بينما تجتمع معظم الأحزاب السياسية الفاعلة في الجزائر غداً لبحث مسودة تعديل الدستور التي أعلنت عنها الرئاسة أول من أمس، دعا عبد القادر بن قرينة، رئيس حزب «حركة الإصلاح الوطني» (إسلامي) مرشح «رئاسية» نهاية العام الماضي، إلى جعل مقترحات المراجعة الدستورية «عاكسة لإرادة التغيير الذي يتطلع إليه الشعب الجزائري».
وقالت مصادر من عدة أحزاب لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات التشكيلات الإسلامية (حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة، وحركة الإصلاح الوطني، والبناء) ستجتمع الأحد لدراسة وثيقة التعديلات الدستورية التي تسلمتها من الرئاسة لتقديم ملاحظاتهم، وخلاصة أفكارهم للدستور الجديد الذي سيعرض على الاستفتاء الشعبي، قبل إرسالها إلى الرئاسة.
ورفض بعض أعضاء هذه الأحزاب الخوض في الوثيقة قبل عقد اجتماعات لـ«مكاتبها الوطنية»، وأكدوا في اتصالات بهم أنهم بدأوا الخميس في إرسال المسودة إلى المناضلين بالهياكل المحلية لإبداء الرأي فيها، تمهيداً لصياغة موقف منها على المستوى المركزي.
وقال بن قرينة، في بيان أمس، بمناسبة مرور 75 سنة على مجازر ارتكبها الاستعمار الفرنسي بشرق البلاد، 08 مايو (أيار) 1945، إن الذكرى تزامنت مع «الإفراج» عن تعديل الدستور الذي تترقبه الطبقة السياسية، وعدَ ذلك «إشارة إيجابية وخطوة أولية سليمة نحو بناء الجزائر الجديدة التي حلم بها الشهداء. فلنجعل منها أيضاً تعبيراً عن مدى صدق النوايا، ومدى توفر إرادة سياسية لإحداث التغيير الذي يتطلع إليه الشعب، والذي عبر عنه من خلال انتفاضته الحضارية في حراكه المبارك».
وأكد بن قرينة أن حزبه «يترقب خطوات مقبلة (من جانب السلطة) على طريق إصلاح شامل، يكرس سيادة الشعب، وحماية وحدته الوطنية، وصون ثوابته وهويته، من خلال تجديد القواعد التي تنظم الممارسة السياسية، وبناء مؤسسات جديدة، وتمتين دعائم دولة الحق والقانون في مجتمع متماسك تتأصل فيه الحريات الفردية والجماعية وتنبسط».
يشار إلى أن أهم ما يتضمنه مشروع تعديل الدستور إمكانية أن يعين الرئيس نائباً له، وعودة منصب رئيس الحكومة (بدل وزير أول) الذي تخلى عنه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عام 2008، غير أن رئيس الحكومة لن يكون منبثقاً من الأغلبية التي تفرزها الانتخابات، بل يعينه ويقيله رئيس الجمهورية. ويعني ذلك أن طبيعة النظام السياسي، الرئاسي بصلاحيات واسعة، لن تتغير. في حين طالب قطاع من الطبقة السياسية باعتماد النظام البرلماني. ونصت التعديلات على إطلاق «محكمة دستورية»، بدل «المجلس الدستوري»، وتناولت قضية مهمة ظلت السلطات ترفضها منذ الاستقلال عام 1962، تتمثل في تمكين الجيش من تنظيم عمليات عسكرية خارج الحدود. وقال مراقبون إن ذلك مؤشر على تغير في عقيدة الجيش. وتعاطت الأحزاب المعارضة للسلطة بتحفظ شديد مع مسعى تعديل الدستور، عندما أعلن عنه في بداية العام، وخاصة «جبهة القوى الاشتراكية» (أقدم حزب معارض)، و«حزب العمال» اليساري، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية».
ويطرح «العمال» و«القوى الاشتراكية» فكرة «مجلس تأسيسي» يكون بديلاً لكل المؤسسات، ويتولى صياغة دستور جديد يحدد بدقة، حسبهما، مهام الهيئات، وخاصة الرئاسة والحكومة والقضاء والبرلمان، وإحداث فصل حقيقي بين السلطات، مع إبعاد الجيش عن السياسة بشكل لا رجعة فيه.
وتم تداول هذه الأفكار خلال مظاهرات الحراك الشعبي العام الماضي، وخاصة عشية انتخابات الرئاسة التي جرت في 12 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي. غير أن السلطة، وخاصة رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح (توفي بعد 5 أسبوعين من الاستحقاقات)، رفضتها بشدة، بذريعة أنها «مغامرة تقود البلاد إلى مصير مجهول». ويتوقع أن تطرح المعارضة هذا المشروع من جديد، في حال ردت على مشروع الرئاسة. وفي المقابل، يرجح متتبعون حصول إجماع لدى أحزاب السلطة على مسودة الدستور، وخاصة «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي» و«الحركة الشعبية الجزائرية» و«تجمع أمل الجزائر»، وكل زعماء هذه الأحزاب في السجن بتهم فساد ذات صلة بقربهم من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وعائلته.
الأحزاب الجزائرية تبحث غداً مسودة التعديل الدستوري
المعارضة تتمسك بمشروع «المجلس التأسيسي»
الأحزاب الجزائرية تبحث غداً مسودة التعديل الدستوري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة