مغاربة يطالبون بسحب قانون استعمال شبكات التواصل الاجتماعي

انتقدوا «الحجر على حرية الرأي والتعبير»

TT

مغاربة يطالبون بسحب قانون استعمال شبكات التواصل الاجتماعي

اتسعت دائرة الرافضين لصيغة متداولة لمشروع قانون يتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي، وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة بالمغرب، لتشمل مزيداً من النقابيين والمثقفين والمبدعين والسياسيين، ورواد شبكات التواصل الاجتماعي. وطالب المكتب التنفيذي للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان بـ«ضرورة إخضاع أي مشروع قانون للتشاور العمومي، بمشاركة المنظمات الحقوقية وأصحاب المصلحة، إذا كان مرتبطاً بحقوق الإنسان»؛ و«إحالة هذه المشروعات على المجلس الوطني لحقوق الإنسان قصد إبداء الرأي»؛ و«ضرورة احترام التزامات المغرب الدولية والمقتضيات الدستورية، المرتبطة بحقوق الإنسان»؛ معلناً «رفضه التام لجميع المقتضيات التي تمس بحرية الرأي والتعبير»؛ ودعا إلى «سحب المشروع إلى أن تستوفى جميع الشروط السابقة».
من جانبها، عبرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية عن «استهجانها»، و«رفضها» للمشروع المتداول «جملة وتفصيلاً»، وقالت إنها «تعتبره من أكثر القوانين التي عرفها المغرب خطورة، والتي تستهدف حرية التعبير والصحافة والنشر والتفكير»؛ حيث «يناقض كل المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحرية التعبير والصحافة والنشر وحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب»، مع دعوتها الحكومة إلى «السحب الفوري لهذا المشروع».
وسجلت النقابة «باستياء وأسى عميقين» إقدام الحكومة على «المصادقة على هذا المشروع المتخلف في ظروف صعبة تواجهها بلادنا، إثر انتشار وباء (كورونا) الخبيث»، وأنها «تعمدت محاولة استغلال هذه الظروف لتمرير قانون يضرب في العمق جميع المكاسب التي راكمها المغرب لحد الآن، في مجال حرية الصحافة وحقوق الإنسان».
وعبر برلمانيون، من المعارضة والغالبية، عن مواقف سلبية من المشروع. وفي هذا السياق، دعت النائبة أمينة ماء العينين، من حزب «العدالة والتنمية» إلى «اتخاذ موقف مبدئي ضد أي صيغة تمنع الناس من ممارسة حقهم في الانتقاد والتعبير عن الرأي»، مع استغرابها «الدس الغريب وغير المفهوم لفصول تقود إلى سجن من يعبر عن رأيه السلبي من سلعة، أو خدمة، باعتباره مستهلكاً يؤدي مقابلاً لها، دون القيام بأي فعل منافٍ للقانون بعرقلة إنتاجها، مع تغليف ذلك بعنوان مريب وفضفاض وخطير، هو (المس بالنظام العام الاقتصادي)»، قبل أن تختم بأن «الخيار الأمثل بعد رفض هذا المشروع شعبياً هو سحبه وعدم إحالته على البرلمان».
من جهته، قال النائب عمر بلا فريج، المنتمي لـ«فيدرالية اليسار الديمقراطي»، إن الأمر يتعلق بـ«مشروع قانون شبح»، إذ «لا شيء رسمي»، مشيراً إلى أن «طريقة التسريب والتفاعلات ورسالة الوزير المكلف حقوق الإنسان، كل ذلك (فيه إنَّ)»، قبل أن يشدد على أن «ما تسرب يتضمن أشياء خطيرة».
في غضون ذلك، نسخ عدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، على حساباتهم نصاً مع إرفاقه بصورة شخصية، يتضمن موقفاً رافضاً لمواد المشروع المتداول، نقرأ فيه: «أنا كمواطن مغربي يحق لي أن أقاطع أي منتوج، وأن أعلن مقاطعتي لأي منتوج، وأن أعبر عن رأيي في أي ظرف. فهذا حقي كمستهلك... ومن حقي أن أنشر أي محتوى إلكتروني أردت، دون أن أجرح أحداً، ودون أن أنشر مغالطات أو أكاذيب تمس الغير... نعم للحجر الصحي، ولا وألف لا للحجر على الرأي والتعبير».
ونشرت جريدة «الاتحاد الاشتراكي»، لسان حال حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، المشارك في الحكومة، أمس: «حقائق وتوضيحات» بخصوص مشروع القانون، تضمنت انتقاد «ممارسات بعض الوزراء» التي «أبانت عن إرادة واضحة في بناء الزبونية السياسية»، قبل أن تشدد على جملة من البديهيات العامة، ركزت فيها على أن «اكتساب صفة المشروع لهذا النص يفترض وجوباً وحسماً أن يكون قد غادر أروقة الحكومة، وتأسيساً عليه، يصبح إذاك مشروعاً يعرض على المؤسسات المخول لها دستورياً النظر فيه كمشروع. وهو ما لم يكتسبه النص المعروض حالياً للتقدير العام؛ بل يمكن الذهاب بعيداً بالقول إن رفضنا للتلاعب والركوب السياسي والتخوين الضمني، لا يضاهيه في العمق سوى تشبثنا بتاريخنا وتراثنا المجيد في النضال من أجل حريات بلادنا ومواطنينا»؛ لتخلص إلى القول بأن «الشرط الموضوعي هو الذي يجعل هذا النص أو ذاك جديراً بالاهتمام، والمغرب وهو يتجاوز شروط مواجهة الفيروس وما ترتب عنه آنياً، يكون قد تجاوز كل التباسات الوضع التي كانت وراء النقاش الخاص بهذا النص، وإن لم يكن رسمياً، مما يقتضي رفع اليد عنه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».