كيف تشكل الجزر مرافئ أمان وسط عاصفة فيروس «كورونا»؟

مجموعة الجزر المتنازع عليها والتي تعرف في اليابان باسم جزر سينكاكو (أرشيفية - رويترز)
مجموعة الجزر المتنازع عليها والتي تعرف في اليابان باسم جزر سينكاكو (أرشيفية - رويترز)
TT

كيف تشكل الجزر مرافئ أمان وسط عاصفة فيروس «كورونا»؟

مجموعة الجزر المتنازع عليها والتي تعرف في اليابان باسم جزر سينكاكو (أرشيفية - رويترز)
مجموعة الجزر المتنازع عليها والتي تعرف في اليابان باسم جزر سينكاكو (أرشيفية - رويترز)

مع بدء تخفيف إجراءات العزل في جزيرة قبرص، سارع ميخاليس إيفيليدس إلى الشاطئ القريب من منزله ليعبر بسرعة رماله البيضاء ويلقي بنفسه في مياه البحر.
وقال الشاب، البالغ 39 عاماً والذي يسكن في منتجع أيانابا الذي يعدّ مقصداً للسياح في الجزيرة المتوسطية: «أنا سعيد جداً لأنه صار بإمكاني زيارة الشاطئ والسباحة لأول مرة هذا العام».
وبدأت الحكومة القبرصية هذا الأسبوع السماح للناس بارتياد الشواطئ منذ حظر السباحة في الأماكن العامة في مارس (آذار) الماضي. كما بات بإمكان السكان الخروج من منازلهم 3 مرات بدلاً من مرة واحدة يومياً، وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وقبرص واحدة من مجموعة من الدول الجزر المفتوحة أمام السياح مثل آيسلندا ومالطا ونيوزيلندا التي بدأت مؤخراً تخفيف إجراءات الإغلاق أو هي تتحضر لذلك. والقاسم المشترك بين هذه الجزر هو أنها نجحت حتى الآن في احتواء انتشار فيروس «كورونا» إلى حد بعيد. فقد فرضت قبرص حظراً على الوافدين منذ 21 مارس بعد إصدار أوامر بإغلاق المدارس ومنع التجمعات الداخلية في 11 مارس، ليتوج ذلك بفرض حظر تجول أواخر الشهر الماضي.
ويبدو أن هذه الإجراءات قد أثمرت؛ فالوفيات التي أعلن عنها جراء «كوفيد19» توقفت عند الرقم «15»، مع تخفيف الحكومة إجراءات الإغلاق الاثنين. وهذا جعل الجزيرة تتصدر تصنيف أفضل 7 بلدان في الاتحاد الأوروبي من ناحية معدل الوفيات بالنسبة إلى عدد السكان.
وصُنفت قبرص أيضاً من بين أفضل 10 بلدان في العالم في فحوص الإصابة بالفيروس، تبعاً لعدد السكان، حسبما أظهرت أرقام موقع «وورلد ميتر» للبيانات الديموغرافية. وتشمل المراتب الأولى آيسلندا أيضاً، في حين تحتل مالطا المرتبة الرابعة في العالم.
إلى ذلك؛ تأتي مالطا في المركز الثالث بين الدول الأوروبية في أقل عدد من الوفيات. لم تضطر آيسلندا إلى فرض إجراءات عزل على الإطلاق، وساعدها على ذلك الكثافة السكانية المنخفضة بشكل ملحوظ على أراضيها.
وبدلاً من ذلك، أعلنت عن قيود وإرشادات غير ملزمة تحدّ من حجم التجمعات لتقتصر على 20 شخصاً أولاً، ثم رفع العدد المسموح به الاثنين إلى 50 شخصاً.
ولا يشك كيارتان هراين نيالسون، مساعد مدير الصحة الآيسلندي إطلاقاً بالإجراءات التي اتبعتها بلاده لاحتواء الفيروس ونجاحها في ذلك. وعددها قائلاً: «تعقّب المخالطين والاكتشاف المبكر للإصابات والحجر والعزل والنظافة الشخصية الملائمة». وأضاف: «هذه الإرشادات مهمة؛ سواء كنت في قبرص أو آيسلندا أو في فرنسا».
لكن نيالسون أقر بأهمية عدد السكان المنخفض للدول الصغيرة مقارنة بنظيراتها الكبيرة. وقال: «هذا يساعد كثيراً عندما يتعلق الأمر بحشد الناس وحضهم على المساعدة. نحن 360 ألف نسمة فقط، مما يعطينا فرصة لبناء حس مشترك يتعلق بهذه الأفعال».
وجهة النظر هذه يعكسها أيضاً كونستانتينوس ماركيس، الأستاذ المساعد للصحة البيئية في «جامعة قبرص» الذي قال: «مجتمعات الجزر أكثر تجانساً وأسهل من أجل التواصل»، مضيفاً أن العوامل التقنية ساعدت الدول الصغرى على المضي قدماً بالاختبارات بشكل أسرع.
إجراء الفحوص كان لافتاً أيضاً في جمهورية شمال قبرص التركية، وهو كيان انفصالي تم إنشاؤه بعد الغزو التركي للجزيرة عام 1974 رداً على انقلاب عسكري مدعوم من اليونان.
وخضع أكثر من 14 ألف شخص لفحص فيروس «كورونا» في الشمال؛ حيث يعيش 300 ألف نسمة، في حين لا يزال عدد الوفيات هناك متوقفاً عند الرقم 4، وفقاً للسلطات.
وفي جمهورية قبرص تبلغ الكثافة السكانية 131 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد؛ أي أكثر من تلك المسجلة في فرنسا (119 في الكيلومتر المربع) حيث تبلغ حصيلة الوفيات أكثر بقليل من 390 في المليون.
وفي الوقت نفسه، في جزيرة مالطا تسجل كثافة سكانية عالية جداً تبلغ 1375 لكل كيلومتر مربع.
وتم إغلاق المطار الوحيد في مالطا في 20 مارس، والوسيلة الوحيدة لدخول الجزيرة منذ ذلك الحين كانت عبر طائرات الإجلاء. ولم تخفف الجزيرة حتى الآن من القيود الداخلية، لكنها تخطط لذلك بشكل متدرج جداً.
وأشار البروفسور ماركيس إلى أنه «قد يكون من المهم أخذ الكثافة السكانية في الحسبان في هذا الوقت»، عندما تبدأ السلطات خفض القيود.
وسيركز برنامج الاختبارات القبرصي الآن بشكل كبير على الأشخاص العائدين إلى العمل، وفق وزير الصحة كونستانتينوس يوانو، الذي لا شكوك لديه حول ضخامة التحدي الماثل أمامه.
وقد تتمكن قبرص من مواصلة مكافحة الفيروس بفاعلية، وهو أمر ليس مضموناً إطلاقا بأي حال من الأحوال مع زيادة التفاعلات الاجتماعية هذا الأسبوع، لكن سيبقى من الصعب للغاية الانفتاح على دول العالم.
وهذا ما ستكون له تبعات على قطاع السياحة، وهو مكوّن رئيسي لاقتصادي مالطا وآيسلندا.
وتابع يوانو أن الخيار الآخر هو اختبار السياح إما عند مغادرتهم بلدهم الأصلي أو عند وصولهم ، ولكن من المحتمل أن يتطلب ذلك أنظمة اختبار تؤدي إلى نتائج فردية في غضون ساعة.
من بين أولئك الذين يخشون المستقبل، إيلينا إسحاق التي فتحت أول مطعم لها في أيانابا قبل عقد من الزمن. وهي تدير الآن 3 مطاعم وتوظف نحو 50 شخصاً. وقالت: «لا يمكننا البقاء من دون سياح»، مضيفة: «هذا مستحيل».


