وجدي الأهدل: {كورونا} رسالة للبشر ليتوقفوا عن تدمير الأرض

الروائي اليمني يرى أن بلاده عادت نصف قرن إلى الوراء

وجدي الأهدل
وجدي الأهدل
TT

وجدي الأهدل: {كورونا} رسالة للبشر ليتوقفوا عن تدمير الأرض

وجدي الأهدل
وجدي الأهدل

الأحداث التي يعيشها اليمن تذكر بالحرب الأهلية التي اندلعت في ستينات القرن الماضي بين الجمهوريين والملكيين، كما يقول الروائي اليمني وجدي الأهدل في هذا الحوار القصير معه. ومن هنا، فإن «من واجب الروائي أن يقوم بمهمة تبصير الناس بواقعهم السياسي». وبالطبع، لا يمكن أن يمر هذا الحوار من دون التطرق إلى ذكر جائحة العصر، كورونا، التي تمتلك «عقلاً من نوع خاص»، كما يعبر الأهدل التي صدرت له لحد الآن خمس روايات وسبع مجموعات قصصية وكتابان في السيناريو ومسرحية واحدة. وقد تُرجمت روايته «بلاد بلا سماء» إلى الإنجليزية والروسية، و«قوارب جبلية» إلى الفرنسية، كما ترجمت روايته «حمار بين الأغاني» إلى الإيطالية.
> كيف ترى إلى الأوضاع في اليمن في هذه الفترة؟
- لقد رجع اليمن نصف قرن إلى الخلف. وما يحدث اليوم يذكرنا بالحرب الأهلية التي اندلعت في ستينيات القرن الماضي، بين الجمهوريين والملكيين، وهي الحرب التي استمرت ثماني سنوات تقريباً، وراح ضحيتها حوالي مائتي ألف يمني، وهي حرب ضارية أكلت الأخضر واليابس، ولم تُبق حجراً على حجر.
> ما هو الحل من وجهت نظرك؟
- أعود للتذكير بالحرب الأهلية التي اشتعلت بسبب ثورة 1962 والسؤال كيف انتهت تلك الحرب؟ انتهت بمصالحة بين الجمهوريين والملكيين، برعاية المملكة العربية السعودية، ونحن نأمل أن تنتهي هذه الحرب أيضاً بمصالحة بين جميع الأطراف التي تعددت وتكاثرت.
> ماذا يمكن أن تقدم الرواية والروائي لواقع مثل الواقع اليمني؟
- يمكن للرواية أن تُساهم في الحل عن طريق تبصير القراء بأخطاء الماضي... هناك روايات يمنية تطرقت إلى الفساد السياسي في حقبة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح التي استمرت لثلث قرن، وأسست لهذا الواقع السياسي المتشظي الذي نراه اليوم.
لقد كتبت مثلاً رواية «حمار بين الأغاني» وفيها إدانة صريحة لجريمة الحرب على الجنوب في عام 1994 تلك الحرب التي ستظل وصمة عار لا تُمحى.
كذلك يمكن للرواية أن تستشرف المستقبل، وهذا لا يعني أن الروائي يتحول إلى متنبئ أو عراف، ولكنه يقوم بعملية استقراء للواقع فيستنتج كيف سيكون المستقبل. ومعظم الأعمال الروائية اليمنية التي تصادمت مع الواقع المفروض من السلطة خلال العقود الماضية تبث لنا الآن صحة رؤيتها.
> تبدو شخصيات رواياتك واقعية جداً... شخصيات مستمدة من الواقع، أكثر من كونها شخصيات متخيلة.
- بالتأكيد، الواقع غني بالشخصيات، والشخصية المأخوذة من الواقع يستطيع الكاتب أن يمنحها لحماً ودماً فتعيش بصورة طبيعية في النص، وأما الشخصيات المتخيلة المنقطعة الصلة بالواقع فلن تحيا، وستكون شخصيات ورقية مسطحة ومجردة من اللحم الحي.
> ماذا يمكن أن يكتشف الروائي في جائحة كورونا؟
- هذه حادثة تاريخية غريبة جداً، ولأول مرة يتمكن شيء ما من وقف البشرية عن تحطيم كوكب الأرض، والأغرب أن البلدان الصناعية هي التي ابتليت أكثر من غيرها بالانتشار الواسع لفيروس كورونا، ولكن هل فيروس كورونا يمتلك عقلاً؟ يبدو أنه يمتلك عقلاً من نوع خاص لا نعرفه بعد، لأنه في البلدان التي أغلقت فيها المصانع وأوقفت حركة المواصلات الكثيفة، وظهر فيها تحسن ملحوظ في البيئة مثل نقاء الهواء والأنهار والبحار، فإن الفيروس كان يتجاوب مع هذا التحسن ويُخفف من قبضته ويكاد يتلاشى... وكأنه يقول لنا توقفوا عن تدمير الأرض أيها الحمقى!
> كيف ترى العالم بعد كورونا؟
- العالم سيتغير حتماً بعد أن ضرب هذا الفيروس الأرض، وأول شيء سيتغير هو أسلوب العمل التقليدي، إذ من المتوقع أن تقوم الشركات بتوفير الكثير من مساحات المكاتب، وأن يقوم الموظفون بأعمالهم من منازلهم عبر شبكة النت. الوظائف التي تؤدى من المنزل ستظهر بكثرة، سيصير الإنسان أكثر ميلاً للعزلة وعدم الاختلاط بالآخرين. ربما تتضرر الوظائف والأعمال المتعلقة بالحشود، مثل دور السينما والمسرح والملاعب الرياضية، وسوف تتقدم الأعمال التي تتفق مع نظام البقاء في المنازل.
> ما هي آخر مشاريعك الثقافية؟
- أعمل الآن على مجموعة قصصية عنوانها «البيضة الزرقاء» وهي قصص تنتمي إلى ما يسمى أدب الخيال العلمي، وأعتقد أن فيروس كورونا الذي أرعب العالم سيوحي لي بدستة قصص تتعلق بهذا الاتجاه: صراع الإنسان مع قوى الطبيعة.
> كيف تبدأ يومك وكيف ينتهي؟
- يبدأ اليوم بالقراءة، إذا لم أفعل فإنني أشعر بفقدان التوازن وأن هناك شيئا ما ضائعاً! وأُنهي اليوم بتصفح النت، وهذه عادة سيئة أحاول التخلص منها، ولكن ما باليد حيلة، فهذا العالم الافتراضي يملك جاذبية هائلة لا تقاوم.



دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
TT

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

أعربت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن سعادتها لفوز فيلم «أرزة» بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكدةً أنّ سعادتها تظلّ ناقصة جرّاء ما يشهده لبنان، ولافتةً إلى أنّ الفيلم عبَّر بصدق عن المرأة اللبنانية، وحين قرأته تفاعلت مع شخصية البطلة المتسلّحة بالإصرار في مواجهة الصعوبات والهزائم.

وقالت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الوضع في لبنان يتفاقم سوءاً، والحياة شبه متوقّفة جراء تواصُل القصف. كما توقّف تصوير بعض الأعمال الفنية»، وذكرت أنها انتقلت للإقامة في مصر بناء على رغبة زوجها الفنان هاني عادل، وقلبها يتمزّق لصعوبة ظروف بلدها.

وفازت بو عبود بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وتشارك في بطولته بيتي توتل، والممثل السوري بلال الحموي، وهو يُعدّ أول الأفلام الطويلة لمخرجته ميرا شعيب، وإنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، وقد اختاره لبنان ليمثّله في منافسات «الأوسكار» لعام 2025.

في الفيلم، تتحوّل البطلة «أرزة» رمزاً للبنان، وتؤدّي بو عبود شخصية امرأة مكافحة تصنع فطائر السبانخ بمهارة ليتولّى نجلها الشاب توصيلها إلى الزبائن. وضمن الأحداث، تشتري دراجة نارية لزيادة دخلها في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تُسرق، فتبدأ رحلة البحث عنها، لتكتشف خلالها كثيراً من الصراعات الطائفية والمجتمعية.

دياموند بو عبود والمؤلّف لؤي خريش مع جائزتَي «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم في فخّ «الميلودراما»، وإنما تغلُب عليه روح الفكاهة في مواقف عدة.

