«الوطني الليبي» يقصف قاعدة معيتيقة... و«الوفاق» تسعى إلى إسقاط «الوطية»

قتلى وجرحى في اشتباكات عنيفة بطرابلس

أعمدة دخان تتصاعد عقب تعرض مناطق سكنية في طرابلس للقصف (أ.ف.ب)
أعمدة دخان تتصاعد عقب تعرض مناطق سكنية في طرابلس للقصف (أ.ف.ب)
TT

«الوطني الليبي» يقصف قاعدة معيتيقة... و«الوفاق» تسعى إلى إسقاط «الوطية»

أعمدة دخان تتصاعد عقب تعرض مناطق سكنية في طرابلس للقصف (أ.ف.ب)
أعمدة دخان تتصاعد عقب تعرض مناطق سكنية في طرابلس للقصف (أ.ف.ب)

بينما أعلن «الجيش الوطني الليبي» قصف قاعدة «معيتيقة» العسكرية، تعرضت العاصمة الليبية طرابلس لليوم الثالث على التوالي، أمس، لقصف صاروخي عنيف استهدف مطارها المغلق وعدة مناطق سكنية، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى. ونفى «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، مسؤوليته عنه، واتهم في المقابل القوات المسلحة الموالية لحكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، التي صعدت من هجماتها على قواعد الجيش الرئيسية في غرب البلاد.
واشتعل القتال مجدداً في طرابلس صباح أمس، حيث وقعت اشتباكات عنيفة، وتبادل للقصف بين الجيش وقوات الحكومة المعترف بها دولياً. وقال سكان محليون إنه ربما القصف الأعنف من نوعه منذ بدء الجيش عمليته العسكرية لـ«تحرير» المدينة في الرابع من شهر أبريل (نيسان) العام الماضي.
وقالت مصادر وسكان محليون إن حوالي 70 صاروخاً وقذيفة، على الأقل، تم إطلاقها على طرابلس. بينما اتهمت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات «الوفاق»، «الجيش الوطني» بقصف الأحياء السكنية في محيط مطار معيتيقة الدولي المغلق، ومنطقة باب بن غشير بأكثر من 80 صاروخاً، تسببت، حسب قولها، في مقتل مواطنين وعدد من الإصابات.
وأعلنت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة «الوفاق» أن القصف طال إحدى الطائرات الرابضة في المطار، حيث شوهدت طائرة تحترق بداخله. كما ارتفعت ألسنة اللهب، وأعمدة الدخان الكثيفة من داخل الجزء العسكري في المطار، الذي «يستخدم كغرفة لعمليات العسكريين الأتراك العاملين مع حكومة السراج».
وأعلنت عملية «بركان الغضب» في بيان أمس أن قصفاً تعرض له مطار معيتيقة أدى إلى تضرر طائرتي إيرباص (320) و(330) بعدد من الشظايا وخروجهما عن العمل كلياً.
وقصف «الجيش الوطني» بالمدفعية مجدداً، مساء أول من أمس، قاعدة معيتيقة العسكرية بطرابلس بعد ساعات من إعلانه دخول أربع طائرات حربية الخدمة. وكشف مسؤول عسكري بارز بـ«الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن استكماله مؤخراً «جاهزية منظومة دفاعه الجوي، مما يعني أن الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق فقدت التفوق الجوي في هجوم محتمل أو قادم»، على حد تعبيره.
وأضاف المسؤول، الذي رفض تعريفه ويقود أحد محاور قتال الجيش داخل طرابلس، أن العدو «ليس سوى خليط من الميليشيات لا يعني شيئا، ويعتمد بشكل أكبر على الطيران التركي المسير. لكن كفة الميزان مالت الآن لصالحنا وبقوة»، مدللا على ذلك بنجاح الجيش الوطني على مدى الأيام القليلة الماضية في إحباط هجمات الميلشيات المستمرة على مواقعه بالعاصمة، وإسقاط أكثر من طائرة تركية مسيرة، كان آخرها في محيط قاعدة الوطية».
في غضون ذلك، قالت المؤسسة الوطنية للنفط إن خزانات وقود الطيران بمطار معيتيقة الدولي في ليبيا أصيبت في هجوم وقع أمس، ما تسبب في اندلاع حرائق. وأضافت المؤسسة في بيان أن «حظيرة خزانات وقود الطائرات، التابعة لشركة البريقة لتسويق النفط في مستودع مطار معيتيقة الدولي، أصيبت وجاري التعامل مع الحرائق من قبل رجال الإطفاء الشجعان».
في المقابل، استمر هجوم قوات حكومة «الوفاق» على قاعدة (عقبة بن نافع) الوطية الجوية ومدينة ترهونة، أهم معاقل «الجيش الوطني» في غرب البلاد. وقال بيان للمتحدث باسم القوات المشاركة في عملية «بركان الغضب»، العقيد محمد قنونو، فجر أمس إنها شنت ست ضربات جوية داخل القاعدة وفي محيطها وطرق الإمداد إليها، استهدفت خلالها آليات عسكرية. بالإضافة إلى تحييد 70 عنصراً من قوات الجيش، ما بين قتيل وجريح.
كما نشرت العملية خريطة تظهر ما وصفته بتقدم قواتها في محاور جنوب طرابلس، ومحيط ترهونة وقاعدة الوطية، حيث تحتشد قوات «الوفاق» في عدة مناطق قريبة منها، تمهيدا على ما يبدو لشن هجوم بري جديد ووشيك على القاعدة، سيكون الثاني من نوعه خلال أسبوع واحد.
في المقابل، أعلنت «الكتيبة 134 مشاة»، المكلفة من «الجيش الوطني» بتأمين وحماية القاعدة عن مقتل 13 من جنود الجيش في قصف (طيران تركي) مساء أول من أمس على القاعدة ومدينة الرجبان. وتعهدت الكتيبة في بيان لها بأن «تدفع تركيا التي دخلت في هذه المغامرة غير المحسوبة، الثمن على كل ضرر ألحقته في ليبيا».
ووضع اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم «الجيش الوطني»، استهداف بعض السفارات في طرابلس في إطار محاولة من وصفها بـ«العصابات الإرهابية»، «ارتكاب جرائم وأفعال قذرة ضد السفارات الأجنبية من أجل تأليب الرأي العام الدولي على قوات الجيش، وأهداف الحرب التي تخوضها ضد التكفيريين والعصابات الإجرامية».
وبعدما نفت بشكل قاطع قيامها بهذه الأفعال التي تنافي المواثيق والقوانين والأعراف الدولية، ذكرت قيادة الجيش في بيان مساء أول من أمس، بأنه «طوال السنوات الماضية، وقبل أن تبدأ عملية طوفان الكرامة، كانت السفارات والبعثات الأجنبية عرضة للاستهداف والاعتداء والسرقة والنهب من طرف الميليشيات المسيطرة على العاصمة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.