مقالات ذات صلة

تصريحات صادمة لفاوتشي: لا أساس علمياً للتباعد الاجتماعي خلال كورونا

الولايات المتحدة​ أنتوني فاوتشي طبيب الأمراض المعدية وكبير المستشارين الطبيين لدى الإدارة الأميركية خلال عهدي ترمب وبايدن (أرشيفية - أ.ف.ب)

تصريحات صادمة لفاوتشي: لا أساس علمياً للتباعد الاجتماعي خلال كورونا

أثارت تصريحات لأنتوني فاوتشي طبيب الأمراض المعدية الجدل بعد قوله إن بعض إجراءات التباعد التي اتخذت وقت كورونا لم يكن لها أساس علمي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا جنود أوكرانيون على مشارف كييف (أرشيفية - رويترز)

كيف عززت حرب أوكرانيا و«كوفيد» حظوظ اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية؟

أظهرت أزمتان تاريخيتان هما جائحة «كوفيد-19»، وحرب أوكرانيا مزايا أوروبا، بحسب بروكسل، لكنهما مع ذلك عزّزتا موقع أحزاب اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

مرضى «كورونا طويل الأمد» أكثر عرضة للاكتئاب... و«الصعوبات المالية»

أفادت دراسة علمية جديدة بأن الأشخاص الذين يعانون من «كورونا طويل الأمد» أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق بمرتين، وأنهم يواجهون «صعوبات مالية» أكثر من غيرهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا (من اليمين) الرئيس الكوري الجنوبي يون سيوك-يول ورئيس الوزراء الصيني لي تشيانج ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في سيول (إ.ب.أ)

بكين وطوكيو وسيول تتفق على «نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية»

أعاد قادة كوريا الجنوبية والصين واليابان الاثنين تأكيد التزامهم «نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية» خلال قمّتهم الأولى منذ خمس سنوات التي نُظمت في سيول

«الشرق الأوسط» (سيول)
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

بفعل متغيرات «مراوغة» وسريعة الانتشار... هل نحن مهددون بموجة جديدة واسعة من «كورونا»؟

حذَّر عدد من العلماء من خطر فئة جديدة من متغيرات فيروس «كورونا»، مشيرين إلى أنها قد تتسبب في موجة جديدة من الإصابات في فصل الصيف.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور في أستراليا

أعلنت أستراليا الأسبوع الماضي عن أول حالة إصابة بشرية بإنفلونزا الطيور لدى طفل (رويترز)
أعلنت أستراليا الأسبوع الماضي عن أول حالة إصابة بشرية بإنفلونزا الطيور لدى طفل (رويترز)
TT

اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور في أستراليا

أعلنت أستراليا الأسبوع الماضي عن أول حالة إصابة بشرية بإنفلونزا الطيور لدى طفل (رويترز)
أعلنت أستراليا الأسبوع الماضي عن أول حالة إصابة بشرية بإنفلونزا الطيور لدى طفل (رويترز)

قالت حكومة ولاية فيكتوريا الأسترالية، اليوم الثلاثاء، إنه تم اكتشاف سلالة شديدة العدوى من الفيروس المسبب لمرض إنفلونزا الطيور في مزرعة دواجن ثالثة بالولاية.

وذكرت الحكومة في بيان أن الفحوصات أكدت اكتشاف السلالة «إتش7 إن 3» من الفيروس. وهذه السلالة تختلف عن السلالة «إتش 5 إن 1» التي انتشرت في الطيور والثدييات في أنحاء العالم في الأعوام القليلة الماضية، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأعلنت أستراليا الأسبوع الماضي عن أول حالة إصابة بشرية بإنفلونزا الطيور لدى طفل قالت السلطات إنه أصيب بالعدوى في الهند لكنه تعافى تماماً، في حين تم رصد سلالة مختلفة شديدة العدوى في مزرعة لإنتاج البيض.

وانتقلت عدوى إنفلونزا الطيور إلى البشر وأنواع أخرى من الثدييات منها الماشية المنتجة للألبان في الولايات المتحدة في مارس (آذار)، مما أثار مخاوف من تحولها إلى فيروس ينتقل بين البشر ويثير جائحة.

غير أن المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها قال إن الخطر على العامة لا يزال منخفضاً.