تصف بو عبود السيناريو الذي جذبها من اللحظة الأولى بأنه «ذكي وحساس»، مضيفة: «حين عرض عليَّ المنتج المصري علي العربي الفيلم، وقرأت السيناريو، وجدت أنّ كاتبيه لؤي خريش وفيصل شعيب قد قدّماه بشكل مبسَّط. فالفيلم يطرح قضايا عن لبنان، من خلال (أرزة) التي تناضل ضدّ قسوة ظروفها، وتصرّ على الحياة». وتتابع: «شعرت بأنني أعرفها جيداً، فهي تشبه كثيرات من اللبنانيات، وفي الوقت عينه تحاكي أي امرأة في العالم. أحببتها، وأشكر صنّاع الفيلم على ثقتهم بي».

عملت بو عبود طويلاً على شخصية «أرزة» قبل الوقوف أمام الكاميرا، فقد شغلتها تفاصيلها الخاصة: «قرأتُ بين سطور السيناريو لأكتشف من أين خرجت، وما تقوله، وكيف تتحرّك وتفكر. فهي ابنة الواقع اللبناني الذي تعانيه، وقد حوّلت ظروفها نوعاً من المقاومة وحبّ الحياة».

واستطاعت المخرجة الشابة ميرا شعيب قيادة فريق عملها بنجاح في أول أفلامها الطويلة، وهو ما تؤكده بو عبود قائلة: «تقابلنا للمرّة الأولى عبر (زووم)، وتحدّثنا طويلاً عن الفيلم. وُلد بيننا تفاهم وتوافق في الرؤية، فنحن نرى القصص بالطريقة عينها. تناقشتُ معها ومع كاتبَي السيناريو حول الشخصية، وقد اجتمعنا قبل التصوير بأسبوع لنراجع المَشاهد في موقع التصوير المُفترض أن يكون (بيت أرزة). وعلى الرغم من أنه أول أفلام ميرا، فقد تحمّستُ له لإدراكي موهبتها. فهي تعمل بشغف، وتتحمّل المسؤولية، وتتمتع بذكاء يجعلها تدرك جيداً ما تريده».

دياموند بو عبود على السجادة الحمراء في عرض فيلم «أرزة» في القاهرة (إدارة المهرجان)

صُوِّر فيلم «أرزة» قبل عامين عقب الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت و«كوفيد-19»، وشارك في مهرجانات، ولقي ردود فعل واسعة: «عُرض أولاً في مهرجان (بكين السينمائي)، ثم مهرجان (ترايبكا) في نيويورك، ثم سيدني وفرنسا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، وكذلك في إسبانيا. وقد رافقتُه في بعض العروض وشهدتُ تفاعل الجمهور الكبير، ولمحتُ نساء وجدن فيه أنفسهنّ. فـ(أرزة)، وإنْ كانت لبنانية، فهي تعبّر عن نساء في أنحاء العالم يعانين ظروف الحرب والاضطرابات. وقد مسَّ الجميع على اختلاف ثقافتهم، فطلبوا عروضاً إضافية له. وأسعدني استقبال الجمهور المصري له خلال عرضه في (القاهرة السينمائي)».

كما عُرض «أرزة» في صالات السينما لدى لبنان قبل الحرب، وتلقّت بطلته رسائل من نساء لبنانيات يُخبرنها أنهن يشاهدنه ويبكين بعد كل ما يجري في وطنهنّ.

تتابع بتأثر: «الحياة توقّفت، والقصف في كل الأماكن. أن نعيش تحت التهديد والقصف المستمر، في فزع وخوف، فهذا صعب جداً. بقيتُ في لبنان، وارتبطتُ بتدريس المسرح في الجامعة والإشراف على مشروعات التخرّج لطلابه، كما أدرّس مادة إدارة الممثل لطلاب السينما. حين بدأ القصف، أصررتُ على البقاء مع عائلتي، لكن زوجي فضَّل المغادرة إلى مصر مع اشتداده».

وشاركت بو عبود العام الماضي في بطولة فيلم «حسن المصري» مع الفنان أحمد حاتم، وقد صُوّرت معظم المَشاهد في لبنان؛ وهو إنتاج مصري لبناني. كما تكشف عن ترقّبها عرض مسلسل «سراب» مع خالد النبوي ويسرا اللوزي، وبمشاركة زوجها هاني عادل، وإخراج أحمد خالد. وتلفت إلى أنه لم تجمعها مشاهد مشتركة مع زوجها بعد مسلسل «السهام المارقة»، وتتطلّع إلى التمثيل معه في أعمال مقبلة.