسبوعاً بعد آخر، يزداد أعداد المتظاهرين الذين يخرجون في ألمانيا اعتراضاً على إجراءات العزل والإغلاق التي تفرضها الحكومة للحد من انتشار وباء «كورونا». وفيما اقتصرت هذه المظاهرات في بداياتها قبل أسابيع على العشرات في العاصمة برلين، تحوّلت عطلة الأسبوع الحالي إلى مسيرات شارك فيها الآلاف في كل المدن الألمانية.
خليط من الخلفيات يشارك في هذه المظاهرات؛ فمنهم من يؤمن بنظريات المؤامرة ومنهم من مؤيدي اليسار المتطرف ومنهم، أو الجزء الأكبر الآن هم من مؤيدي اليمين المتطرف. هذه الفئة الأخيرة شجعتها مواقف السياسيين من حزب «البديل لألمانيا»، أكبر حزب معارض في البرلمان، وهو حزب يميني متطرف، يدعو الحكومة لرفع إجراءات العزل بالكامل ويتهمها باتخاذ إجراءات مبالغ بها مقارنة بحجم الوباء المنتشر.
ولكن مشاركة سياسي من حزب الليبراليين المعارض في إحدى هذه المظاهرات التي تم تنظيمها في ولاية تورينغن، جنباً إلى جنب مع سياسيين من حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف، أثار زوبعة انتقادات حتى من داخل حزبه. فزعيم الحزب كرستيان ليندر، كتب على «تويتر» أن تصرفات هذا السياسي، توماس كيميريش «تضعف حججنا ولا يمكنني أن أفهم تصرفاته».
ولم تكن هذه المرة التي يثير فيه هذا السياسي الليبرالي جدلاً كبيراً في ألمانيا. ففي فبراير (شباط) الماضي، انتخب رئيس لحكومة الولاية، بأصوات حزب «البديل لألمانيا» الذي تحالف معه كذلك حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» الذي تنتمي إليه المستشارة أنجيلا ميركل. هذا «التحالف الثلاثي» أثار صدمة حينها على المستوى السياسي، لأن العرف القائم هو عدم تحالف أي حزب مع اليمين المتطرف. وعاد كيميريش واستقال من المنصب بعد تدخل ميركل ورفضها تحالف حزبها مع اليمين المتطرف.
ويحاول «البديل لألمانيا» في الأيام الحالية، استغلال تزايد المشاعر لدى البعض الرافضين لاستمرار إجراءات العزل رغم أنه تم تخفيفها بشكل كبير، متحججين بأنها ضد المبادئ الأساسية للدستور التي تضمن الحريات. هؤلاء مقتنعون بأن الوباء ليس أخطر من الإنفلونزا العادية. ونواب «البديل لألمانيا» المشاركون في المظاهرات المتزايدة ضد إجراءات العزل، يخرجون بين المتظاهرين من دون أقنعة واقية ولا احترام تباعد المسافات بين الأشخاص. وهذا تحديداً ما فعله كذلك كيميريش من الليبراليين عندما خرج مع المظاهرة المعارضة لإجراءات المنع.
ويستغل اليمين المتطرف كذلك مؤيدي نظريات المؤامرة لنشر أفكاره العنصرية المحرضة ضد المسلمين واللاجئين واليهود، ويحمّله السياسيون مسؤولية تزايد جرائم الكراهية والجرائم العنصرية في العام الماضي. وبالفعل، أظهر التقرير السنوي الذي يحصي الجرائم العنصرية، أن هذه الجرائم تزايدت بـ١٩ في المائة في عام ٢٠١٩. ونشرت صحيفة «فيلت أم زونتاغ» نتائج التقرير الذي سيقدمه وزير الداخلية هورست زيهوفر يوم الثلاثاء المقبل. وللمرة الأولى، تزايدت الجرائم السياسية منذ عامين، بحسب هذا التقرير، وسجلت ارتفاعاً بنسبة ١٤ في المائة. وسجلت ألمانيا ٤١ ألف جريمة عنصرية عام ٢٠١٩ مقابل ٣٦ ألف جريمة عام ٢٠١٨. ومن هذه الجرائم، تعتقد الداخلية أن اليمين المتطرف مسؤول عن ٢٢ ألف جريمة، بزيادة ٩ في المائة على العام الذي سبقه. وسجلت الولايات الشرقية تزايداً لافتاً في هذه الجرائم، خصوصاً ولاية تورينغن حيث تحالف الليبراليون و«المسيحي الديمقراطي» مع «البديل لألمانيا».
وبحسب الشرطة، فإن الجرائم العنصرية أصبحت تتسم بعنف أكثر أيضاً. ونقلت الصحيفة عن نائب اتحاد الشرطة الفيدرالية يورغ راديك قوله إن الجرائم العنصرية «تصبح أكثر عنفاً بسرعة أكبر عندما تعتقد أن الأمر بات مقبولاً اجتماعياً».
وفي جريمة هاناو التي وقعت في فبراير (شباط) الماضي، حيث قتل رجل ٩ أشخاص في محلين للشيشة، معظمهم مسلمون، قبل أن يقتل نفسه، اتهم أقارب الضحايا والسياسيين «البديل لألمانيا» بالمسؤولية عن الجريمة. وقالوا إن الحزب يروّج لخطاب بات مقبولاً الآن؛ هو كراهية الأجانب.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».