محامون جزائريون يتهمون تبون بـ«التأثير على القضاء»

سجن صحافي بتهمة «التخابر» يثير جدلاً

TT

محامون جزائريون يتهمون تبون بـ«التأثير على القضاء»

قال محامون جزائريون يدافعون عن الصحافي السجين خالد درارني، مراقب منظمة «مراسلون بلا حدود» والمتهم بـ«التخابر» مع السفارة الفرنسية، إن الرئيس عبد المجيد تبَون «مارس ضغطاً على القضاة ومسَ بسير التحقيق»، في القضية التي تثير جدلاً كبيراً في الجزائر. وذكرت هيئة دفاع عن الصحافي في بيان أن تبَون «بنى موقفه (من الصحافي) على معلومات مغلوطة، فموكلنا لم تتابعه النيابة بتهمة التخابر ولا أي تهمة أخرى تقترب منها، ولا حتى وقائع الملف تحاكي هكذا سياقات». وكان الرئيس قد صرَح الجمعة الماضية، خلال لقاء مع مسؤولي 4 صحف، بثه التلفزيون الحكومي، أن الصحافي درارني، دون ذكره بالاسم، «تصرَف كخبارجي (ناقل للأخبار) عندما توجه إلى إحدى السفارات لنقل أطوار الاستنطاق الذي تعرض له»، في إشارة إلى استجواب الصحافي من قبل الجهاز الأمني، منذ ثلاثة أشهر، بسبب نشاطه الصحافي وانخراطه في الحراك الشعبي المعارض للنظام.
وأثارت كلمتا «خبارجي» و«استنطاق» حفيظة العديد من الصحافيين والحقوقيين، لأن درارني يعمل مراسلاً للقناة التلفزيونية الفرنسية «تي في 5». وأشار تبون إلى ذلك على سبيل أن الصحافي اشتكى للفرنسيين ما وقع له أثناء التحقيق معه، وهي حادثة غير ثابتة، حسب عائلته. كما استنكر الرئيس «ضجة حدثت مؤخرا بسبب ما سمي مساساً بحرية التعبير، بينما يتعلق الأمر بثلاثة أو أربعة صحافيين ينتمون لوسائل إعلام ممولة من الخارج»، في إشارة إلى حجب صحيفتين إلكترونيتين وإذاعة تبث على الإنترنت، بحجة أنهم يتلقون تمويلا من الخارج وأن القانون يمنع ذلك، وهو ما نفاه مسؤولو هذه المؤسسات. وبدوره قال وزير الإعلام عمار بلحيمر، الأسبوع الماضي، إن «هناك صحافيين يزرعون الفتنة»، في إشارة إلى درارني ووسائل الإعلام التي تم حجبها.
وتم إيداع الصحافي درارني رهن الحبس الاحتياطي منذ شهر ونصف الشهر، بتهمتي «المس بالوحدة الوطنية» و«التحريض على التجمهر غير المرخص». وكان بصدد تغطية مظاهرة في العاصمة يوم 7 مارس (آذار) الماضي عندما تم اعتقله ووضعه تحت الرقابة القضائية، ثم بعد أسبوعين أمرت غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف في العاصمة، بسجنه. وأكد بيان المحامين المدافعين عنه أن «التصريحات المتكررة لمسؤولين في وظائف كبيرة حول ملفات مطروحة أمام القضاء، تعد مساساً بالمبادئ المكفولة دستوريا، واهمها قرينة البراءة وكذا الفصل بين السلطات، كما تشكل ضغطا على القضاة وتأثيرا عليهم وتمس بسرية التحقيق. وهي أيضا بمثابة إصدار أحكام وتدخلا مباشرا في عمل القضاة يمنعه قانون العقوبات».
وقد هاجم تبون في اللقاء الصحافي، منظمة «مراسلون بلا حدود» بشدَة، وقال إن أمينها العام «عنصري ويدعي الديمقراطية»، وتحدث عن تاريخ أجداده، غير المشرَف حسب تبون، بالجزائر أيام الاستعمار. وكان يقصد روبير مينار، أمين عام المنظمة سابقاً الذي غادرها منذ 12 سنة، وربما كان الرئيس يعتقد أنه لا يزال يقودها. ومينار رئيس بلدية في فرنسا حاليا فاز في الانتخابات بفضل تحالفه مع اليمين المتطرف. وجاء الردَ من الأمين العام الحالي للمنظمة، كريستوف دولوار، عبر حسابه على «تويتر»، قائلاً إنه «يأسف لاستحضار الماضي في مشكلات تخص الحاضر»، مؤكداً بأن «سجن خالد درارني غير قانوني».
وكتب الصحافي البارز نجيب بلحيمر بخصوص موقف الرئيس، قائلاً «هل وجهت لخالد درارني تهمة التخابر مع دولة أجنبية؟ حسب القرار الذي وضع بموجبه رهن الحبس المؤقت لا وجود لهذه التهمة. كيف يمكن لرئيس دولة أن يوجه اتهاما صريحا بالتخابر لشخص يوجد رهن الحبس ولم تتم محاكمته ولم ترد هذه التهمة في قرار حبسه المؤقت؟ إن هذه الإشارات تمثل تجاوزا صريحا لقرينة البراءة، من طرف من يفترض أنه القاضي الأول في البلاد، وهو تشجيع صريح لحملات التخوين التي طالت جميع المعتقلين والذين لم تثبت على أحد منهم تهمة التخابر، وتمت تبرئة معظمهم من طرف المحاكم، رغم أنهم بقوا في السجن لفترات وصلت إلى ستة شهور».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».